الاقتصادمفكرة الأسبوع

النفط الصخري يغير اللعبة ام يعطي عمقاً للسوق؟

تعيش الولايات المتحدة بصورة خاصة وبعض البلدان الاخرى بما فيها الكويت بين الدول العربية تحولاً مهماً يتمثل في انتاج النفط الصخري والغاز الصخري. وينقسم المعنيون حول مدى تأثير هذا المصدر الجديد من الطاقة على صادرات الدول الخليجية الى الولايات المتحدة.

مع بدء انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بصورة خاصة طرح سؤال كبير: هل سيغير هذا المصدر المستجد للطاقة خريطة الطاقة العالمية ام ان تأثيره سيكون محدوداً على صادرات النفط الخليجية الى الولايات المتحدة؟

اثر محدود
من المسلم به ان زيادة انتاج النفط الاميركي معظمها من النفط الخفيف الذي يطلق عليه اسم «الخام الحلو الخفيف» السهل التكرير، والذي تؤثر زيادة الانتاج منه على الدول المصدرة للخامات الخفيفة المماثلة الى السوق الاميركية مثل نيجيريا وبعض الدول الافريقية الاخرى. لكن تلك الزيادة من النفط الصخري ستكون ذات اثر محدود على صادرات الخام الثقيل. ولاحظت نشرة «الايكونومست انتلجنس بوينت» ان صادرات النفط النيجيري الى اميركا انخفضت بنسبة 54٪ خلال العام الماضي بسبب زيادة انتاج النفط الصخري الحلو الخفيف. وقالت ان تأثير ثورة النفط الصخري على الصادرات الخليجية الى السوق الاميركية سيكون محدوداً لأن هذه الدول تصدر خامات ثقيلة لا تتنافس مباشرة مع الخامات الخفيفة. وبخصوص مستقبل صادرات النفط السعودية الى اميركا اشارت النشرة الى ان حصة ملكية «ارامكو» في المصافي الاميركية ستكون درعاً واقية لهذه الصادرات، باعتبار ان ارامكو السعودية تغذي احدى المصافي المشتركة في كاليفورنيا بخامات تقدر بنحو 600 الف برميل يومياً.
ورغم ان اميركا رفعت من معدل انتاجها من النفط الصخري، وخفضت وارداتها النفطية من الخارج، فان امكانية ان تصبح دولة مكتفية نفطياً تبقى بحسب الايكونومست، «حلماً بعيد المنال». وتوقعت النشرة في احدث تقرير لها ان تتمكن الولايات المتحدة من رفع معدل انتاجها النفطي الى 10،9 ملايين برميل يومياً، بما في ذلك سوائل الغاز الطبيعي والنفط الصخري بحلول العام 2017، وتستهلك الولايات المتحدة في المتوسط 19 مليون برميل يومياً، ما يعني انها ستظل بحاجة الى استيراد كمية كبيرة من الخامات من الاسواق العالمية. ويشكل النفط الصخري عنصراً واحداً من عناصر احتياجات اميركا من الطاقة، حيث تولد اميركا الطاقة من العناصر الحيوية مثل غاز الميثانول الذي تخلطه مع الديزل بنسب متفاوتة لتقليل استهلاك النفط.
وبحسب التقرير نفسه، فان المصافي الاميركية التي تستهلك الخامات الثقيلة من غير المتوقع ان تتحول الى استهلاك الخامات المحلية الخفيفة المنتجة من الخام الصخري، لان ذلك يعني مجموعة من التعديلات الفنية المكلفة بالنسبة الى المصافي. ويلاحظ ان الولايات المتحدة استبدلت حديثاً خامات خفيفة من المكسيك باستيراد خامات ثقيلة لتلبية احتياجات المصافي الاميركية.

ضحية النجاح
«قد تصبح ثورة النفط الصخري في اميركا ضحية للنجاح»، كما جاء في تقرير الايكونومست، باعتبار ان استمرارية هذه الظاهرة الاميركية تعتمد بدرجة كبيرة على اسعار النفط وكلفة الانتاج والمعارضة البيئية للتنقيب والاستخراج في اميركا التي تستخدم تقنية التكسير الهيدروليكي. وتعارض الجماعات البيئية استخراج النفط الصخري بهذه التقنية بحجة المخاوف من تسميمها المياه الجوفية. وثمة تحفظ مهم لانتاج هذا النوع من النفط لأن زيادة انتاجه قد تؤدي الى تراجع الاسعار. وبالتالي تحول النفط الصخري نفسه غير مجد اقتصادياً للشركات.
ويتوقع محللون ان تقود ظاهرة النفط الصخري وزيادة انتاج النفط الاميركي تلقائياً الى تحول في مراكز تجارة النفط الى آسيا فتصبح الصين اكبر مستورد للنفط خلال الاعوام المقبلة بدلاً من اميركا. وتعد السعودية ثالث اكبر مصدر نفطي الى الولايات المتحدة، اذ بلغت صادرات الخامات النفطية السعودية اليها في المتوسط اكثر من 1،2 مليون برميل يومياً خلال العام الماضي.

قلق غير مبرر
ويرى مستشار وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية ابرهيم مهنا ان الزيادة في انتاج النفط الصخري التي يقول المحللون انها اصبحت مصدر قلق متزايد لدول منطقة الخليج المنتجة للنفط، ان هذا القلق غير مبرر، وان هذه المخاوف لا اساس لها لأن الآثار الايجابية للنفط الصخري على الدول المنتجة للنفط، ومنها دول «اوبك» والدول العربية في المدى المتوسط (بين 5 و10 سنوات) تفوق الاثار السلبية. وان من الاثار الايجابية اعطاء عمق واستقرار اكبر للسوق.

الغاز الصخري
وجاء موقف الامير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، مساعد وزير البترول والثروة المعدنية لشؤون البترول، ورئيس الفريق الفني المعني بمتابعة قضايا الاغراق والدعم في التوجه نفسه، اذ استبعد في كلمته في منتدى جدة التجاري الثالث تأثير انتاج الغاز الصخري على الاقتصاد السعودي خلال الفترة المقبلة، ومؤكداً عدم وجود ضرر كبير في هذا المجال، لان الدولة لديها القدرة في مصادر الطاقة المتجددة، والمفاعلات النووية، والطاقة الشمسية.
اما المهندس محمد الماضي، نائب رئيس مجلس الادارة الرئيس التنفيذي لشركة «سابك» السعودية فقال: ان العالم، ولا سيما الولايات المتحدة يمر بثورة حقيقية في الغاز الصخري المتضمن غاز الميتان، الامر الذي ادى الى خفض ملحوظ في الاسعار وجذب للمستثمرين وظهور متنافسين جدد، وتغيير في قواعد اللعبة تماماً. واكد ان «سابك» تقوّم الفرص المتوافرة للاستفادة من الغاز الصخري».
يذكر ان الغاز الصخري هو غاز طبيعي يتكون داخل صخور تسمى صخور السجّيل، وبأعماق تصل الى الف متر، حيث يبقى محتجزاً داخل التجويفات الدقيقة لهذه الصخور الصلدة التي لا تسمح بنفاذه، ويصنف هذا الغاز من ضمن الغازات غير التقليدية، لذا لا بد من استخدام تقنيات متقدمة عند استخراجه وهي لم تكن متوافرة في السابق بهذا القدر من الكفاية، وتتمثل في الحفر الافقي من اجل تكوين اكبر سطح ملامس للصخور، وتكسيرها بالماء والرمل تحت ضغط عال من اجل احداث شقوق للوصول الى المسام المحتوية على الغاز مع استخدام محفزات كيماوية لتحرير الغاز من مكامنه الدقيقة.


الغاز الصخري خفض الاسعار
تزايد انتاج الغاز الصخري خلال السنوات الاخيرة في الولايات المتحدة بمعدلات عالية تصل الى 25٪ من اجمالي الغاز الطبيعي المستخرج. وبذلك زاد عرض الغاز، وتراجعت اسعاره، حيث راوح المليون وحدة حرارية خلال الاشهر الماضية بين 1،9 و3،3 دولارات. وبمتوسط يبلغ نحو 20٪ من اسعاره في اوروبا، و13٪ من اسعاره في آسيا، كما وصل سعر البروبان في الولايات المتحدة الى اقل من نصف سعره في آسيا واوروبا. ونتيجة لذلك، برزت نهضة صناعية جديدة يمكن ان تغير خريطة الطاقة العالمية، مدعومة بوفرة وتنافسية الغاز الطبيعي وسوائل الغاز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق