الأسبوع الثقافي

مهرجان كناوة المغربي يواجه «داعش» والتطرف بالموسيقى

يجذب مهرجان كناوة الموسيقي في المغرب مئات الآلاف من الأشخاص، لكنه لا يقتصر فقط على الموسيقى والألوان، فقد أصبح يرمز لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» والتطرف.

إنه مهرجان صاخب ومتنوع، يبدأ بموكب لموسيقيي طائفة كناوة يجوب شوارع مدينة الصويرة، وهي مدينة مغربية قديمة على سواحل المحيط الأطلسي.
وترتدي كل فرقة موسيقية من الكناوة زياً مختلفاً، من جلابيب بألوان وأشكال مختلفة.
وتغني الفرق الموسيقية ثم تستريح للدخول في حلقات الرقص، ترافقهم أصوات الطبول اليدوية والصنوج الصاخبة.

المعلم
وتضم كل فرقة نحو سبعة موسيقيين، يقود كل واحدة منها قائد فرقة يسمى المعلم. ويقود المعلم الفرقة في الغناء ويعزف على آلة الكمبري، المصنوعة من خشب الجوز وجلد رقبة الإبل، ويشبه شكلها وصوتها إلى حد ما آلة غيتار افريقية قديمة.
وبعد انتهاء الموكب تبدأ الحفلات في المساء، ولا تنتهي غالباً قبل الثالثة صباحاً، وتكون في خمسة أماكن في المدينة.
وتبدأ المرحلة الرئيسية من مهرجان كناوة في ساحة مولاي حسن، بالقرب من ميناء الصيد بالمدينة، حيث يقدم أشهر الموسيقيين العالميين وكذلك فرق الكناوة عروضهم، ثم يندمجون في حلقات ودية وتشاهدهم الجماهير، التي تمتد حتى الساحل والمطاعم والحانات القليلة المحيطة بالميدان.
والمرحلة الأخرى تكون على الساحل، وتقسم على جزئين الأول على سطح إحدى القلاع القديمة، والثاني داخل مكان مغطى تقام فيه حلقات الكناوة.
المعلم عبدالسلام أليكاني قائد إحدى فرق الكناوة، يعيش في الصويرة ويعمل نجارا يصنع الآلات الموسيقية، وخصوصاً آلة الكمبري بالطبع.
يقول أليكاني «لقد كان هناك وقت تعتبر فيه هذه الموسيقى خاصة بالعبيد، لقد كانت تعتبر شيئا تافها، لكن المهرجان غيّر كل ذلك».
وأضاف «نحن الآن نعامل كفنانين، ويستطيع نحو ثلث المعلمين أن يعيشوا على كسبهم من الموسيقى فقط، وكان هذا مستحيلا في الماضي، لكنهم معترف بهم الآن رسميا كموسيقيين».
وطائفة الكناوة مسلمون متدينون، لكن دينهم مثل موسيقاهم يقوم على التعايش.
ويشارك المعلم أليكاني والمعلمون الآخرون بالطبع في الاحتفالات الدينية أو (الليلة)، لكن هذه الليالي ليست جزءا من المهرجان.
ويقول أليكاني «إنها تستمر طوال الليل، وتتضمن ذبح بقرة أو عنزة، فربما يكون هناك أحد الأشخاص مريضاً أو في حاجة إلى أن يتخلص من الطاقة السلبية».
وحينما بدأ المهرجان كان هدفه بسيطاً، وهو مساعدة طائفة الكناوة والترويج للسياحة.
وقدر عدد من زاروا مهرجان هذا العام على مدار أيامه الأربعة بنحو 250 ألف شخص.
وتتحمل الحكومة المغربية نحو ثلث ميزانية المهرجان المتاح مجاناً للجمهور، بينما تأتي بقية الميزانية من رعاة أفراد وشركات.
وتقول مديرة المهرجان نائلة التازي «كل يورو يأتي من الرعاة يدر 17 يورو يتم إنفاقها في الصويرة. وقد أسهمت السياحة في خلق المزيد من الوظائف».

التعايش
لكن مهرجان هذا العام كان له أهمية خاصة، حيث يظهر أن الإسلام يمكن أن يتعايش، في وقت يسعى تنظيم «الدولة الإسلامية» وأنصاره إلى تدمير أي فعالية مثل تلك.
وعبر دول الصحراء الأفريقية، تم تعليق مهرجان الصحراء الشهير في شمال مالي منذ عام 2012، بسبب المخاوف الأمنية عقب انتفاضة الإسلاميين هناك.
وعلى ساحل البحر المتوسط في ليبيا، أحرق مسلحون إسلاميون آلات موسيقية منها طبول وآلات نفخ، بعد أن صادروها من أصحابها وفقا لتفسيرهم للشريعة الإسلامية.
ويقول المعلم أليكاني «إنهم جهلة، لا يعلمون ما يفعلون. إنهم أغبياء، الإسلام ليس كذلك، الإسلام سلام وموسيقى وتنوع، الإسلام يحترم الأديان الأخرى».
أما مديرة المهرجان نائلة التازي فترى الموقف من منظور أوسع.
ولدت التازي في الولايات المتحدة، وهي منتجة ومنظمة لحفلات موسيقية وسينمائية، وترى مهرجان كناوة تجسيدا لدولة المغرب المعاصرة، ودورها في العالم الإسلامي.
وتقول التازي «الناس خائفون من الإسلام، لكن هذا النوع من الحفلات يظهر الإسلام الحقيقي في المغرب، الإسلام الإيجابي».
وأضافت «عندما بدأنا قبل 18 عاماً واجهنا انتقادات من الإسلاميين في المغرب، لقد رفضوا الطريقة التي يلبس ويرقص بها الشباب، لكن الآن فإن بعض الإسلاميين جزء من الحكومة ويؤيدون ما نقوم به. إنها مناسبة شعبية».
وتقول التازي إن المغرب يواجه تنظيم «الدولة الإسلامية»، مضيفة أن «مهرجان كناوة جزء مهم من هذه المواجهة».

بي بي سي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق