سياسة لبنانيةلبنانيات

القضاء يؤكد استقلاليته والمصارف تقفل ابوابها والحكومة تعاني الفوضى والارباك

ملفان بارزان شغلا الاوساط الرسمية في نهاية الاسبوع. الاول كان ترسيم الحدود البحرية، والثاني الازمة التي نشبت بين القضاء وجمعية المصارف فالى ماذا انتهت الامور؟
بالنسبة الى ترسيم الحدود البحرية، عقد اجتماع في القصر الجمهوري ضم الرؤساء ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي وصدر على اثر الاجتماع بيان جاء فيه ان لبنان يطلب من الولايات المتحدة متابعة الجهود لانهاء هذه القضية بما يضمن حقوق لبنان كاملة وهذا يعني العودة الى المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل برعاية الامم المتحدة.
وبالنسبة الى الملف الثاني المتعلق بالازمة بين القضاء وجمعية المصارف. فقد اعلنت الجمعية الاضراب يومي الاثنين والثلاثاء، الامر الذي اربك الحكومة فدعا رئيسها نجيب ميقاتي الى جلسة طارئة لمجلس الوزراء عقدت في السراي الحكومي، استدعي اليها رئيس مجلس القضاء الاعلى ومدعي عام التمييز ورئيس التفتيش القضائي، في خطوة لم تكن موفقة، اذ ان السلطة القضائية ليست جزءاً من الادارة، بل هي مستقلة وقائمة بذاتها. لذلك رفض المسؤولون القضائيون الحضور، احتراماً لمبدأ فصل السلطات. فانتهى اجتماع مجلس الوزراء بدون مقررات. واكتفى بتكليف وزير العدل تسوية ما قال عنه رئيس الحكومة انه خلل في القضاء. وبدأت التعليقات بان بعض القضاة تجاوزوا صلاحياتهم، وعلى مجلس القضاء ان يتدخل لتسوية الامور واعادتها الى نصابها. الا ان ما صدر عن مجلس الوزراء، وما اذاعه الرئيس ميقاتي بنفسه، في حوار مع الصحافيين، لم يعجب جمعية المصارف وقررت المضي في الاضراب ودعت الى اجتماع عقد يوم امس الاحد صدر على اثره قرار بالمضي بالاضراب، على ان يصدر بيان يوم الثلاثاء، يحدد الخطوات المقبلة. في هذا الوقت اعلن اتحاد موظفي المصارف تأييده لقرار الاضراب وحمل على الحكومات متهماً اياها بانها انفقت بلا حساب حتى اوصلت البلاد الى هذا الوضع. كما ان جمعية اصحاب الودائع لجأت الى القضاء المستعجل طالبة الغاء الاضراب، حفاظاً على حقوق المودعين ومصالح الناس.
اللافت كانت الهفوة الكبيرة التي ارتكبها الرئيس نجيب ميقاتي، والتي تدحض كل كلام سابق عن انه مع استقلالية القضاء وعدم تدخل السلطة السياسية في شؤونه، فاعلن رداً على سؤال ان القاضي الذي لا يريد ان يتعاون فليذهب الى البيت. فكان هذا الكلام كافياً ليؤكد مدى هيمنة السياسيين على السلطة القضائية، وقد اعتبر نقطة سوداء في سجل الحكومة، خصوصاً بالنسبة الى الخارج الذي يراقب عن كثب، كل ما تقوم به السلطة السياسية التي فقدت ثقة المجتمعين العربي والدولي. وقد جاء اللقاء السعودي – الفرنسي الذي جرى في بداية الاسبوع في باريس، من اجل مساعدة الشعب اللبناني. ليؤكد فقدان الثقة. وعلم ان مسؤولاً فرنسياً (دوكان) سيزور لبنان في الايام المقبلة ليطلع على ما وصلت اليه المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي، كما سينسق مع بعض الجمعيات كيفية توزيع المساعدات التي قررها الاتفاق السعودي – الفرنسي دون ان يكون للحكومة اي دور في الموضوع. وهذا يعكس فقدان الثقة بالمنظومة السياسية المتحكمة.
انطلاقاً من هذه الوقائع جرى اتصال بين رئيس الحكومة ووزير خارجية الكويت احمد ناصر الصباح، وجرى بحث في المبادرة الكويتية التي تسعى الى تسوية الخلافات اللبنانية – الخليجية، وما تقوم به الكويت تجاه لبنان لاخراجه من ازمته الخانقة. وقد رحب الوزير الكويتي بما تقوم به الحكومة اللبنانية لتقريب وجهات النظر. الا ان المسؤولين الخليجين، يعتبرون ان لبنان لم يستجب الى المطالب كاملة كتطبيق قرارات الامم المتحدة وغيرها رغم علمهم بان هناك مطالب هي فوق قدرة الدولة على تلبيتها وتتطلب جهوداً عربية ودولية لحلها.
بناء على ما تقدم اقفل الاسبوع على بقاء الامور عالقة تنتظر جدية وصدقاً في التعامل لحلها، مع الابتعاد كلياً عن المناكفات السياسية التي تخرب كل العلاقات.
هذا بالنسبة الى الامور السياسية، وتبقى الازمات المتتالية التي تجعل حياة اللبنانيين مستحيلة دون تمكن المسؤولين من ايجاد حل لها. ذلك ان المنظومة تتصرف في القضايا المعيشية بلا مسؤولية ودون التطلع الى احوال الناس المزرية، بحيث اصبحت سلة الضرائب والرسوم التي تبرز الى العلن يومياً اكبر بكثير من قدرة المواطنين على الايفاء بها. والحل لم يعد للمنظومة قدرة على ايجاده، او انها غير راغبة في ذلك، لانصرافها الى الاهتمام بمصالحها الخاصة بعيداً كل البعد عن مصلحة البلاد والناس. فهل يقدر الله للبنان رجالاً يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والارادة فينقذون هذا الشعب المعذب، خصوصاً وان اضراب المصارف زاد من عذابه وهدد بازمة محروقات وعودة طوابير الذل امام المحطات، فضلاً عن اضراب اصحاب الصهاريج التي تنقل المحروقات غداً الثلاثاء. كان الله بعون لبنان واللبنانيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق