سياسة عربية

اليمن: انحناءات رسمية لتسهيل الحوار الوطني

الملفات الكثيرة الشائكة التي تغص بها الساحة اليمنية، لم تدفع بملف الحوار الوطني الى التراجع. فقد حافظ ذلك الملف على موقع الصدارة ضمن دائرة الاهتمامات الرسمية اولاً، والشعبية ثانياً.

بينما ترتفع وتيرة المواجهات مع تنظيم القاعدة، ويتمسك التنظيم الارهابي برفع منسوب عملياته وصولاً الى «ما يمكن ان يغير وجه المنطقة»، ويعود الى تنفيذ العديد من العمليات الانتحارية اضافة الى عمليات الاغتيال، يتوقف المحللون عند متابعة حثيثة لملف الحوار، وعند اجراءات رسمية هدفها «تسهيل العتبات» التي يعتقد انها تعطل المشروع الاهم ضمن مبادرة الانتقال السلمي للسلطة والمرحلة الانتقالية التي شارفت مدتها على الانقضاء. الاجراءات الرسمية تمثلت بانحناءة تاريخية لمطالب بعض الاطراف المشاركة في الحوار الوطني والتي تصر على وضع بعض العصي في دواليب ذلك الحوار المدعوم خليجياً، والمتابع خطوة خطوة من قبل امين عام مجلس التعاون الخليجي، اضافة الى قيادات سعودية وخليجية متعددة.
فالمتابعون للشأن اليمني يتوقفون اولاً عند تنامي النشاط الارهابي، وارتفاع منسوب التخطيط الاجرامي لدى هذا التنظيم، حيث تشير المعلومات الى اعتراض الاستخبارات الاميركية مكالمة جرت بين زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري ومسؤول التنظيم في جزيرة العرب «على الساحة اليمنية» يشير فيه الى مخطط «يغير وجه التاريخ». وهي المعلومة التي دفعت بالولايات المتحدة الى اغلاق سفاراتها في العديد من دول المنطقة.

شاحنتان مفخختان
في هذا السياق، كشف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أبلغه بهذه المعلومة خلال لقائهما في الأول من آب (اغسطس) في البيت الأبيض.
وأشار هادي إلى أن «التطورات أثبتت أن جماعة القاعدة كانوا جهزوا شاحنتين مفخختين تمت مراقبتهما من قبل طائرات بدون طيار، إحداهما كانت مجهزة لتفجير ميناء الضبا شرقي حضرموت، موضحاً أنه تم إحباط هذا المخطط إثر اعتراض هذا الاتصال.
وأضاف الرئيس هادي الذي كان يتحدث أمام ضباط في الشرطة اليمنية أن القاعدة أعدت شاحنتي صهريج فخخت كل منهما بسبعة أطنان من مادة الـ «تي. إن. تي» وقد اعترضت إحداها طائرة بدون طيار، بينما كانت الشاحنة متجهة إلى ميناء الضبا، في حين أن الأجهزة الأمنية لا تزال تبحث عن الشاحنة الثانية.
وأكد هادي أن السلطات تمكنت من إلقاء القبض على أفراد الخلية، الذين كان يفترض بهم تسهيل العملية، مضيفاً، أن الغارات التي شنتها خلال الأسبوعين الماضيين طائرات بدون طيار أوقعت 40 قتيلاً من تنظيم القاعدة بينهم قياديون في التنظيم وجميع هؤلاء كانوا في منطقة صنعاء.
الى ذلك، وفي ما يتعلق بالحوار الوطني الذي تؤكد مصادر متابعة انه ما زال متعثراً، التقى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد اللطيف بن راشد الزياني في مكتبه بمقر الأمانة العامة في الرياض مع أمين عام المؤتمر أحمد عوض بن مبارك. واطلع بن مبارك الزياني على نتائج الحوار الوطني الشامل خلال جلسات عمله الأولى التي انتهت في شهر حزيران (يونيو) وعلى سير الجلسات العامة الثانية التي بدأت أعمالها في الشهر الماضي، والنتائج التي توصلت اليها فرق العمل المنبثقة عن المؤتمر.
وتم خلال الاجتماع بحث الجهود التي تبذلها الأمانة العامة للمؤتمر من أجل استكمال أعماله والوصول إلى النتائج المرجوة. وبحسب مصادر خاصة بـ «الاسبوع العربي» ابلغ بن مبارك الزياني عن مجمل الصعوبات التي تواجه الحوار، ومنها بعض الشروط التي تتمسك بها اطراف يمنية من بينها الجماعات الحوثية، واعضاء الحراك الجنوبي. ومن بين تلك الشروط الاصرار على تقديم اعتذار رسمي عن الحروب التي خاضتها الحكومات اليمنية ضد هذه التنظيمات. وبحسب المصادر عينها دار جدل موسع حول تلك القضية، حيث تشير تقارير الى ان ذلك يعني تحمل مسؤوليات ادبية وسياسية عن كل ما حدث.
وعلى الرغم من كل ذلك، فقد اضطرت حكومة هادي الى الانحناء امام تلك المطالب، وتقديم اعتذار رسمي عن تلك الحروب. حيث قدمت الحكومة اليمنية اعتذاراً عاماً عن الحروب التي شنت في عهد الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، ضد الانفصاليين في الجنوب والحوثيين في الشمال. ويأتي الاعتذار الذي تُلِي عبر التلفزيون الرسمي والصادر عن مجلس الوزراء في ظل جهود المصالحة الوطنية التي انطلقت في آذار (مارس)الفائت، وضمن مسعى لمعالجة المظالم التي تشعر بها قطاعات واسعة من سكان الجنوب. وجاء في نص بيان الاعتذار «تعتذر الحكومة عن حرب صيف عام 1994 وعما قامت به الحكومة السابقة ضد الجنوبيين باعتبار ان ذلك خطأ تاريخي لا يمكن تكراره». وتهدف اللجان المشكلة لهذا الغرض إلى اعتماد إصلاحات دستورية وإدارية كبيرة قبيل الانتخابات الوطنية المقررة في السنة المقبلة. واعتذر البيان أيضاً للسكان الحوثيين في محافظة صعدة بالشمال على خلفية الحملات العسكرية المتكررة التي شنها نظام الرئيس السابق صالح ما بين 2004 و2010 على المنطقة. واندلعت الحرب الأهلية بين شمال اليمن والنظام في الجنوب في عام 2004 في أعقاب مرور أربع سنوات على اندماج البلدين في دولة واحدة.
وطالما اشتكى سكان الجنوب من تعرضهم للتمييز من طرف الشمال بما في ذلك طرد عشرات الآلاف من وظائفهم ومصادرة أصول تابعة للدولة وممتلكات خاصة وسحب المعاشات التقاعدية من أسر الجنود الذين قتلوا في حرب الجنوب.

مواجهات
في تلك الاثناء، توالت المواجهات بين قوات الامن اليمنية وتنظيم القاعدة. فقد احبطت قوات الامن هجوماً انتحارياً كان مخططاً تنفيذه ضد مركز لتعليم اللغات الاجنبية. والقي القبض على من حاول تنفيذ الهجوم على المركز في العاصمة صنعاء. واستهدف هجوم آخر حافلة تنقل جنوداً من القوات الجوية اليمنية على طريق مطار صنعاء ما اسفر عن سقوط قتلى. وكانت الحافلة في طريقها الى القاعدة الجوية القريبة من المطار. وكانت هجمات عدة استهدفت القوات اليمنية في السابق ونسبت الى تنظيم القاعدة. بالتوازي، استعرض الرئيس هادي لدى لقائه قائد القيادة العسكرية الاميركية الوسطى الفريق لويد اوستن والوفد المرافق له الذي زار اليمن طبيعة الاوضاع في بلاده من مختلف النواحي الامنية والسياسية والاقتصادية. وتطرق هادي إلى ما عاناه اليمن ويعانيه من الارهاب وما خلفه من اضرار جسيمة على الاقتصاد والتجارة والسياحة والاستثمار. ونوه بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة التي ساهم تنفيذها في تغليب الحوار على منطق السلاح. وتناول اللقاء التعاون القائم بين اليمن والولايات المتحدة الاميركية في مختلف المجالات، وخصوصاً الامنية وملف مكافحة الارهاب.

صنعاء- «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق