سياسة لبنانية

المشهد السياسي – الرئاسي: بري – حزب الله – الحريري – عون – فرنجية

المشهد السياسي في الموضوع الرئاسي بدا «في آخر تجلياته» على الشكل الاتي:
– الرئيس نبيه بري يكشف أوراقه الرئاسية مؤكداً موقفه ضد انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، وأنه إذا انحصرت المعركة بين عون وفرنجية يختار فرنجية… وأنه إذا قرر الحريري انتخاب عون فإنه سينسحب من جلسة الانتخاب أو يشارك بورقة بيضاء…
الرئيس بري يشجع ويحرض الحريري على عدم السير بخيار انتخاب عون، وبالتالي فإن موقف بري يُعدّ واحداً من العوامل التي تساهم في «فرملة» الحريري، ويضاف الى موقف تيار المستقبل الذي يقوده الرئيس فؤاد السنيورة.
بري ينسق الموقف مع النائب وليد جنبلاط… كلاهما لا يتوقعان شيئاً وجديداً في جلسة 28 أيلول (سبتمبر). بري يقول إن المعطيات والمواقف ما تزال على حالها، وجنبلاط يقول إن من يبت في الموضوع الرئاسي هما القوتان الإقليميتان إيران والسعودية، ولا يرى رئيساً للبلاد في المستقبل المنظور.
بري يعتقد أن الحل لا يكون فقط عبر تسوية ترضي المستقبل والتيار الوطني الحر، المسألة أبعد من ذلك فثمة مصالح للجميع يجب أخذها بعين الاعتبار قبل المضي بأي تفاهم على المرحلة المقبلة، ويعرف جيداً أن التفاوض مع عون صعب عندما لا يكون الأخير في أحسن أحواله، فكيف إذا كان رئيساً للجمهورية؟ الأمر يحتاج الى مقاربة كاملة وواضحة لمجمل مفاصل العملية السياسية وآليات الحكم.. يعرف رئيس المجلس أنه لا يستطيع أن يقف في وجه تسوية إقليمية ودولية خصوصا إذا كان حليفه حزب الله راضياً عنها وتخدم مصالحه، لكنه يعرف أن الأمر الآن ليس كذلك والهوامش المتاحة تسمح بمساومة يعتبرها مشروعة وجزءاً من اللعبة السياسية الداخلية…
– حزب الله يصعّد ضغوطه على الحريري للسير بخيار تأييد عون. وهذا التصعيد السياسي المنسق مع تصعيد عون يأخذ شكلاً مزدوجاً: من جهة تحميل الحريري مسؤولية الفراغ بتصوير أن كرة الرئاسة في ملعبه وأنه إذا مشى بانتخاب عون تنتهي المشكلة… ومن جهة ثانية إغراء الحريري بأنه إذا أخذ القرار الصعب سيقابل بالأحسن وستفتح له أبواب الحكم مجدداً…
حزب الله يبارك أي خطوة من تيار المستقبل لفك ارتباط ملف الأزمة اللبنانية عن الخلاف السعودي – الإيراني، ولكنه يشك قي قدرة الحريري ومع ذلك  يشجعه على الإقدام. حزب الله ليس في وارد الاستجابة لضغوط حليفه عون لممارسة الضغط على حليفه الثاني للانسحاب، أو على بري لتسهيل التسوية… ثمة قناعة لدى قيادة الحزب أن حليفيه لن يكونا حجر عثرة أمام أي تفاهم متى حان الوقت لقطافه، والى حين يتم التثبت من ولادته لا تنازلات مجانية قد تكون قفزة في المجهول…
– تيار المستقبل المحاصر ليس فقط بأوضاع داخلية مربكة وإنما بكمية من الشائعات والضغوط بشأن موقفه، يحاول إخراج الكرة من ملعبه بتأكيده أن انتخاب عون هو مسؤولية حزب الله أولا عبر تأمين الأصوات المطلوبة للفوز وإقناع حلفائه، لا سيما بري وفرنجية، وتيار المستقبل سيحضر ويؤمن نصاب الجلسة ويقبل بالنتيجة وليس مطلوبا منه أكثر من ذلك.
يقرأ رئيس تيار المستقبل جيداً تلميحات السيد حسن نصرالله العلنية، بقبول عودته الى رئاسة الحكومة ضمن سلة متكاملة، وهو كلام سمعه أيضاً وفده المفاوض في الحوار الثنائي في عين التينة، وهو يرى في الأمر «فرصة ويجب استغلالها». بمعنى آخر يطلب الحريري مواربة من خصومه عدم إحراجه أكثر، ويطالبهم بتجاوز عقدة الميثاقية التي يطالب بها عون لانتخابه «أنزلوا الى مجلس النواب انتخبوا «الجنرال» ليس بحاجة لأصواتنا، سنتعامل مع الأمر الواقع بشرط أن يفضي هذا السيناريو لعودتي الى رئاسة الحكومة».
طبعاً هذا السيناريو يحتاج الى ترجمة عملية يخشى الحريري حتى الآن تقديمها على شكل كلام واضح ومحدد، وهو يرى كيف تنقض عليه قيادات تيار المستقبل، وتنفض من حوله في محاولة مكشوفة لتعريته سياسياً…
– العماد عون ما زال يمارس الانتظار الإيجابي، ولكن نسبة تفاؤله تتراجع ونسبة شكوكه بالرئيس بري ترتفع باعتباره رئيس حملة إسقاط حلمه الرئاسي.
يحاول التيار الوطني الحر الضغط حكوميا وفي الشارع على الحريري لترجمة قناعاته الضمنية بضرورة إنجاز تسوية تصب في صالحه. وتقول أوساط الرابية إن الحسم خلال أيلول (سبتمبر)، لا بد من أن ينطلق في اليومين المقبلين، بعد عودة سعد الحريري إلى بيروت. المؤشرات الاولى لأي حسم مفترض، قد تنطلق من موعد الثلاثاء الحواري في عين التينة بين حزب الله والمستقبل، خصوصاً ان الجلسة ممكن أن تعطي الأجوبة الأخيرة التي ينتظرها الحريري من حزب الله… فإذا تمت الأمور على خير حينها، يصبح موعد الثامن والعشرين من أيلول (سبتمبر) حاسماً لجهة الإيجاب، وإذا تعثرت، يصبح الموعد موعداً للتصعيد الواضح.
– النائب سليمان فرنجية أقل توتراً من عون رغم تأكده من حصول اجتماع بين باسيل والحريري في باريس، وأكثر اطمئناناً الى مسار معركته انطلاقاً من ثبات المعسكر المؤيد له، بما في ذلك استمرار الحريري بالتمسك بترشيحه، واستناداً الى المعطيات الاتية:
– عدم وجود مواكبة إقليمية ودولية للتحرك على خط الرابية – بيت الوسط لا بل إن الصراع الإيراني – السعودي هو في ذروته.
– موقف تيار المستقبل المتشدد في دعم مبادرة ترشيح فرنجية في مقابل التشدد في رفض معادلة عون – الحريري.
– أي نزول «جماعي» الى مجلس النواب في هذه اللحظة سيعني حكماً فوز فرنجية انطلاقاً من بوانتاج صار معروفاً…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق