رئيسيسياسة عربية

هل يتأثر لبنان بـ «حرب اليمن» وكيف؟!

رغم المسافة الجغرافية البعيدة الفاصلة بين لبنان واليمن، فإن لبنان يبدو معنياً ومتأثراً بالتطورات الجارية في هذا البلد العربي وكأنها تدور على أرض دولة مجاورة له… فما كادت أزمة اليمن تنقلب من مشروع حرب أهلية الى مشروع حرب إقليمية حتى واجه لبنان الاختبار ذاته الذي واجهه عند اندلاع الحرب في سوريا وحدث فيه الانقسام ذاته:
– الرئيس سعد الحريري كان السبّاق الى تأييد التدخل العسكري في اليمن، واعتبر القرار السعودي قراراً شجاعاً وحكيماً…
– حزب الله انتقد القرار.
– النائب وليد جنبلاط بكّر في تحديد موقفه «مع السعودية ضد إيران».
– الرئيس نبيه بري: «لا تعليق». ويلوذ بـ «صمت ثقيل يعكس حراجة الموقف».
وبالإجمال، فإن الانقسام السياسي – الوطني يتكرر بين فريقي 8 و 14 آذار: فالفريق الأول معارض للتدخل العسكري السعودي في اليمن، ولكن مع اختلاف درجة التعبير عن الموقف بين فصائل وأركان هذا الفريق، وحيث يبلغ أوضح أشكاله وأكثرها حدة عند حزب الله ويتدرج نزولاً ليكون عند بري «غموضاً بناء» وعند عون «موقفاً مؤجلاً ومصاغاً بدقة متناهية»… وأما الفريق الثاني فإنه مؤيد بوضوح ومن دون تردد وتلعثم للتدخل السعودي، والفوارق في التعبير بين فصائله ومكوّناته تكاد لا تذكر.
مما لا شك فيه أن هذا الانقسام الجديد حول «السعودية وإيران في اليمن» يعزز أجواء التوتر والتشنج السياسي والمذهبي في لبنان ويثير القلق حيال تأثيرات وانعكاسات سلبية محتملة على الوضع اللبناني الهش المرتكز الى توازنات داخلية دقيقة وسط أوضاع إقليمية متفجرة… ولكن هذا القلق المتعاظم بسبب «اليمن» لا يصل الى درجة الذعر والهلع لأن الأحداث الجارية في الخليج وعلى جسامتها لن تؤدي الى اطاحة معادلة «الاستقرار النسبي في لبنان وتحييده عن أزمات المنطقة»…
ومثلما نجح اللبنانيون برعاية إقليمية ودولية في اجتراح طريقة للتعاطي مع الأزمة السورية والحد من انعكاساتها وأضرارها، فإن هذه الطريقة ستعتمد أيضاً في التعاطي مع الحرب في اليمن وهي ما زالت صالحة وقابلة للاستخدام، خصوصاً وأن أياً من طرفي الصراع الإقليمي ليس له مصلحة في تحريك الوضع في لبنان ونقل الصراع إليه.
لذلك فإن حرب اليمن تزيد من الضغوط على الحكومة والحوار ومن الأوضاع والظروف غير المريحة، ولكن الحكومة والحوار يستمران لأن لا خيار آخر والبديل عنهما الفوضى والانهيار والانفجار… وأما موضوع رئاسة الجمهورية فإنه الأكثر تضرراً وسيغرق في فترة جمود وانتظار جديدة أقله حتى الصيف المقبل بعدما تكون حرب اليمن وضعت أوزارها وانطلق قطار التسويات الإقليمية تحت مظلة الاتفاق النووي… أما في الوضع الأمني فتبقى ثغرة الحدود الشرقية ذات الصلة بتطورات الأزمة السورية… ويبرز مجدداً احتمال عودة التفجيرات والاغتيالات…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق