سياسة لبنانيةلبنانيات

ما هي علاقة التصعيد السياسي القائم بمعركة انتخابات رئاسة الجمهورية؟

اضرابات واحداث وتجاوزات ترفع نسبة التوتر وتسيء الى سمعة البلد

تشهد الساحة السياسية المزيد من التوتر والتصعيد وتؤشر الى تضاءل الامل بتشكيل حكومة جديدة. فرغم النداءات الدولية المتكررة، يستمر المسؤولون في مواقفهم المتصلبة والتي تربطها بعض المصادر بمعركة انتخابات رئاسة الجمهورية. وفيما ينتظر رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي تحديد موعد له لزيارة قصر بعبدا والتباحث في تشكيل الحكومة الجديدة، فانه يهتم اكثر بالعمل كرئيس حكومة تصريف اعمال، وكأنه اصبح على يقين من ان التشكيل مستبعد، وان الحكومة الحالية باقية الى نهاية العهد.
هذا التوتر المتصاعد يرتبط بما لا يقبل الشك بالمرحلة المقبلة وبانتخابات رئاسة الجمهورية. فهناك اطراف عينها على الرئاسة رغم ما يعترض وصولها من عقبات، وهي ماضية في العمل على عرقلة كل من يقف بوجهها. وهناك محاولات ووساطات يقوم بها البعض لجمع الاضداد. فلتحقيق الغايات يصبح كل شيء مباحاً.
هذا التشنج يقطع الطريق على الحلول للازمات المتراكمة فوق رؤوس اللبنانيين، الذين يفاجأون كل يوم بضربة جديدة. فيما الاضرابات والاعتصامات تتزايد وتشل البلد وتعطل اعمال المواطنين. فموظفو القطاع العام، رفضوا اقصى ما تستطيع الحكومة تقديمه لهم، من اعطاء معاش شهر اضافي مقابل كل شهر، ورفضوا رفع بدل النقل الى 95 الف ليرة يومياً، مقابل ان يداوموا يومين في الاسبوع، وغير ذلك من الحوافز. وكان رفضهم مستغرباً فهم يعلمون ان الدولة اعجز من ان تقدم لهم اكثر من ذلك. فامكاناتها معدومة، وحتى ما عرضت تقديمه يشكل عبئاً على المواطنين جميعاً وهم في الطليعة. فماذا يريدون وهم ادرى بالوضع؟ هل يريدون ان تتكرر الاوضاع التي سببتها سلسلة الرتب والرواتب والتي امعنت في ضرب الاقتصاد. يقال: «اذا اردت ان تطاع فسل المستطاع». فلماذا هذا الاصرار على الاضراب الذي يسيء اليهم والى الدولة؟ هل دخلت السياسة على الخط لتعرقل الحلول؟
وفي ظل هذا الغياب التام للمسؤولية، تقع في كل يوم حادثة تسيء الى القطاعات والادارات والى البلد ككل. فيوم امس حضرت قوة من مديرية امن الدولة، الى امام مصرف لبنان، بعد ان داهمت منزل حاكم المصرف رياض سلامة في الرابية وفتشته. الا ان هذه القوة لم تدخل الى المصرف بعد صدور اشارة من القاضي المناوب في النيابة العامة الاستئنافية في بيروت رجا حاموش قضت بمنع القوة من الدخول. الا ان النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون حضرت الى المصرف وتمكنت من الدخول برفقة عدد من عناصر امن الدولة وتمكنت من الوصول الى الطبقة الموجود فيها مكتب الحاكم ولم تدخله، وغادرت بعد ان قالت: «اتت اشارة من القاضي رجا حاموش لاخلاء المكان». الرئيس ميقاتي علق على الحادث بقوله: «نأسف للطريقة الاستعراضية التي تتم فيها معالجة ملفات قضائية حساسة، لها ارتباط بالاستقرار النقدي في البلاد، مما يعرض البلد لاهتزاز لا تحمد عقباه».
واضاف: «مداهمة المصرفي المركزي بهذا الشكل الاستعراضي، وسط تداخل الصلاحيات بين الاجهزة القضائية، ليس الحل المناسب لمعالجة ملف حاكم مصرف لبنان».
وتابع: لسنا متمسكين باحد ولا ندافع عن احد، بل نتمسك بالقضاء العادل بعيداً عن الاستنسابية، مع الحرص على سمعة لبنان الغالية دولياً». وقال «ان المطلوب ان تتم معالجة ملف حاكم مصرف لبنان بتوافق سياسي مسبق على حاكم جديد للبنك المركزي، ولتأخذ القضية مجراها القانوني المناسب بعد ذلك».
وعلى الاثر اعلن موظفو المصرف المركزي الاضراب العام لثلاثة ايام وهذا يعني شل كل الاعمال النقدية والمصرفية والتحويلات لشراء المواد الضرورية، وسيعودون الى الاجتماع يوم الاثنين فان لم تتوقف هذه الاعمال التي وصفوها بالميليشياوية فانهم سيعلنون الاضراب المفتوح.
كل ذلك ما كان ليحصل لو ان السلطة متحملة مسؤولياتها كاملة، وقادرة على ادارة البلد، الا ان الفلتان المستشري والعلاقات المقطوعة بين المسؤولين، يفتحان المجال امام مثل هذه التصرفات والويلات التي تضر الى اقصى حد سمعة البلد.
في هذا الوقت يواصل وفد مجموعة العمل الاميركية للبنان جولاته على المسؤولين والفعاليات مستطلعين، وموجهين النداءات بضرورة الاسراع في تشكيل حكومة وتحقيق الاصلاحات. وهذا ما يفعله ايضاً منسق المساعدات الدولية للبنان المسؤول الفرنسي بيار دوكان الذي يزور لبنان، وهو ايضاً يطالب بالاسراع في الاصلاحات وتلبية شروط صندوق النقد الدولي، الباب الوحيد المتاح امام لبنان للنهوض من جهنم الغارق فيها. لان الاتفاق مع الصندوق يفتح المجال امام الكثير من المساعدات الدولية التي ستتدفق على لبنان. فهل يعي المسؤولون خطورة الوضع، وهل يتخلون عن مصالحهم الخاصة، من اجل هذا البلد الذي نكبته منظومة مدمرة قضت على كل شيء فيه؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق