الاقتصادمفكرة الأسبوع

ايران تستجدي الدولار والريال غاب عن التداول

اذا كانت الولايات المتحدة قد احجمت حتى الآن عن ضرب البرنامج النووي الايراني، وامتنعت عن دفع اسرائيل للقيام بهذه المهمة، فانها صوّبت كل اسلحتها نحو ما هو اخطر من البرنامج النووي، اي الاقتصاد الايراني ولا سيما العملة الايرانية.

الظاهر ان حرب العقوبات التي تشنها الولايات المتحدة، مدعومة بالاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، على ايران بدأت تعطي ثمارها اكثر من اي ضربة عسكرية يمكن ان توجه الى البرنامج النووي، وقد تجلت هذه «الثمار» في بلوغ الاقتصاد الايراني شفير الانهيار، وبلوغ الريال الايراني ادنى مستوى له امام الدولار وسائر العملات، حتى انه فقد من قيمته 80٪ منذ سنة ونصف السنة.

المفاعيل
على الرغم من حرص المسؤولين الايرانيين على التقليل من اهمية العقوبات الدولية، وعدم تأثيرها على الاقتصاد، فان الوقائع والارقام باتت تؤشر الى الاقتصاد الذي كان في ما سبق احد اكثر الاقتصادات المتقدمة في الشرق الاوسط ليصبح اليوم اقتصاداً منهكاً ومتهالكاً نتيجة تراجع عائدات النفط الناجم عن رضوخ العديد من الدول حتى الآسيوية منها للحظر المفروض على النفط الايراني والتخلي عن امداداتها النفطية من طهران كاليابان والهند وكوريا الجنوبية وتركيا وغيرها، ونتيجة العقوبات المفروضة على البنك المركزي الايراني وفقدان العملة الصعبة من الاسواق، بالاضافة الى نقص الانتاج الناجم عن الصيانة الضعيفة للمرافق. والافتقار للتكنولوجيا وضحالة الاستثمار الاجنبي، والفساد، والدعم الباهظ الكلفة.
وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي الى ان اجمالي الناتج المحلي الايراني سوف يتقلص بنسبة 1،3٪ هذا العام بعد انخفاضه بنسبة 1،9٪ العام الماضي، الا انه يتوقع معاودة ارتفاعه في العام 2014، ولكن بنسبة ضئيلة لا تتجاوز 1٪، وذلك بفعل تعزيز الطلب العالمي بما يعوض صناعات التصدير المتضائلة. ولن يقل التأثير السلبي للعقوبات على الشعب الايراني الا اذا استثمرت الحكومة الايرانية الصناعات المتعددة الانتاجات بدرجة اكبر. وحررت الاقتصاد من الصناعة المعتمدة على النفط.
ومن تداعيات العقوبات ايضاً ارتفاع معدل البطالة من 7،1٪ في الفصل الثاني من العام 2012 الى 8٪ في الفصل الثالث من العام نفسه. الى 13،57٪ كمعدل وسطي من العام 1999 حتى العام 2012، وهو اعلى رقم يصل اليه. ووفقاً لآخر استقصاء اجراه مركز ايران الاحصائي، وصل اجمالي معدل البطالة الى 12،2٪ لكن محللين وخبراء اقتصاديين محليين يعتبرون ان المعدل الحقيقي للبطالة هو اعلى بكثير من الرقم المعلن عنه، وليس في مقدور وسائل الاعلام الرسمية ان تنقل الارقام الحقيقية مع ان تقارير صندوق النقد الدولي تفيد بأن العقوبات قد تسببت في بطالة عشرات الالاف من المواطنين، وانخفاض مستوى المعيشة على مدار العام الماضي، الا ان الاقتصاد الذي تبلغ قيمته نحو 500 مليار دولار ضخم ومتنوع بالدرجة الكافية للاستمرار في اداء وظيفته في قطاعات عدة، كما يفيد رجال اعمال يعملون في ايران.

التضخم
واستناداً الى مركز احصاءات ايران، اشارت وكالة «مهر» للانباء الى ان معدل التضخم في ايران بلغ 38،7٪ في الشهر الاول من العام الايراني الحالي (21 اذار/مارس – 20 نيسان/ابريل)، ارتفاعاً من 25،4٪ خلال العام الايراني المنصرم.
ونقلت الوكالة عن وزير المال الايراني شمس الدين حسيني قوله ان العقوبات الدولية ادت الى ارتفاع معدل التضخم الى اكثر من 30٪ كما سببت «مشكلات عدة» لكن كل ذلك، يقول، لن يؤدي الى وقف برنامج ايران النووي. ويعتبر حسيني ان هذا الرقم يزيد بنسبة 9٪ عن المعدل الرسمي، قبل عام.
ويشير تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي في 16 نيسان (ابريل) الى ان اقتصاد ايران تقلص بنسبة 1،9٪ في العام 2012، ومن المتوقع ان ينكمش بنسبة 1،3٪ اضافية هذا العام في ظل معاناة الدولة من سلسلة من المشكلات الناتجة عن العقوبات.
وتعتبر صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية ان انتاج السيارات في ايران مثال صريح على هبوط معدل نمو الانتاج الصناعي، اذ هبطت هذه الصناعة التي تعتبر اضخم صناعة غير نفطية في الدولة، بنسبة 50٪ تقريباً. وتراجع معدل انتاج السيارات ليصل الى 677  الف سيارة، خلال التسعة اشهر الاولى من السنة الفارسية الماضية، هبوطاً من 1،2 مليون سيارة ابان الفترة نفسها من العام السابق، وبذلك يكون هذا الهبوط هو الاكبر حتى في الهبوط الحاد الذي حصل ابان الحرب العراقية – الايرانية التي استمرت ثماني سنوات.
ورأى النائب الايراني عزت الله بوسفيان ملا ان «صناعة السيارات التي تعتمد على الواردات والعملة الصعبة التي ستستغل في شراء هذه الواردات هي الاكثر عرضة للتضرر من العقوبات نفسها».

الريال يتهاوى
لم يكن مستغرباً على الاطلاق ان تنعكس التحولات الجيو-سياسية سلباً على الريال الايراني حتى كاد يغيب عن التعاملات المالية بعدما تخطى سعره 40 الف ريال مقابل الدولار الواحد وسط شلل كامل لعمليات التبادلات المالية لمحلات الصرافة خارج ايران.
وجاءت العقوبات الاقتصادية لتحول الريال الايراني الى عملة شبه متوقفة لاحت بوادرها مع عمليات التبادلات التجارية – المالية للمعتمرين الذين لن يجدوا بداً من الاستعانة ببعض الافارقة كصرافات بشرية متنقلة لاستبدال العملة الايرانية بالدولار، كما حصل في السعودية وغيرها، مع ان انظمة مؤسسة النقد العربي السعودي تحظر على اي شخص طبيعي او اعتباري مزاولة اعمال الصرافة ما لم يكن لديه ترخيص بذلك ساري المفعول وصادر عن المؤسسة. وتدخل في الحظر اي عملية لتبديل العملة الوطنية بأي عملة اخرى، وتسثنى من ذلك الفنادق والشقق الفندقية، والمكاتب السياحية النظامية في المملكة العربية السعودية، حيث يسمح لهم باستبدال العملات، وشراء الشيكات السياحية من عملائهم على ان يتم بيع هذه العملات والشيكات الى بنك او صراف مرخص له.
واعتبر خبراء ومحللون ان الريال الايراني يعاني من حالة ضعف نتيجة الضغوط التي يواجهها الاقتصاد الايراني، وان نسبة انخفاض سعر صرفه مقابل الريال السعودي بلغت 9،7٪ منذ كانون الثاني (يناير) 2012 حيث تراجع السعر من 2981،6 مقابل الريال السعودي في 3 كانون الثاني (يناير) 2012 الى 3269،3 في 13 حزيران (يونيو) 2013.

 

الارقام تتكلم
– وفقاً لآخر استبيان اجراه مركز ايران الاحصائي بلغ اجمالي معدل البطالة نسبة 12،2٪، لكن المعدل الحقيقي يفوق هذا الرقم بكثير.
– اصبح عدم الالتزام بالقانون والتهرب من اللوائح دأب حكومة الرئيس السابق محمود احمدي نجاد.
– هبط ترتيب ايران في مؤشر الفساد 2012 من رقم 120 عام 2011 الى رقم 133 في كانون الاول (ديسمبر) 2012.
– ادى تقلب سوق العملة، وتناقض قيمتها الى ابتعاد المستثمرين عن استثمار رأسمالهم في السوق الوطنية.
– لم تنشر ايران بيانات بعد العام 2009، لا حول اجمالي الناتج المحلي بما فيه عائدات النفط، ولا في المعدل السنوي لهذا الاجمالي.
– زادت النفقات في ايران اضعاف زيادة دخل النفط.
– ارغمت الحكومة الايرانية على توفير 16 مليار دولار في صندوق احتياط النقد الاجنبي للدولة من عائداتها النفطية. ونظراً لارتفاع سعر النفط ينبغي ان يضم هذا الصندوق اموالاً محجوزة تربو قيمتها على 350 مليار دولار.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق