سياسة عربية

انتخابات تشريعية هادئة نسبياً في تونس ونسبة الاقبال فاقت 51 بالمائة

باستثناء احداث بسيطة، ومواجهات مع بعض الفصائل التابعة الى تنظيمات ارهابية، مضت الانتخابات التشريعية التونسية بقدر من الهدوء النسبي. وباستثناء ملاحظات اوردها بعض ممثلي الكتل المشاركة في الانتخابات، حظيت الانتخابات التونسية بشهادات «حسن سلوك» اصدرتها هيئات دولية ومحلية مراقبة.

وكما تؤكد بعض التقارير، فإن الانتخابات التشريعية لم تكن مثالية. لكنها في الوقت نفسه جيدة، وباحسن ما يمكن ان تكون عليه في مثل الظروف التونسية. حيث ينظر لها على اساس انها مرحلة الانتقال من الربيع الثوري الى المسار الديمقراطي. ويبني عليها التونسيون الآمال بأن تكون جسراً حقيقياً نحو الديمقراطية. كما تكون نموذجاً يحتذى في مجال دول المنطقة التي خاضت تجربة الربيع، قبل ان تقتنع بانه ليس ربيعاً.
ما يؤكد الفرضية التي تتحدث عن ملامسة تلك الانتخابات حائط المثالية، تلك المشاريع الارهابية التي احاطت بالتجربة، والتي حاولت الاجهاز عليها في مهدها. بينما نجحت الدولة في حشد عشرات الآلاف من الجنود ورجال الشرطة لمحاربة تلك المشاريع الارهابية، ولتوفير اجواء آمنة للناخبين.

مهاجمة مسلحين
في هذا السياق، قتل ستة اشخاص – الجمعة – في هجوم شنته الشرطة على منزل بضواحي العاصمة التونسية، حاصرته قوات الامن لاكثر من 25 ساعة بعد ان تحصنت به مجموعة مسلحة، وذلك في آخر ايام الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية الحاسمة.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي في مؤتمر صحافي ان خمس نساء قتلن وهن بية بالرجب وهندة السعيدي وايمان العامري وامينة العامري ونسرين التي لم يذكر لقبها العائلي. واضاف ان بين القتلى ايضاً ايمن مشماش في حين اصيب حسام النفزي بجروح ونقل الى المستشفى. وقال العروي ان الوحدات الخاصة اقتربت من المنزل من ناحية المطبخ، حيث كان يختبىء الارهابيان. واضاف، خرجت النساء من المطبخ وهن يطلقن النار، واصفاً عناصر المجموعة كافة، من نساء ورجال، بانهم عناصر ارهابية.
واصيبت امرأة سادسة بجروح في كتفها بينما نقل طفلان كانا في المنزل، طفل هو مقداد المديني ابن مسلح قبض عليه الخميس في قبلي جنوب البلاد، وطفلة الى المستشفى، واصيب الطفل بخدوش واصيبت الطفلة في رأسها. وشدد العروي على ان قوات الامن التونسية بذلت كل جهدها لحماية الطفلين وذلك رغم صعوبة المهمة بسبب تعنت الارهابيين ورفضهم اخراج الاطفال من المنزل.
وبحسب متابعين للشأنين الانتخابي والامني معاً، نجحت الخطة الامنية التي وضعت لهذا الغرض في ابعاد الجماعات الارهابية عن مسرح العملية الانتخابية. وابقتها خارج دائرة الحسبة الانتخابية. وحصرت المواجهات في مناطق بعيدة عن المسرح السياسي.

نسبة الاقبال
وفي الموضوع الانتخابي، قال صحفيون راقبوا العملية بكل تفاصيلها ان صناديق الاقتراع أغلقت في موعدها، في حين فاقت نسبة الاقبال «51 بالمائة»، وسط توقعات بان تفضي تلك العملية الى اولى خطوات الممارسة الديمقراطية. والى تجربة رائدة بين الدول التي سارت ضمن اطار الربيع العربي. وبعد اجراءات تحضيرية استمرت قرابة الاربع سنوات. شهدت خلالها الساحة مداً وجزراً، وتخللتها جملة نشاطات تراوحت ما بين الازمة وخلافها. وبحسب شهادات المراقبين، جرت عملية التصويت بشكل منظم وسط إجراءات أمنية مشددة وفي ظل تجاوزات وصفتها الهيئة المستقلة للانتخابات ومراقبون محليون وأجانب بالمحدودة.
وقالت الهيئة المستقلة للانتخابات إن نسبة التصويت بلغت 51% قبل ساعة ونصف الساعة تقريبا من إغلاق مراكز الاقتراع في السادسة من مساء الاحد، وسط توقعات بان تتجاوز النسبة الفعلية حاجز الـ «53 بالمائة» في الداخل، بينما تدنت نسبة الانتخابات في الخارج الى حوالي 50 بالمائة فقط.
ويحق لنحو 5،3 ملايين تونسي التصويت في هذه الانتخابات التي ستفرز مجلس شعب تدوم ولايته خمس سنوات، وتنبثق عنه حكومة يشكلها الحزب الفائز بالعدد الأكبر من المقاعد. اما بمفرده في حال كان يشكل اغلبية، واما بالائتلاف مع غيره في حال لم يكن يمتلك اغلبية نيابية.
وتنافس أكثر من 1300 قائمة حزبية وائتلافية ومستقلة على 217 مقعداً في مجلس الشعب المقبل، بينها 18 مقعداً للتونسيين في الخارج. ونشرت السلطات ما لا يقل عن خمسين ألفا من عناصر الأمن بالإضافة إلى آلاف من أفراد الجيش لحماية مراكز الاقترع والأمن العام.
وأدلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بصوته في مكتب اقتراع بمدينة بن عروس جنوبي العاصمة وأكد أن هذه الانتخابات ستؤدي إلى بناء تونس جديدة ديمقراطية.

الاوفر حظاً
من جهته عبر رئيس حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي إثر إدلائه بصوته في ضاحية سكرة بالعاصمة عن أمله بأن تؤدي هذه الانتخابات إلى استقرار أكبر لتونس. أما الرئيس منصف المرزوقي فأدلى بصوته في مدينة حمام سوسة جنوب شرقي العاصمة. ويعتقد ان حزب النهضة ونداء تونس هما الأوفران حظاً للفوز في الانتخابات لكن أحزاباً أخرى بعضها موال للثورة وبعضها الآخر يقوده رموز من النظام السابق مرشحة بدورها للفوز بعدد هام من المقاعد.
وعبرت بعثة ملاحظي الاتحاد الأوروبي عن ارتياحها لسير الانتخابات التشريعية، ووصفت سيرها بالمنظم. وقالت رئيسة البعثة أنيمي إيبورك إن عملية التصويت تدور في أجواء جيدة مضيفة أن التجاوزات محدودة وتقع في أي انتخابات في العالم.
من جهتها أشادت بعثة مركز كارتر بما سمته السير المنظم للانتخابات وقال رئيسها عبد الكريم الأرياني إنه لم تحدث تجاوزات يمكن أن تمس بنزاهة الاقتراع.
وأضاف الأرياني أن عمليات التصويت تتم بهدوء ودقة في أغلب مراكز الاقتراع، مشيداً بأداء الهيئة المستقلة للانتخابات. يشار إلى أن ما يقرب من مائة ألف مراقب من جمعيات مدنية وأحزاب تونسية يتابعون عمليات التصويت داخل وخارج مكاتب التصويت. كما يتابع الانتخابات مئات المراقبين والملاحظين من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمات دولية على غرار مركز كارتر.

تونس – «الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق