رئيسيسياسة عربية

أكثر من مئتي قتيل في دارفور والأمم المتحدة تصف أعمال العنف بـ«المروعة»

مجلس الامن يجتمع بشكل عاجل خلف ابواب مغلقة لبحث الوضع الخطير

أوقعت الاشتباكات الأخيرة بين القبائل العربية وغير العربية في إقليم دارفور المضطرب غربي السودان، أكثر من 210 قتلى، فيما دانت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أعمال العنف «المروعة».
اندلعت موجة العنف الجديدة بعد أن هاجم مسلّحون من قبيلة عربيّة قرى تقطنها قبيلة المساليت غير العربيّة، ردًا على مقتل اثنين من القبيلة الخميس، وفق ما أوضحت التنسيقيّة العامّة للاجئين والنازحين في دارفور.
ومنذ الهجوم، شهدت ولاية غرب دارفور على مدار الأيام الماضية قتالاً دامياً بين قبائل عربية وغير عربية يتركز إلى حد كبير في محلية كرينك، وهي منطقة يقطنها نحو 500 ألف نسمة معظمهم يتبعون قبيلة المساليت، وتبعد نحو 80 كلم عن مدينة الجنينة عاصمة الولاية.
قُتل العشرات في دارفور منذ انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على شركائه المدنيين في السلطة في 25 تشرين الأول (أكتوبر) وما تسبب به من فراغ أمني، خصوصاً بعد إنهاء مهمة قوة حفظ السلام الأممية في الإقليم إثر توقيع اتفاق سلام بين الفصائل المسلحة والحكومة المركزية في العام 2020.
وفي الأيام الثلاثة الأخيرة أوقعت أعمال العنف 213 قتيلاً على الأقل، بحسب حصيلة أعلنها حاكم الولاية.
ووصف والي غرب دارفور خميس أبكر في تسجيل فيديو نُشر ليل الثلاثاء ما حدث من هجوم ضد المحلية بأنه «جريمة بحق الانسانية وجريمة بحق الأخلاق وحتى الدين»، مشيراً إلى أن كرينك «تم تدميرها نهائياً بمؤسسات الحكومة بما في ذلك رئاسة المحلية».
وقال إن محلية كرينك بالولاية شهدت صباح الأحد هجوماً «وهذه الجريمة الكبرى خلفت نحو 201 قتيل و103 جرحى».

حصيلة كبيرة للقتلى

وفيما اجتمع مجلس الأمن بشكل عاجل خلف أبواب مغلقة بناء على طلب المملكة المتحدة وألبانيا وفرنسا وأيرلندا والنرويج والولايات المتحدة، لم يُنشر نص مشترك يدين عمليات القتل في نهاية هذه الجلسة. وصرح سفير لوكالة فرانس برس طلب عدم الكشف عن هويته بأن المناقشات مستمرة حول هذا الموضوع.
وعن توجيه وجهاء قبيلة المساليت الأربعاء نداء إلى مجلس الأمن الدولي لوضع قراهم تحت «الحماية الدولية»، قال مصدر دبلوماسي إنه لم تجر «مناقشة هذه النقطة تحديدًا» بين أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر.
ولكن في جنيف، دانت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه الأربعاء أعمال العنف التي أودت بحياة العشرات خلال الأيام الثلاثة الماضية، وطالبت بفتح تحقيقات «محايدة ومستقلة» في الهجمات «المروعة».
وأعربت مفوضة حقوق الإنسان عن القلق من تكرار حوادث العنف القبلي الخطيرة في المنطقة، والتي تحصد أعداداً كبيرة من الأرواح.
وأدان مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس عمليات القتل الاثنين ودعا إلى إجراء تحقيق كما فعلت واشنطن ولندن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
بدأت أعمال العنف هذه الجمعة في كرينك وخلفت ثمانية قتلى و12 جريحاً، بحسب ما أكد الوالي في مقطع الفيديو. كذلك سقط أربعة قتلى على الأقلّ في مواجهات دارت الإثنين في الجنينة التي امتد إليها القتال.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن أكثر من 1000 مسلح من قبيلة الرزيقات العربية هاجموا البلدة في ذلك اليوم الذي قتل فيه ثمانية رجال على الأقل ينتمون إلى قبيلة المساليت الأفريقية وسبعة رجال عرب.
وينشط في المنطقة مقاتلون كثر تابعون لمليشيات عدة غالباً ما يتنقلون في شاحنات صغيرة محملة بمدافع رشاشة.
وألقى أبكر اللوم على بعض القوات الحكومية المشتركة المكلفة تأمين المنطقة حين «انسحبت القوة (المشتركة) بدون مبرر وتركوا المواطنين العزل في المدينة»، بعد شن الهجوم عليها.
ونقل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن مصادر محلية إشارتها إلى أن النيران أضرمت في مركز الشرطة وأن المستشفى تعرض لهجوم وأن السوق «نُهبت وأحرقت».
وتم تعليق توزيع المساعدات الغذائية لبرنامج الأغذية العالمي لأكثر من 60 ألف شخص.
وأعلنت الأمم المتحدة أن هجمات طاولت بلدات قريبة.

اتهامات لمليشيا الجنجويد

الثلاثاء أعلنت المنظمة غير الحكومية «أطباء بلا حدود» مقتل عدد من العاملين في مجال الرعاية الصحية في معارك طاولت الهجمات فيها مستشفيات.
وجاء في بيان للمنظمة أن «طواقم «أطباء بلا حدود» لم تتمكن من الوصول إلى منشآت الرعاية الصحية التي ندعمها أو من ممارسة أنشطة العيادات المتنقلة».
أدى النزاع الذي اندلع في دارفور في العام 2003 إلى مقتل قرابة 300 ألف شخص ونزوح 2،5 مليون من قراهم، وفقاً للأمم المتحدة.
واندلع النزاع في الإقليم عندما حمل أعضاء من الأقليات الإتنية السلاح ضدّ نظام الخرطوم، فردت السلطات المركزية بإنشاء ميليشيات معظم أفرادها من البدو العرب في المنطقة عرفت بالجنجويد.
وفي حين وقّعت الفصائل المتمردة الكبرى اتفاق سلام في العام 2020، لا تزال المنطقة تشهد أعمال عنف على خلفية استغلال المساحات الزراعية وتربية المواشي كما واستخدام المياه.
واتّهم شهود ميليشيا الجنجويد العربية بتدبير الهجوم على قبيلة المساليت.
وبحسب منظمات حقوقية تم دمج عدد كبير من عناصر الجنجويد في قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الذي يرأسه البرهان.
ودعت هيئة محامي دارفور مجلس الأمن الدولي إلى المساعدة في كبح أعمال العنف في بيان دانت فيه «القتل الجماعي للأطفال والنساء والعجزة».
وبطلب من الحكومة السودانية أنهيت في كانون الأول (ديسمبر) 2020 مهمّة البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في إقليم دارفور «يوناميد» بعد 13 عاماً على تفويضها.

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق