الأسبوع الثقافي

جون كارسويل مشرقياً بالاسود والابيض!

إفتتحت  صالات العرض في الجامعة الأميركية في بيروت معرضها الفني الرئيسي لهذا العام، وعنوانه «جون كارسويل في أعمال مشرقية بالأسود والأبيض». وافتتح المعرض بوجود كارسويل نفسه.

وسيستمر المعرض حتى 25 شباط (فبراير) 2015 في موقعين: قاعة بنك بيبلوس للفنون في مبنى أدا دودج هول، في الحرم الجامعي، وفي متحف روز وشاهين الصليبي (سابقاً صالة عرض الجامعة الأميركية في بيروت) في  شارع الصيداني، في منطقة الحمرا قرب الجامعة.
ويقدّم المعرض سلسلة من الأعمال المونوكرومية (الأحادية اللون) التي أنتجها جون كارسويل، مؤرّخ الفنون، والفنان، والمعلم، والمستكشف، والقيّم، والباحث في فنون وثقافة الشرق الأوسط والأدنى والأقصى.
وكان كارسويل قد تخرّج في العام 1951 من المعهد الملكي للفنون في لندن وعوض أن يقتحم عالم الفن البريطاني الذي ساده الواقعيون الاجتماعيون المحليون آنذاك، أبحر على قارب بخاري ودخل إلى منطقة الشرق الأوسط عبر ميناء بيروت.
وخلال ما يقارب ستة عقود وحتى الآن، قام جون كارسويل بدراسة هذه المنطقة سائراً على خطى مُلهمه مدى العمر المستكشف الإسلامي القروسطي ابن بطوطة. وعوض أن يتتبع كارسويل طرق الحج المقدس، راقب عن كثب تنقّل الأفكار الفنية، وانتشار التيّارات الثقافية داخل وخارج المنطقة التي أعطت العالم أقدم حضاراته العظيمة.
وخلال حفل الافتتاح، قال ريكو فرانسز، مدير صالات الفنون في الجامعة: «كيفما نظرت إليه، يبقى جون كارسويل قطباً متعدد المشارب الثقافية. فهو خبير فعلاً في مجال واسع من المواضيع. وحياته تحاكي حياة رحّالة من القرن التاسع عشر».
لقد اهتم كارسويل بفن وثقافة وتاريخ الهلال الخصيب. وقاده هذا الاهتمام إلى أماكن ومراكز مختلفة: من الحفريات الأثرية في تركيا، والأردن، وسوريا، وفلسطين، إلى تدريس الفنون الجميلة في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم إلى اقتفاء خُطى المستكشفين الغربيين الأوائل في آسيا الوسطى، ثم إلى منصب قيّم المعهد الشرقي، ثم مدير متحف سمارت في جامعة شيكاغو، وبعد ذلك إلى لندن حيث أصبح مدير الدائرة الاسلامية والجنوب آسيوية في دار سوثبي للمزادات.
وقال أوكتافيان إيسانو، قيّم صالات العرض في الجامعة الأميركية في بيروت، أن أعمال كارسويل هي مثال نادر على الفن المونوكرومي من خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وهو فنّ لا يُدرج في سياق تاريخ الفنون الأوروبية والأميركية. وأردف: «إن ظهورالفن المونوكرومي الحديث في الوقت ذاته في بعض أجزاء من الشرق الأوسط لم يُتناول بشكل واسع بعد».
وقال إيسانو: «نحن في صالات العرض في الجامعة الأميركية في بيروت قرّرنا أن نعيد استحضار أعمال جون كارسويل وأن نعرضها حيث أُنتجت قبل نصف قرن، في بيروت، في ستينيات القرن الماضي. ونستفيد من هذه الفرصة التي منحها لنا جون كارسويل لنطرح بعض الأسئلة: ماذا تعني هذه الأعمال للمكان الذي أُنتجت فيه؟ وماذا تمثّّل بالنسبة لميادين المعرفة والنقاش مثل الاستشراق، وما بعد الاستعمار والتي اختبرت تقليدياً التفاعل الثقافي بين أوروبا الغربية أو أميركا الشمالية مع الشرق الأوسط؟».
وقال إيسانو: «يرى جون كارسويل أن ألوان المتوسط الغنية والقوية تجعل اللوحات اللامعة تبدو مبتذلة قليلاً، مما جعله يبتعد عن الألوان كلياً. وهو يتميّز بذلك عن المستحدثين ما بعد الحرب العالمية الثانية وعن أجيال الفنانين التي سبقته، والتي أدّى انخراطها في الشرق كمكان وكفكرة إلى تعديل بنية عملها ولونيّته. وبهذه السلسلة من الرسوم المونوكرومية ذات البُعْدَين أو الثلاثة الأبعاد، يرفع كارسويل التحدي أمام جوهر الفن الاستشراقي الزاهي والغني بالألوان والضوء واللمعان والذي يُعتقد أنه نجم عن لقاء الرسامين الغربيين بشمس المتوسط والشرق الأدنى. وهكذا يسبح كارسويل عكس التيّار وعكس ألوان الاستشراقيين الرومانسية والواقعية والطبيعية والانطباعية والمستحدثة، كما يقارع ألوان رسّامين غيرهم ممن عملوا ضمن فكرة الشرق أو تأثروا بها طوال مئتي عام. إن الاختصار اللوني الذي امتلكه كارسويل، مع مونوكروميته التي نشأت في بيروت وارتحلت في الستينيات والسبعينيات إلى أوروبا الغربية وأميركا الشمالية، مع جماليتها البانية، هي بيان مهم في فنّ وجماليات وسياسات الحوار الجاري بين الفنّين الغربي والشرقي».
هذا وقد حضر الافتتاح عدد من محبي الفنون ومن أعضاء أسرة الجامعة. وتكلم كارسويل في الحفل، كما تكلمت فيه عفاف زريق التي كانت طالبة في دائرة الفنون الجميلة وتاريخها وتعلّمت على يدي كارسويل خلال خدمته في الجامعة الأميركية في بيروت.
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق