مخيم عين الحلوة: الخريطة العسكرية – الأمنية
تتجه الأنظار مجدداً الى مخيم عين الحلوة الذي يظل موضع قلق على خلفية الأحداث التي شهدها أخيراً، ويجري تطويق ذيولها عبر جهود واتصالات كان أبرزها تلك التي قام بها عزام الأحمد مسؤول الملف الفلسطيني في لبنان آتياً من رام الله الى بيروت موفداً من الرئيس محمود عباس.
ويبدو أن الوضع الأمني المقلق الذي تعيشه مخيمات صيدا منذ اغتيال المسؤول الفتحاوي فتحي زيدان، وما سبقها من أحداث أمنية داخل عين الحلوة، دفع بالسلطات اللبنانية من جديد الى دق ناقوس الخطر للقوى الفلسطينية للتيقظ وأخذ كل الإجراءات الكفيلة بضبط أمن مخيماتهم وتحصينها من أي اختراق لها أو عبرها للداخل اللبناني.
وفي هذا السياق، تعتبر أوساط فلسطينية أن الكلام الصريح والمسؤول الذي سمعه وفد اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا من رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد خضر حمود خلال لقائه الأخير مع اللجنة في ثكنة زغيب في صيدا، يعكس قلقاً لبنانياً متنامياً من الوضع في المخيم بقدر ما يعكس شعوراً لدى السلطات اللبنانية بخطورة ودقة المرحلة ومدى الحاجة أكثر الى حضور وفعالية أكبر للقوة الأمنية الفلسطينية المشتركة:
1- أظهرت الأحداث والجولات القتالية الأخيرة في المخيم أن «داعش» بات يخرق المخيم من خلال مجموعات فلسطينية وسورية دخلت إليه من سوريا وأخرى كانت مقيمة فيه، وهي تزداد نفوذاً من خلال محاولاتها استيعاب مجموعات جديدة في أحياء جديدة، وأن المزاج الإسلامي ظهر أكثر قوة في المخيم بسبب قيام المجموعات الوافدة من الخارج بدفع مبالغ من المال الى بعض الشباب ليحظى بالولاء له…
مخيم عين الحلوة أو «عاصمة الشتات» كما يسمى، ينزلق تدريجياً إلى أحضان «داعش». فما يسمى «الشباب المسلم» مسيطر حالياً على أحياء عديدة أصبحت بغالبيتها تميل إلى هذا التنظيم الإرهابي عقلاً وقلباً وولاء، خصوصاً أحياء الطيرة – الصفصاف – المنشية – قسم من حطين ومخيم الطوارىء. كلها أحياء تشكل أكثر من نصف المخيم باتت تخضع لسلطة «داعش» و«النصرة»، وقد أصبحَت خريطة توزيعهما مع أمرائها على الشكل الآتي:
– أسامة الشهابي: يترأس مجموعة من ثلاثين شخصاً ويتبع لـ «جبهة النصرة».
– بلال بدر: خمسون عنصراً – «نصرة».
– هيثم الشعبي: أربعون عنصراً – «نصرة».
– محمد الشعبي: «داعش».
– جمال الرميض الملقب بـ «الشيشاني»: أمير «داعش» في المخيم.
– هلال هلال: بمثابة شرعي «داعش»، ويترأس المجموعة العسكرية.
– توفيق طه (حطين) ورائد جوهر (حطين): وهما مجموعتان صغيرتان تتبعان لتنظيم «داعش».
التراخي من جانب «فتح» والسلطة الفلسطينية سيدفع بتنظيم «داعش» إلى التمدد في اتجاه أجزاء أخرى من المخيم ضمن مخطط السيطرة الكاملة عليه.
2- ثمة انقسام لدى حركة «فتح» الى جناحين يتقاربان ويتعاونان وفقاً للمصالح ومقتضيات تدعيم النفوذ في عين الحلوة وداخل السلطة الفلسطينية في رام الله.
3- قوى التحالف التي تضم «فصائل سوريا – حماس الجهاد الإسلامي – جبهة التحرير وجبهة النضال – القيادة العامة – الصاعقة»، وهذه القوى تقودها حالياً «حماس».
4- القوى الإسلامية تضم الحركة المجاهدة «جمال الخطاب» وعصبة الأنصار «أبو طارق السعدي»، وتعد نحو 300 عسكري، وتجهد هذه القوى في المرحلة الراهنة لتخفيف التوترات قدر المستطاع وبناء جسر تواصل بين الفصائل والجماعات المتطرفة.
5 – العقيد محمد محمود عيسى الملقب بـ «اللينو»، يشكل حالة خاصة ومستقلة داخل المخيم. فهو يتبع لحركة «فتح» لكنه بمثابة المنشق عنها والمتمرد على قراراتها وسياستها، ويعتبر أنها تخلت عن مبادىء الحركة.
ويقود «اللينو» حالياً حركة تسمى «تيار الإصلاح الديمقراطي» ويتبع لمحمد دحلان المقيم حالياً في مصر، وهو على خلاف عميق مع السلطة الفلسطينية، وعديد تيار «اللينو» نحو 350 مسلحاً مدربين ومجهزين للقتال والحماية، ويعتبر رقماً صعباً في معادلة مخيم عين الحلوة، حيث استطاع ملء الفراغ الذي تركته منظمة «فتح» ويضبط جيداً المناطق التي تخضع لنفوذه (الصفوري-حي الزيت – السكة – لوبيا وجبل الحليب).
المعلومات المتوفرة لدى المؤسسة العسكرية، والمتقاطعة مع معلومات الأميركيين، أن هدف «داعش» حالياً هو السيطرة على مخيم عين الحلوة. مدير استخبارات الجيش العميد كميل ضاهر أبلغ مسؤولي الفصائل الفلسطينية الذين زاروه الأسبوع الماضي بما لديه من معطيات، محذراً إياهم من أي انشقاق يمكن أن يحصل في تنظيم ينقلب جزء من مسلحيه ليبايعوا «داعش». فعندها، يقع المحظور.