دولياترئيسي

ايران: «حكومة تكنوقراط» اول مواجهة لروحاني مع المحافظين

في احتفالية شعبية،  لم تكن تخلو من «الشماتة» بانصار احمدي نجاد، ادى الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني اليمين الدستورية لولاية تمتد اربع سنوات مقبلة، وسط تحليلات تشير الى ان المرشد الاعلى للثورة آية الله علي خامنئي وعد بتقديم التسهيلات اللازمة له. وهي التسهيلات التي يجمع محللون على انه فيما اذا لم يحصل عليها لن تكون مهمته سهلة. غير ان محللين تعمقوا في قراءة المشهد يرون ان مهمة روحاني لن تكون سهلة بكل الاحوال، وحتى لو حصل على دعم المرجعية العليا.

القراءات تشير الى تعقيدات متراكمة في المشهد العام، وخلافات متجذرة في الرؤى السياسية محورها رفض واسع لتولي التيار الاصلاحي مقاليد الامور.                                                                                        والمشكلة – كما يراها بعض المحللين – تتجاوز عملية الثقة، لكنها تتوقف عند الاطار التفصيلي للحكومة، اضافة الى المشاريع والطروحات المستقبلية، خصوصاً التي تكون بحاجة الى قرارات برلمانية، أو تلك التي تندرج ضمن اطار الحق البرلماني في اجراء المراجعات بشأنها.
فقد نزل آلاف الإيرانيين إلى شوارع طهران للاحتفال بأداء رجل الدين المعتدل حسن روحاني اليمين الدستورية رئيساً لايران، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية. وجاءت الاحتفالات مزدوجة، حيث عبر انصاره عن فرحتهم بفوزه من جهة، وبرحيل سلفه محمود احمدي نجاد المحافظ المتشدد الذي تولى الرئاسة على مدى ثماني سنوات لولايتين متتاليتين من جهة اخرى، مرددين شعارات مؤيدة للتيار الاصلاحي ومطالبين بالمزيد من الحريات. وهاتفين «احمدي، باي باي».

هتافات مؤيدة
امتلأت غالبية الشوارع والساحات في وسط المدينة بجموع المحتفلين، في حين انتشرت أعداد كبيرة من قوات الامن تراقب ما يحدث عن بعد. وهتفت الحشود ضد نجاد، ولصالح روحاني الذي وصفه المحتفلون بـ «الشجاع»، والذي  فاز في الانتخابات من الدورة الاولى بعد حصوله على 18،6 مليون صوت من اصل 36،7 مليون صوت، أي 50،68 في المئة، متقدماً بفارق شاسع على خمسة مرشحين محافظين بينهم القائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف. روحاني، وفي اول مؤتمر صحافي له بعد اداء اليمين ايذاناً بتنصيبه، كشف عن بعض جوانب الاعتدال في برنامجه السياسي والاقتصادي. لكنه لم يبتعد كثيراً عن ثوابت الدولة، الامر الذي وصفه بعض متابعي المشهد بانه نوع من الحذر. فقد شدد على اهمية التفاوض لحل الازمة السورية. ما يعني تغليبه للحل السياسي، الا انه ابدى نوعاً من التشدد في بعد آخر، حيث دعا الى طرد المجموعات الارهابية من سوريا وهي المجموعات التي تقاتل الى جانب الثورة، والتي ينتمي اغلبها الى التيار السني وتندرج ضمن اطار «جبهة النصرة»، و«دولة العراق والشام الاسلامية». وقال روحاني في اول مؤتمر صحافي له بعد تسلمه منصبه: «لا بد من حل الازمة في سوريا عبر التفاوض بين كل المجموعات والحكومة، وعبر الانتخابات والديموقراطية».
وكان روحاني التقى في طهران رئيس الحكومة السورية وائل الحلقي الذي شارك في حفل تنصيبه. ودان روحاني خلال استقباله الحلقي «الوجود الارهابي والتدخلات الاجنبية في سوريا» معرباً عن الامل في أن يكون شاهداً في مستقبل قريب على اقرار السلام والامن في سوريا.
وتدعو ايران التي تعتبر الحليف الاول للنظام السوري، الى حل سياسي في سوريا، الا ان المعارضة تتهمها بارسال الاسلحة الى نظام الرئيس بشار الاسد، الامر الذي تنفيه. والذي لم يتطرق اليه الرئيس المعتدل، والذي يقول بعض المصادر انه يبدي تحفظاً على مستوى الدعم الذي تقدمه الجمهورية الاسلامية للنظام السوري.
وفي المؤتمر الصحافي نفسه اعلن روحاني، ان ايران مستعدة لاجراء «مفاوضات جدية» مع القوى العظمى لحل الازمة النووية الايرانية. وقال: «اننا مستعدون لمفاوضات جدية من دون اضاعة الوقت» مع القوى العظمى في مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين والمانيا)، مؤكداً انه «واثق من انه اذا كان الطرف الاخر مستعداً فان مخاوفه ستزول سريعاً» واعتبر روحاني البرنامج النووي «مسألة وطنية». وربط بين  تشدد الحكومة  في الحقوق النووية، و«المطابقة للقواعد الدولية». وخلص الى انه طبقاً لهذه المعادلة فإن حكومته لن تتنازل عن «حقوق الامة» لكنها ستؤيد «الحوار والتفاهم». ووعد بتبديد قلق الغربيين في هذا الملف سريعاً. واكد توافر الارادة السياسية لحكومته لتسوية الملف ضمن جملة من الثوابت، ابرزها «الحفاظ على الحقوق الايرانية، وتبديد قلق الجانب الاخر». الامر الذي اعتبره محللون طرحاً جديداً قوامه التجاوب مع المتطلبات الغربية ليس في وقف البرنامج النووي، وانما في تقديم كل ما يبدد تخوفاتهم.

حكومة جديدة
في تلك الاثناء، قدم الرئيس الايراني حسن روحاني حكومته المؤلفة من مجموعة وزراء  وصفهم بانهم من «التكنوقراط من ذوي الخبرة»، واعداً بان تضع حكومته في رأس سلم اولوياتها السعي الى انهاض الاقتصاد الذي قال ان العقوبات الاقتصادية قد انهكته. وشدد على اقامة علاقات جيدة مع الغرب حول الملف النووي. وقدم روحاني لائحة بأسماء وزراء حكومته امام مجلس الشورى بعيد قسم اليمين، مع ان الدستور يتيح له فترة اسبوعين لانجاز هذه الخطوة.
واعضاء الحكومة الجديدة الذين يفترض ان يمنحهم مجلس الشورى الثقة خلال عشرة ايام، هم تكنوقراط ذوو خبرة خدموا مع الرئيسين السابقين اكبر هاشمي رفسنجاني (1989-1997) والاصلاحي محمد خاتمي (1997-2005). ومن ابرز الوزراء في الحكومة السفير السابق لايران لدى الامم المتحدة (2002-2007) محمد جواد ظريف الذي تولى وزارة الخارجية. وقد اضطلعت هذه الشخصية المعتدلة بدور نشط في المفاوضات النووية. والمعروف عنه انه نسج علاقات مع مسؤولين سياسيين اميركيين عندما كان في منصبه بنيويورك.
ويجمع محللون على ان حكومة روحاني ستحصل على ثقة البرلمان، الذي يسيطر عليه التيار المحافظ. لكنهم يرون ان تلك الثقة ستكون عرضة للمراجعة مع اول قرار مفصلي يمكن ان تتخذه. كما ان الثقة ستكون عرضة للمراجعة الدورية، وبما يؤدي الى اعاقة عملها، ورفع منسوب الصعوبة في ما يخص قراراتها، خصوصاً القرارات الخاصة بالنواحي السياسية والاقتصادية والملف النووي. وفي الوقت نفسه يثير البعض تخوفات من احتمال مراجعة الثقة ببعض الوزراء، ولو من قبيل تعطيل عمل الحكومة.

طهران – «الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق