مواجهة ريفي – الحريري الى اين؟

ما كان يقوله الوزير أشرف ريفي في الأشهر الأخيرة بعد انتصاره المفاجىء في الانتخابات البلدية أمام مقربين منه وضمن الجدران المغلقة، بدأ يقوله في العلن من دون تردد وأي شعور بالذنب أو الخطأ ومن دون احتساب العواقب… يعتبر الوزير ريفي أن الرئيس سعد الحريري انتهى كزعيم سني وأن السنّة يبحثون عن «حريري جديد»، وينسف ريفي جسور العلاقة مع الحريري وأي إمكانية لوساطة وإعادة ترتيب الأمور، مدركاً أنه لم يعد له من مكان في بيت الوسط وأن إزاحته أصبحت الهدف الأول للحريري. وإذ يحدد هويته السياسية بأنه غير تابع لـ «سعد الحريري» ويرفض أن يكون من أزلامه وأنه ينتمي الى «قضية رفيق الحريري» التي أضاعها سعد، فإنه يفاخر ويجاهر بعلاقته الجيدة مع الرئيس فؤاد السنيورة مؤكداً أن الاتصالات بينهما لم تنقطع يوماً وما تزال قائمة، وبما معناه أن ريفي يفصل بين الحريري والسنيورة ويرى اختلافاً في سياستهما ويعفي الثاني من مسؤولية ما آلت إليه سياسات تيار المستقبل وأوضاعه… وهناك من يؤكد أن السنيورة هو المرشح المفضل عند ريفي لتولي رئاسة الحكومة المقبلة حتى لا تؤول الى الحريري أو الى شخصية من تيار المستقبل وتحديداً الوزير نهاد المشنوق أو النائب سمير الجسر عضوي الوفد المفاوض مع حزب الله في عين التينة. وحسابات ريفي تختصر في أنه يضمن فوزه بكتلة نيابية وازنة في الشمال بالتحالف مع قوى وشخصيات إسلامية أبرزها الجماعة الإسلامية والنائب خالد الضاهر وقادة المحاور في طرابلس، وربما أيضاً النائب محمد الصفدي، وأن هذه الكتلة ستجعل منه رقماً صعباً في المعادلة السياسية السنية. وإذا كان لا يستطيع أن يصل الى رئاسة الحكومة بفعل الفيتو الشيعي، فإنه يستطيع أن يساهم في صنع رئيس الحكومة المقبل.
في قراءة ريفي وحساباته أن سعد الحريري انتهى في السعودية كمشروع سياسي وكممر إلزامي لعلاقاتها ومصالحها في لبنان، وأصلاً السعودية لم تعد مهتمة بالملف اللبناني وتحجم منذ سنتين عن الاستثمار السياسي والمالي فيه. ويعتبر ريفي أن علاقته مع السعودية وأهميته عندها تتحددان في ضوء قدرته على إثبات وجوده وتظهير حجمه الشعبي والسياسي في الانتخابات المقبلة. ولذلك هو ماضٍ قدماً في السياسة التي تكسبه شعبية ونقاطاً وتبرز تمايزه وتكشف تقصير خصمه الجديد الحريري وأخطاءه.
استقال ريفي من الحكومة. خاض انتخابات ضد الحريري في طرابلس. رفع سقف الموقف ضد حزب الله مقدماً نفسه رأس حربة في مواجهة المشروع الإيراني في لبنان الذي هو جزء من الصراع الفارسي – العربي في المنطقة. ويعتبر ريفي أن مواقفه هي التي أعادت ميشال سماحة الى السجن وهي التي دفعت الى إصدار القرار الظني في تفجيري مسجدي طرابلس، وأنه هو من بادر الى المطالبة بحل الحزب العربي الديمقراطي وحركة التوحيد (فرع منقارة) وبطرد السفير السوري، وأن الآخرين لحقوا به وتبنوا الشعارات والمطالب التي يطرحها.
هذه الحالة السنيّة الجديدة التي أوجدها الوزير أشرف ريفي تسبب الانزعاج والارتباك عند تيار المستقبل ورئيسه المستهدف الأول فيها والمتضرر الأكبر منها. فلم يعد التعاطي مع ريفي على أنه ظاهرة عابرة وحالة موقتة وسينهي نفسه بنفسه ويقع في أخطاء سياسية لا تغتفر مثل خطأ الكلام عن نهاية الحريري… التعاطي مع ريفي صار على أساس أنه حالة خطرة ويمثل تهديداً مباشراً لزعامة الحريري ومستقبله السياسي، وأن على المستقبل أن يتحرك لوضع حد لتقدمه وعملية سحبه البساط الشعبي من تحت أقدام الحريري… وأما طريقة الرد على ريفي فإنها بدأت عبر تغيير ملموس في سياسة المستقبل وخطابه السياسي (ضد حزب الله وإيران) وفي تبنيه الى حد المزايدة قضايا تهم وتعني الشارع السني مثل تفجيري المسجدين (مطالبة المشنوق بحل الحزب العربي الديمقراطي من دون انتظار الحكم القضائي المبرم)، وقضية الشيخ بسام الطراس وارتباطه بخلية كسارة (انخراط المستقبل في الضغوط السياسية لإطلاقه)… تيار المستقبل لم يعد يرى مصلحة في أن يقدم نفسه «تيار اعتدال» خصوصاً وأنه لا يرى من حزب الله ما يشجعه على سلوك هذا الطريق… وأما حزب الله فإنه من جهة «يتفرج» على هذا الواقع الجديد الذي يضعف المستقبل ويحاصره ويبعثر الساحة السنية، ومن جهة ثانية يراهن على هذا الواقع الجديد ليكون عاملاً دافعاً للمستقبل باتجاه الانخراط في التسوية الداخلية وتقديم تسهيلات وتنازلات…