معارض

ولادة معرض دائم لشكرالله فتوح

السبت 20 تموز (يوليو)  2013 كان الموعد مع حدث ثقافي مهم في بلاد جبيل، هو افتتاح المعرض الدائم للفنان شكرالله فتوح في الموقع ذاته الذي كان محترفه الخاص في بلدة المنصف – قضاء جبيل، هكذا وبهذا يكون حلمه القديم بدأ يتحقق بحضوره وامام عينيه عبر خطوة مميزة بالتعاون مع مجموعة من الاصدقاء.

هي خطوة اولى تتمثل بمعرض جماعي استثنائي مستوحى من عرض “fantome of opera” حضره الفنانون الاصدقاء في نيويورك وتولى كل منهم، من خلال لوحة او منحوتة او صورة، التعبير بطريقته وبمواده عن سحر المسرح وعما خلفه من اثر في نفسه.

مسرح واحد
المعرض الجماعي تضمن اعمال كل من الفنانين: رولا شريم، فيفيانا بويلّو، نقولا فتوح، بالاضافة الى المصورين ندى كرم، جانين صراف تابت، نورما ناكوزي، ندى رزق والفنان الراحل سمير مولر.
هذا العرض رأى فيه  فتوح «أجساداً تتمايل كالمرايا كأطياف على صفحة المياه، تهيم من غير هوادة كالجنون، كالهارب من مجهول من حلم عتيق، كالراحل على متن أشرعة البحارة، كالصورة، كلوحة رسام، كقطعة خزف عتيقة، كلها اجتمعت على مسرح واحد، كلها على خشبة واحدة في تمايز يكاد يشبه الجنون».

اللوحة… حدث
وعن ولادة الفكرة والدوافع  واهمية اقامة معرض دائم وماذا يضيف الى منطقة جبيل الاثرية  تحدث الفنان شكرالله فتوح لـ «الاسبوع العربي» فقال: «ان كان المكان بعيداً عن بيروت الا ان فني غير بعيد عن الناس، لقد  فكرنا كثيراً بمعرض غير اعتيادي لم تعتده العين وبما يمكن ان يعطي من قيمة جديدة او يضيف الى قيمة جبيل الثقافية والاثرية، ذلك اننا لا نريد الاكتفاء بان لدينا اثارات بل يهمنا ان نظهر كيف نتأثر نحن بها وان نؤمن التواصل بين القديم والجديد، وقبل ذلك كله، فإن دافع المعرض ايماني بان اللوحة لم تعد الواناً جميلة فقط بل بمفهوم اليوم هي حدث هي فكرة وبعدها يأتي اللون. اللوحة برأيي يجب ان تولد معنا كل يوم ويجب ان تكون مثل الشمس وتتجدد معنا وفي عيوننا كل يوم، خصوصاً اننا لو عرفنا او صدقنا ان صورة الشمس تبقى ذاتها لكان توقف الزمان والمكان».
اذاً المكان هو منطقة المنصف – جبيل المعروفة أصلاً باحتضان مجموعة من الحضارات التي افترشت شواطىء جبيل منذ أقدم العصور. في هذا الاطار يرى الفنان فتّوح أن انتقال الحضارات يمكن أن يكون بالصورة كما بالكتابة أو بالريشة وهذا ما يعطي الأشياء معنى جديداً في منطقة كمنطقة جبيل التي مرت عليها حضارات عدة، كانت دائماً تحمل وجهاً خاصاً.
ويتابع فتوح ان «المعرض الدائم يشكل محطة من المحطات التي تسمح للناس برؤية الأشياء بطريقة جديدة. والفنانون الذين شاركوا معنا لديهم حضور قوي على الساحة الفنية وقد قدموا للمعرض افضل ما عندهم».

الحياة… حركة
الصديق الخزاف الراحل سمير مولر قدم للمعرض قطعة رائعة من السيراميك، وهو الذي عرفناه الباحث الدائم عن إمتاع المشاهد بأشكال الأواني والتحف التي يقدمها، كاسراً الشكل المتداول، وباحثاً عن تجريدات وانزياحات للأشكال، أكثر إغواء مما اعتاده البصر، اذ كان يشكل عجائنه ويدوّرها بالرهافة نفسها التي أمضى بها حياته، وبالسلاسة التي تعامل بها مع صحبه وزملائه وتلامذته.
اما الأشكال التي كان يبتكرها مولر فكانت تشكل بصمته في المعارض، مسطحات متموّجة، وأواني مستديرة منفوخة، أو أسطوانية بانحناءات جميلة. كأنما أراد أن تكون الحركة هي الحياة التي يبثها في المنحوتة، لا الشكل الهندسي الصافي.
وحين ننتقل الى عمل رولا شريم فيمكن ان نطلق عليه «دينامو المعرض» لان الناس عندها في حالة هيجان دائم كما هي تماماً على المسرح تخبر فقط عن الحاضر بالوان صاخبة متعايشة مع الفكرة والموضوع.
المصورة ندى كرم من جهتها اعطت دفء المسرح حيث يمكن ان نسمع الصوت من خلال عيون الناس الذين صورتهم  كما ان الناظر الى صورها يشعر وكأنه موجود وسط هؤلاء الناس الذين صورتهم كرم معتادة  ان تلتقط اللحظة الانية وتخلدها في صورها، وقدرتها على الابتكار نتلمسها في كل صورة من صورها. هي الباحثة دائماً عن المغامرة والجديد الواقع يتحول تحت عدستها الى وهم ويتعايش الاثنان في عالمها المحسوس. اما نورما ناكوزي فنلاحظ انها تصور كما تكتب وقد عاشت سحر المسرح وظهرت قريبة منه. جنين صراف تابت اظهرت بدورها براعة في توجيه الضوء كأنها تقول ان الصوت يلحق الضوء فيما ركزت فيفيانا بويللو على لعبة اللون.

 

 


قريباً من الحلم
اما نقولا فتوح (نجل الفنان شكرالله فتوح ) فقد طوع الحديد وجعل من المادة التي تستخدم للاسلحة والحروب في منحوتاته مصدراً للسلام، نراها تكاد تنطق. اما الفنان شكرالله فتوح فشارك بلوحات اربع جديدة لا تشبه ابداً عمله في الماضي تطلبت  منه ستة اشهر من الابحاث حسبما قال، لوحات جعلنا نسافر فيها وعبرها ركز فيها بشكل خاص على الحركة (الرجلين) يريد ان يقول من خلالها اذا تحركت الرجلان يمكن ان نسمعهما. استخدم في لوحاته الواناً جديدة غريبة حيوية ومختلفة عن مجموعة الوانه المعهودة، وفي لوحاته اعتبر فتوح القماشة البيضاء للوحة ستارة المسرح فرسم داخلها وخارجها مركزاً فقط على الحركة وليس على الفضاء ولا الى تحت الرجلين. واشار الى ان  القرب من البحر حيث يمتزج اللون الأزرق بصوت الموج يجعل الاطار المكاني مميزاً وقريباً من الحلم. الحلم المشبع بالألوان. بهذه الطريقة يسمح للعالم بالتعرف على فنانين من كل المناطق، فنانين قد يكونون اختاروا الكاميرا أو الريشة أو النحت فكلها فنون تحمل لغة الأحاسيس.

فسحة
وترى الفنانة المنظمة رولا شريم أن في الموضوع العام للمعرض فسحة للحلم ولحرية التعبير. هذه الفسحة التي تتسع مع اتساع قدرة الفنان على التعبير الفني وعلى محاكاة الموضوع من خلال لغته الفنية الخاصة. فالشفافية هي التي تجعل لكل فنان تعبيره الخاص. والفنان قد ينتقل من مرحلة فنية الى أخرى لكن الميزة التي يجب أن تلازم كل فنان هي الصدق في التعبير، بحيث لا يتحول العمل الفني الى مجرد روتين بل يبقى في خانة التجدد الدائم وفي اطار البحث عن الجديد وعن الموضوع الذي يمكن التعبير عنه من خلال ما هو أعمق ما في الوجدان. وترى شريم أن في اختلاف وسائل التعبير الفني غنى لا يمكن تجاهله. وهي ترى فى المعرض فرصة لدعم الحركة الفنية في لبنان.
وفي الختام سألنا فتوح عن المعارض المقبلة فأشار الى انها لم تتحدد بعد الا انه اوضح بأن العرض سيقتصر على معرضين في السنة، معرض له مع ابنه واخر لفنانين اجانب ولبنانيين مميزين، سيكون عرضهم حول موضوع واحد على غرار المعرض الذي نحن في صدده والذي حاكى سحر المسرح، لافتاً الى ان الاختيار سيكون لفنانين يضيفون الى فنه لا يضعفونه.

كوثر حنبوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق