سياسة عربية

ما سر استخدام «داعش» لسيارات «تويوتا»؟!

ما هو مصدر سيارات «تويوتا»، اليابانية الصنع، التي يستخدمها بشكل لافت تنظيم «الدولة الإسلامية» في تحركاته؟ سؤال عادة ما طرحه المتتبعون بل أن الولايات المتحدة تدخلت على الخط اليوم وواجهت الشركة اليابانية بالسؤال عينه. فكيف يحصل التنظيم على هذه السيارات الرباعية الدفع؟ وما هو سر إقباله عليها؟

عندما يستعرض تنظيم «الدولة الإسلامية» قوته العسكرية في أشرطة فيديو تنشر على الإنترنت، عادة ما تظهر صفوف طويلة من سيارات «تويوتا»، اليابانية الصنع، تحديدا، ما أثار الكثير من التساؤلات حول مصدر هذه السيارات والكيفية التي يحصل بها التنظيم على كل هذا الكم منها.
القضية أخذت منحى آخر اليوم بتقديم الولايات المتحدة طلباً رسمياً إلى شركة «تويوتا» لمعرفة الطريقة التي يحصل بها التنظيم على هذا النوع من السيارات الحديثة الصنع، وفق ما أعلنته محطة «سي إن إن» قبل أيام. ولا يخفي مراقبون أميركيون أسفهم على كون سيارات من طراز «هايلكس» و«لاند كرويزي»، وهي من صنع «تويوتا»، أصبحت بمثابة ماركة ملتصقة بتنظيم «الدولة الإسلامية».
لكن رد الشركة اليابانية لم يأت بأي جديد، ونفى أن يكون له أي علم بالكيفية التي يضع بها تنظيم «الدولة الإسلامية» يده على كل هذه السيارات المصنعة من قبلها، وأكدت أنها غير قادرة على تقديم فكرة حول الموضوع، مشيرة إلى أنها أوقفت تسويق منتجاتها في سوريا منذ سنوات عدة.

ما مصدر هذه السيارات؟
في غياب أي دليل قطعي يؤكد مصدر هذه السيارات، تطرح احتمالات حول طريقة كسب التنظيم للعربات اليابانية الصنع، أقرب هذه الاحتمالات إلى الواقع فرضية حصول التنظيم عليها من العراق، حيث تضاعفت مبيعات هذه السيارات لثلاث مرات بين 2011 و2013 حسب قناة «أ بي سي» الأميركية.
ويحتمل أن تكون الكثير من سيارات «تويوتا» حصل عليها التنظيم في العراق عن طريق وسطاء مجهولين، وتقدر أعدادها بالآلاف حسب تصريح الخبير العراقي في شؤون الجماعات الإسلامية هشام الهاشمي لفرانس 24.
ويحددها الهاشمي في ثلاث فئات، «فئة غنائم عسكرية من مخازن نينوى والصينية في العراق وكلها من نوع ٢٠١٣ بيك آب يطلق عليها التنظيم اسم الدوسرية، وعددها ٢٣٠٠ سيارة كانت تتبع لوزارة الدفاع، وقسم غنائم مدنية من معارض ومخازن السيارات ومن الحكومة المحلية في نينوى وصلاح الدين ويقدر عددها بـ٤٠٠ سيارة نوع لاندكروز تويوتا وهي دفع رباعي وتشمل حوالي١٥٠ سيارة مصفحة، والفئة الثالثة حصلوا عليها عن طريق الغنائم من الجيش الحر وهذه ربما عددها يصل إلى حوالي ٨٠٠ سيارة».
كما أنه يمكن أن يكون التنظيم استفاد من الوضع السائد في ليبيا، واستولى على الكثير من سيارات «تويوتا»، لم تستعمل سابقا، وكان نظام القذافي اشتراها على امتداد سنوات طويلة، وبقيت كلها في المستودعات.
ويوضح وسيم نصر، الصحافي في فرانس 24 المختص في الحركات الجهادية، أن هذه السيارات «متواجدة بشكل كثيف في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى بائعي وسماسرة السيارات الذين يشترونها بأعداد كبيرة خصوصاً عند انتهاء تصنيع نوع ما وبيع الفائض منها بأسعار بخسة».

لماذا يقبل تنظيم «الدولة الإسلامية» على هذا النوع من السيارات؟
الإقبال الكبير «والشره» لتنظيم «الدولة الإسلامية» على هذا النوع من السيارات تحديداً لربما يرجع إلى فعاليتها في كل الظروف، وقدرتها على التفاعل مع جميع الوضعيات الصعبة التي قد تواجهها نظراً لصلابتها وقوة محركاتها. ويعتبر وسيم نصر أن هذه العربات «تعد من أفضل سيارات الدفع الرباعي المدنية والتي يمكن تحويلها للعمل العسكري».
ويعود البعض إلى برنامج تلفزيوني كان يبث على قناة «بي بي سي» في 2010 خصص إحدى حلقاته لامتحان قوة سيارة «هايلوكس»، وهي من صنع «تويوتا»، ليذكر بفعاليتها، حيث تمكنت من اجتياز كل الحالات الصعبة التي وضعت فيها بنجاح كبير، بدءاً من إغراقها في نهر ومروراً بوضعها أمام حواجز ثم إشعال النار فيها، ورغم كل ذلك واصلت مسيرها.

علاقة «تويوتا» بالحركات المتطرفة
كانت حركة طالبان السباقة لاستخدام سيارات من صنع «تويوتا» في سنوات التسعينيات في أفغانستان، كما تلفت إلى ذلك «مؤسسة السلام العالمي» الأميركية، علماً أنها كانت السيارات المفضلة من قبل زعيم التنظيم وقتها أسامة بن لادن والمحيطين به حسب صحيفة «نيويورك تايمز».
ويقول وسيم نصر إن ارتباط تنظيم «الدولة الإسلامية» بهذه السيارات لا يعود سببه فقط لفعاليتها، وإنما لكونها «مصنعة في بلد حيادي نسبياً يجعل من يشتريها منفلتاً من الضوابط التي تفرضها دول مثل الولايات المتحدة أو غيرها لشراء قطع الغيار».
ولا ينحصر وجود سيارات «تويوتا» فقط بيد متشددي تنظيم «الدولة الإسلامية»، وإنما تملكها أكثر من جهة متمردة أو متطرفة في العالم خصوصاً في أفريقيا، تؤكد «مؤسسة السلام العالمي»، حيث «تنتشر في المناطق الجافة من الساحل حتى الصحراء وكذلك الصومال».
ويؤكد وسيم نصر أن «هذا النوع من السيارات كان مفضلاً لدى الحركات الثورية والجهادية منذ عقود نظراً لسهولة شرائها أو الاستحواذ عليها».
وترى مؤسسة «السلام العالمي» أنه على الشركة اليابانية بعد 15 عاماً من التساهل أن تضع نظاماً صارماً للمراقبة لمنع أي محاولة من التنظيمات الإرهابية لتحويل سيارات مدنية إلى سيارات عسكرية».

فرانس 24

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق