أبرز الأخبار

هل فعلاً نجحت اسرائيل في تعطيل محادثات السلام؟

هل فشلت عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين فعلاً؟
سؤال يطرح بقوة، مع ان الاجابة عليه واضحة وقاطعة ومحسومة. ذلك انه لا توجد عملية سلام اصلاً. وكل ما كان قائماً هو مفاوضات للتوصل الى مشروع سلام، مبني على جملة تصورات اميركية يعتقد وزير الخارجية جون كيري ان بامكانه بلورة تلك التصورات على شكل مشروع توافق عليه الاطراف المعنية بالعملية السلسة.

ما يمكن الجزم به من مستجدات، ان تلك التصورات، وتلك المحاولات لم تصل الى مستوى النضج، او الاقتراب من منطق الامور، خصوصاً من زاوية تحكم اسرائيل بها، والاصرار على المغالاة في متطلبات اليمين الاسرائيلي الذي حقق قفزات كبيرة في مجال المغالاة والتطرف في مجمل المطالب، وفي مقدمتها الاصرار على مشروع «يهودية الدولة».
اسرائيل من جهتها، لم تتوقف عند هذا الحد، بل ربطت بين مستحقات تم التوافق عليها سابقاً، وهذا المطلب، حيث اوقفت عملية الافراج عن مجموعة من المعتقلين في سجونها بحجة رفض الجانب الفلسطيني لشرط «يهودية الدولة».
ومع تأكيد المتابعين على عمق الازمة، وتجذرها، استناداً الى التعنت الاسرائيلي بخصوص يهودية الدولة، ومواصلة الاستيطان، ورفض الافراج عن الاسرى والمعتقلين، يصر الطرف الاميركي على تحميل الجانب الفلسطيني بعض المسؤولية عن عدم الاستجابة لمطلب تمديد المفاوضات التي كان مقرراً ان تصل نهايتها اواخر الشهر الجاري، ورغبتها في اللجوء الى الامم المتحدة من اجل البدء بتقديم طلبات الانضمام الى مؤسسات وهيئات اممية.

«يهودية الدولة»
في هذا السياق، قال عضو الطاقم الفلسطيني المفاوض محمد اشتية، إن إسرائيل جددت شرطها بشأن ما يسمى «يهودية الدولة»، في حين تحدثت مصادر إسرائيلية عن ضغوط أميركية على تل أبيب لتتجاوز مسألة توجه فلسطين للانضمام إلى عدد من المواثيق والهيئات الدولية.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية، إن إسرائيل تضع شروطاً جديدة مسبقة على طاولة المفاوضات، وهي تتعلق بالدولة اليهودية. وأضاف خلال مؤتمر صحفي في رام الله، خضنا تجربة المفاوضات على أمل الوصول إلى حل عادل، وزوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والتوصل لحل عادل لقضية اللاجئين ضمن إطار حل الدولتين وعلى حدود العام 1967.
وأكد شتية أن المطالبة الإسرائيلية بالاعتراف المتبادل الجديد، ليس لها أي أرضية تذكر، لأن الاعتراف المتبادل العام 1993 اعترف بوجود إسرائيل، وأشار إلى أن الشعب الفلسطيني وقيادته قدموا التنازل التاريخي، بالقبول بدولة فلسطينية على حدود العام 1967 وبنسبة 22% من مساحة فلسطين التاريخية.
وحسب اشتية، فإن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يبذل جهداً كبيراً من أجل دفع مسار عملية التفاوض، والوصول إلى نتائج إيجابية وناجحة، وأن الرئيس الأميركي باراك أوباما مطّلع بشكل أسبوعي على ما يجري بهذا الشأن، مؤكداً أن إسرائيل حاولت عرقلة أو إفشال جهود كيري، عبر الإعلان عن دفعات استيطانية والمزيد من القتل وزيادة العنف وهدم البيوت والاعتقالات.
وأكد اشتية أن إسرائيل رفضت الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، حسب ما اتفق عليه، وتحاول لأن يدفع الفلسطينيون ثمنا لهذه الدفعة، من
خلال ربطها بعدم الذهاب للأمم المتحدة، أو مقابل إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، أو مقابل تمديد المفاوضات.
وقال اشتية إن إسرائيل تهدد بإلغاء الحوافز التي منحتها للاقتصاد الفلسطيني، معتبراً ان ذلك يعني معاقبة الشعب الفلسطيني، الذي قال عنه انه «يعاقب كل يوم» بوجود الاحتلال وممارساته. وأكد اشتية أن وفداً سيذهب إلى قطاع غزة، لمناقشة إتمام عملية المصالحة على أساس تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء الانتخابات حسب الفترة الزمنية التي سيتم الاتفاق عليها.

الاستعانة بالجامعة العربية
ويبدو ان التعنت الاسرائيلي بتفاصيله الكثيرة، دفع بالجانب الفلسطيني الى الاستعانة بالجامعة العربية التي عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري، وخلصت خلاله الى تحميل المسؤولية عن فشل عملية السلام الى الجانب الاسرائيلي.
بالطبع ليس جديداً الوصول الى تحميل اسرائيل تلك المسؤولية، لكن الجديد – بحسب متابعين – قراءة ما بين السطور للبيان المقتصب الذي حمل تلك المعلومة، والذي جاء على شكل بيان نعي لعملية السلام، وللمفاوضات التي جرت تحت عنوان السعي الى تحقيق توافق على جملة ثوابت تفضي الى سلام بين الطرفين. وعلى الرغم من ان البيان يشير الى «ازمة» تمر بها عملية السلام، والى تحميل اسرائيل المسؤولية عنها، الا ان كيري نفسه اشار الى ان اسرائيل تتحمل مسؤولية ذلك.
على ارض الواقع، حذر وزير الخارجية الاميركي جون كيري الخميس من ان مفاوضات السلام الاسرائيلية الفلسطينية تمر «بلحظة حرجة». وقال كيري ان المفاوضين الفلسطينيين والاسرائيليين والاميركيين حققوا تقدماً خلال لقاء في القدس، لكنه اشار الى وجود «هوة» يجب ردمها بسرعة. واضاف ان المفاوضات تمر بلحظة حرجة، الا انه اكد ضرورة ان يبقى الحوار مفتوحاً.
واعتبر كيري ان اعلان اسرائيل في الاسبوع الماضي عن بناء نحو 700 وحدة استيطانية في القدس الشرقية المحتلة ورفضها الافراج عن اخر دفعة من الاسرى الفلسطينيين ادى الى عرقلة عملية السلام.
وانتقد كيري القرارات الاخيرة للاسرائيليين والفلسطينيين، واصفاً اياها بانها «لا تسهم في مواصلة الحوار»، لكنه استهدف اسرائيل تحديداً. حيث قال امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي «للاسف لم يتم الافراج عن المعتقلين الفلسطينيين السبت في 29 اذار (مارس) كما كان مقرراً».
واضاف «وعندما كان يمكن ان يقوم الاسرائيليون بالافراج عن الاسرى، تم الاعلان عن بناء 700 وحدة استيطانية في القدس».

احباط كيري
وعاد كيري مساء الجمعة الفائت من جولة في اوروبا والشرق الاوسط، وقد بدا عليه الاحباط والاسف من ان عملية سلام بين الاسرائيليين والفلسطيينين على وشك الانهيار.
ومع ذلك يواصل الوسيط الاميركي تكثيف اللقاءات مع الطرفين لمحاولة انقاذ المفاوضات التي تمكن كيري من استئنافها في نهاية تموز (يوليو) الماضي على ان تنتهي نظرياً بعد تسعة اشهر.
الى ذلك، وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب الانضمام الى 15 منظمة ومعاهدة دولية في الامم المتحدة، ما اغضب اسرائيل ودفع بوزير الخارجية الاميركي جون كيري لالغاء زيارته الى رام الله التي كانت مقررة الاربعاء الفائت.
ويأتي اعلان عباس هذا قبيل انتهاء مدة التسعة اشهر التي تم الاتفاق عليها بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في تموز (يونيو) الماضي للتوصل الى اتفاق.
وحسب الاتفاق الذي توصل اليه وزير الخارجية الاميركي في تموز (يونيو) الماضي، فان على الجانب الفلسطيني الامتناع عن التوجه الى الامم المتحدة خلال تسعة شهور، مقابل ان تفرج اسرائيل عن 104 معتقلين فلسطينيين منذ ما قبل العام 1993. ورفضت اسرائيل السبت اطلاق الدفعة الرابعة والاخيرة من الاسرى الفلسطينيين طبقاً للاتفاق.

أ. ح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق