افتتاحية

متى تنتهي آلام اللبنانيين وآلام الوطن؟

متى تنتهي آلام اللبنانيين وآلام الوطن؟
الحركة السياسية الناشطة منذ عودة رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري الى بيروت، وجولاته التي يقوم بها على القيادات المحلية في الداخل وعلى بعض عواصم القرار، لم تنجح في تبديد هذه الضبابية التي تحوط بالانتخابات الرئاسية من كل جانب، ولا يزال التعثر سيد الموقف حتى الساعة. البعض متفائل بقرب انتخاب رئيس للجمهورية، والبعض الآخر يستبعد الامر، خصوصاً بعد اطلالتي السيد نصرالله الاخيرتين، ويؤكد انه لا يمكن انتخاب رئيس، قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية المقررة في الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
الرئيس سعد الحريري يواصل اتصالاته المكثفة، ولكنه يرفض الادلاء بأي تصريح، فالى اين وصل؟ هل اصطدم بعقبات تحول دون اكمال مهمته؟ هل هو متفائل بتحقيق نتائج ايجابية؟ هل يعلن قراره في وقت قريب؟ وهل يكون للبنان رئيس قبل الحادي والثلاثين من تشرين الاول الجاري؟ الاسئلة كثيرة وكلها تبحث عن اجابات، ولا يلوح في الافق ما يوحي بحقيقة الموقف.
المشهد السياسي، يرصد الجولة الثانية من المشاورات التي يواصلها الحريري بعد عودته من موسكو، والكل يتساءل عن الموقف الاقليمي حول هذا التحرك، وبالتحديد المملكة العربية السعودية وايران، خصوصاً وان الاولى اعلنت انها لا تتدخل في الشأن اللبناني، وهي تؤيد كل ما يتفق عليه اللبنانيون، هذا اذا اتفقوا. فماذا لو بقي الخلاف يتحكم بعلاقات بعضهم البعض؟ الرئيس الحريري ذهب الى الرياض فهل يعود بجواب واضح؟ اما الثانية (ايران) فعلى الرغم من انها تلتزم الصمت، فانها غير مرحبة باجراء الانتخابات الرئاسية، لان هذه الانتخابات تعتبرها ايران ورقة ثمينة يجب الاحتفاظ بها حتى تحين الساعة، فستستخدمها على طاولة المفاوضات.
الرئيس الحريري مستمر في التزام الصمت الى حين الانتهاء من اتصالاته، وبعدها يمكن ان يميط اللثام عن خياره الرئاسي، فاما ان يبقى متمسكاً بترشيح النائب سليمان فرنجية، فيستمر الوضع على ما هو عليه، ويصعد التيار الوطني الحر تحركاته، واما ان يرشح العماد ميشال عون، رغم العقد التي قد تواجه هذا الترشيح، وليس اقلها موقف الرئيس نبيه بري، الذي يبدو من مواقفه المعلنة وغير المعلنة انه ضد ترشيح العماد عون. وكذلك موقف النائب فرنجية ومن ورائهما موقف حزب الله، فهل تنجح الوساطات وتتبدد الغيوم من طريق بعبدا وينجز الاستحقاق؟
من المعروف ان هناك خلافات في الرأي داخل تيار المستقبل. البعض يؤيد ترشيح عون، على اعتبار ان ترشيح فرنجية اخذ الوقت الكافي، واستهلك كل الاتصالات، ومع ذلك لم يقم طرف واحد من تكتل 8 اذار المفترض فيه ان يدعم هذا الترشيح ويؤيده، لم يقم باي مبادرة، ولم يساعد على ايصال فرنجية الى قصر بعبدا، رغم ان الطريق الخارجي كان معبداً وداعماً لهذا الترشيح. لذلك يقول هذا الفريق كفى انتظاراً. اما الفريق الثاني فيعتبر ان حظوظ النائب فرنجية في الوصول لا تزال قائمة، وان الوقت كفيل بتبديد السلبيات التي تعترضه.
اوساط العماد عون ناشطة في كل الاتجاهات. وهناك مبادرات متوقعة تساعد على تسهيل طريق بعبدا امام الجنرال. فهل يقوم قريباً بزيارة الى عين التينة تبدد سوء التفاهم بين الرابية ورئيس المجلس؟ هل يكتفي بان يقوم رئيس التيار الحر جبران باسيل بزيارة بري؟ كل الاحتمالات واردة، والمهم الوصول الى النتائج الايجابية. وفي حال نجحت هذه المساعي كيف سيكون موقف النائب فرنجية؟ هل يتراجع عن الترشيح ويسير في ركب انتخاب العماد عون، ام انه سيكمل المعركة حتى النهاية كما صرح من عين التينة قبل ايام؟ الايام المقبلة ستأتي بالاجوبة على كل هذه الاسئلة.
الحريري تقول اوساطه ليس مستعجلاً، بل يريد ان يأخذ كل وقته لكي لا تأتي خطوته في هذا المجال ناقصة، خصوصاً وانه ينصرف، الى جانب تحركه، الى ترتيب شؤون بيته الداخلي، محاولاً جمع الكل حول القرار الذي يمكن ان يتخذه في نهاية المباحثات، وقد قطع شوطاً بعيداً في هذا المجال.
التيار الوطني الحر يعيش في اجواء الرئاسة، منذ لقاء الحريري عون الذي خفف لهجته التصاعدية، وعاد عن مقاطعة مجلس الوزراء، واوقف التحرك في الشارع الذي كان قد وعد به في 28 ايلول (سبتمبر) الماضي، وهو يشعر انه اصبح على عتبة قصر بعبدا، وسيقوم بالبروفه في 16 تشرين الاول (اكتوبر)، والا كيف يمر التمديد للعماد قهوجي بهذه السهولة، وباقل نسبة ممكنة من الضجة التي كان متوقعاً ان يثيرها التيار الوطني الحر؟ ولكن هل تستمر الاتصالات الى ما لا نهاية؟ بالطبع لا. فالعماد عون يستعجل الحسم، وهو يأمل ان يتم الانتخاب قبل اخر تشرين الاول (اكتوبر) الجاري، لا بل هو كان يتمنى ان يتم في 13 تشرين الاول ذكرى نفيه الى فرنسا. فهل تنتهي آلام اللبنانيين ومعهم آلام الوطن ويصبح للبنان رئيس، وتعود المؤسسات تعمل وتهتم بشؤون الناس، الذين وصل وضعهم الى الهاوية؟ عسى ان يستفيق الضمير وتتحقق الاحلام وسنبقى ننتظر.

«الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق