رئيسيسياسة عربية

الحريري لسلام: لا حكومة الا برئاستك

هل سينجح الرئيس تمام سلام في تذليل العقبات وفي اقناع الاطراف بتشكيل حكومة وفق المعايير التي وضعها، وتجاوز كل العقد والشروط والمطالب، ليتمكن عندها من تشكيل حكومة «العيدية» خدمة للمواطنين؟ وسبق له ان اعلن من بعبدا خلال الاسبوع الفائت عن خطوة قد يقدم عليها في سياق التشكيل لانه لن ينتظر طويلاً، ام ان محاولات التأليف ستراوح مكانها بانتظار الفرج وكلمة السر، لان بعض الطاقم السياسي ملتصق بالخارج ولا يمكنه ان يقرر بل ينفذ ما يطلب منه، وفق اوساط نيابية عونية؟

تستبعد اوساط وزارية تواكب حركة الاتصالات لتشكيل الحكومة، ان يتمكن سلام من تجاوز شروط  ومطالب الاطراف، ويعلن «حكومة العيدية» للمواطنين، خصوصاً بعد القرار الاوروبي الذي ادرج الجناح العسكري لحزب الله على اللائحة الاوروبية للمنظمات الارهابية. وتستند الاوساط الوزارية الى مواقف الحزب، لا سيما النائب محمد رعد الذي قال صراحة ان «لا حكومة من دون الحزب ولا حكومة الا بشروط الحزب. فنحن ندخل مع حلفائنا او نبقى معاً خارج الحكومة»، مما يعني ان الحزب يرفض ان يكون خارج التركيبة الوزارية والسماح لمن يستهدفه محلياً وخارجياً بعزله ووضعه خارج السلطة في الوقت الذي يسعى الى تأمين غطاء شرعي. ومع بقاء الثنائي الشيعي خارج الحكومة يرفض النائب وليد جنبلاط المشاركة، وكذلك العماد ميشال عون، مما يحول دون حصول حكومة سلام على ثقة المجلس. كما يطالب الحزب بحكومة اتحاد وطني او وحدة وطنية، الامر الذي تعتبره اوساط في المستقبل غير وارد فقد «جربنا هذه الحكومات في السابق وتبين انها من دون جدوى».

حكومة وحدة وطنية
ولكي تشكل حكومة وحدة وطنية يجب حصول اتفاق سياسي وتوحيد المواقف بين الاطراف حول المواضيع الاساسية، بحيث لا تشكل حكومة للخلافات والتناحر كما حصل. وبانتظار الاتفاق على الثوابت والمسلمات تطالب 14 اذار بحكومة منسجمة تعنى بشؤون الناس ولا تكون حكومة متاريس، بل حكومة تقوم بالمهام العادية، لا سيما الاقتصادية، لتسيير عجلة الدولة ومصالح المواطنين المعطلة منذ اشهر، على ان يتم خلال هذه الفترة الاتفاق على اعلان بعبدا بتحييد لبنان ومعالجة الخلافات حول الملفات كافة وتوحيد الموقف منها، عندها نذهب الى حكومة وحدة وطنية. فتشكيل حكومة وحدة وطنية الان يعني التغطية على الخلافات القائمة ونقلها الى طاولة مجلس الوزراء. ان اساس انقاذ لبنان هو في التزام واعتماد وتنفيذ اعلان بعبدا لجهة تحييد لبنان وعدم ربط مصير الساحة اللبنانية بالوضع في سوريا الذي قد يزداد سوءاً ويتفاقم وعلينا الاهتمام بشؤوننا لان حكومة سياسية من دون اتفاق سياسي لا تنقذ الوطن بل تزيد الوضع تأزماً.
وتتمسك الاطراف بمواقفها من موضوع التشكيل وترفض ان تتنازل عن مطالبها. ولم يتمكن سلام من اقناع 8 اذار بالتخفيف من شروطها. واعلنت قيادات 14 اذار انها لا تريد المشاركة في الحكومة لانها تريد حكومة حيادية تعنى بشؤون الناس ومصالحهم وتعالج الهم الاقتصادي والمعيشي، على ان ترحّل الملفات السياسية الى طاولة الحوار المفترض ان تستأنف اجتماعاتها بالتزامن مع التأليف. وترى اوساط في 14 اذار ان «كل مناورات الرئيس نبيه بري فشلت، من قوله انه يفاوض سلام باسمه وباسم الحزب، وهو سيسمي وزراء الشيعة الخمسة، وانه لم تعد هناك 8 اذار ولم تعد المطالبة بالثلث المعطل قائمة، وانه سيسهل مهمة سلام. ولما لم ينطل الامر على الاخير دعا بري الرئيس الحريري للعودة لترؤس الحكومة. ولما لم تلق مبادرته التجاوب قرر وقفها. واشترط العماد ميشال عون في اطار مناورات 8 اذار المشاركة مع الثنائي الشيعي وبشروطه وليس بشروط سلام. ويقول نائب عوني ان المحاولات لايجاد مخارج للازمات فشلت واقفلت كل الابواب والمبادرات ورفع الجميع العشرة اعلاناً بالفشل لارتباطهم كلهم بالخارج وعجزهم عن تنفيذ الاستحقاقات من قانون الانتخاب الى الانتخابات النيابية الى المداولة في السلطة وفي المراكز القيادية لتجنب الفراغ، املاً الا يواجهنا استحقاق قريب قبل وصول الفرج عبر كلمة السر. وابلغ الرئيس الحريري الرئيس سلام عبر اتصال معه الاسبوع الفائت ورداً على مناورات 8 اذار ومبادرة بري «ان لا حكومة الا برئاسته (اي سلام)» وان عودته هو ليست مبرمجة بعد.

تصدع 8 اذار
يكشف نائب عوني ان ملفات الاستحقاقات المتنوعة التي واجهت 8 اذار ادت الى تصدع هذه الجبهة، وتبين ان الثنائي الشيعي يعمل وفق اجندته من دون الاخذ بعين الاعتبار مواقف وآراء حلفائه، والدليل موقفه من موضوع التجديد للعماد جان قهوجي. وطرح هذا الموقف السؤال داخل التيار عن سر موقف الحزب والتضحية بحليفه «الجنرال» لمصلحة قهوجي؟ فهل يحضر الحزب قهوجي الى المرحلة المقبلة ولمسؤوليات جديدة؟ ان الجهود في الداخل مجمدة والمساعي متوقفة وينتظر الجميع ما قد يأتي من الخارج. فلا حلحلة منتظرة من الطاقم السياسي بل من الخارج. وجل ما اتفق عليه اللبنانيون المحافظة على الحد الادنى من الاستقرار بانتظار نتائج المساعي الجارية لمعالجة ازمات المنطقة بدءاً بالازمة السورية التي باتت الساحة اللبنانية مرتبطة فيها مما قد يحدث انفراجات في لبنان لحل المشاكل العالقة.
يكشف احد الديبلوماسيين عن جهود دولية للوصول الى صيغة اتفاق حول ازمات المنطقة  قبل القمة الاميركية – الروسية المرتقبة خلال شهر آب (اغسطس)، وقبل اللقاءات الدولية المتوقع انعقادها على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة في ايلول (سبتمبر) المقبل. وتشير المعلومات الى ان حفل تنصيب الرئيس الايراني حسن روحاني قد يشكل مناسبة للقاءات تكون البداية لمرحلة الانعطاف الدولية باتجاه ايجاد الحلول، مما قد يعني تحرير الساحة الداخلية من عبء الصراعات الاقليمية والدولية، مع الانطلاق بتشكيل حكومة وفق معايير سلام، لانها المخرج السليم لجميع الاطراف من الوضعية التي اتخذوها وباتوا اسرى لها تلبية لاجندات خارجية.

ف. ا. ع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق