رئيسيسياسة عربية

السودان: المعارضة تتعهد بخلع البشير خلال مئة يوم

مرة اخرى تعود الاوضاع في السودان الى نقطة الصفر. لكنها – هذه المرة – مختلفة عما كانت عليه في السابق. فالتطورات الاخيرة تكشف عن ازمة حقيقية محكومة بهواجس مؤامرات متبادلة، وصلت الى حد التلويح بخلع الرئيس البشير، الذي رد على ذلك بوقف تصدير النفط الجنوبي، والغاء جميع الاتفاقيات التي ربطت الجانبين، وقيل عنها انها كانت سبباً في انهاء الازمة بشكل كامل.

مع ان القضية قديمة، وتعود الى سنوات طويلة لم تفلح اتفاقات تقاسم الثروة والسلطة في طيها، الا ان تطورات منطقة كردفان ظلت بمثابة الشرارة التي تعيد تأزيم الموقف بشكل دائم. كما ظلت المناطق الحدودية، خصوصاً منطقة ابيي بؤرة للصراع الدائم بين الطرفين.
اما الشرارة المباشرة فقد تمثلت بمحورين اثنين: الاول، تفجير انبوب نفط في منطقة ابيي، قالت الخرطوم ان جيش جنوب السودان هو الذي اقدم على تدميره. قابله تطور داخلي تمثل بتصاعد المعارضة الشمالية واتهام الخرطوم لنظيرتها جوبا باشعال الموقف.
في هذا السياق، نفى جيش جنوب السودان اي تورط له في تفجير انبوب النفط في منطقة ابيي المتنازع عليها بعد ان وجهت الخرطوم اتهاماً لجوبا بدعم المتمردين.
واعتبر نائب المتحدث باسم جيش جنوب السودان ملاك ايوين ذلك بـ «الكذبة المفبركة»، مضيفاً ان المعلومات الوحيدة لديه تتمثل بان التفجيرات مصدرها تقارير اعلامية. وقال ايوين انه ليس لديه اي معلومات مرتبطة مباشرة بالهجوم، لان قواته كانت متمركزة في جنوب ابيي الواقعة على الحدود بين الدولتين.
واتهم الجيش السوداني مجموعة متمردين بالوقوف وراء التفجير في دفرة وبتلقي الدعم الفني من جيش جنوب السودان. ونفى ايوين دعم اية قوات متمردة، مشيراً الى انه ليس للجنوبيين اية قوات في تلك المناطق لانهم قاموا بسحبها تنفيذاً للاتفاقات التي تم توقيعها.
وتأتي هذه الاتهامات بعد يومين من قيام وزارة النفط السودانية بابلاغ الشركات العاملة في نقل نفط الجنوب وتصديره عبر الاراضي السودانية بوقف تدفق نفط الجنوب.
وقال الرئيس السوداني عمر البشير ان الخرطوم لن تسمح بان يتم استخدام عائدات تصدير نفط جنوب السودان لدعم المتمردين ضد السودان.
وقال المتحدث باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد في بيان ان متمردين من حركة العدل والمساواة، كبرى تشكيلات التمرد في دارفور جاءوا من داخل جنوب السودان لشن الهجوم على انبوب النفط.
من جهتها، ألغت السلطات السودانية الاتفاقات الامنية والاقتصادية مع جنوب السودان التي كانت ابرمت هذا العام بهدف خفض التوتر اثر مناوشات على الحدود. واعلن وزير الاعلام السوداني احمد بلال عثمان في مؤتمر صحافي «سنوقف العمل بجميع الاتفاقيات التسع وليس فقط اتفاقية النفط».
ويأتي اعلان الوزير بعد اصدار الرئيس السوداني عمر البشير امراً بوقف نقل نفط جنوب السودان عبر الاراضي السودانية لتصديره. كما يأتي بعدما حذر البشير سلطات جوبا من دعمها المتمردين في ولاية جنوب كردفان الحدودية واقليم دارفور بغرب السودان. وتنفي سلطات جوبا دعمها المتمردين ضد سلطات الخرطوم. وكان السودان وجنوب السودان توصلا في آذار (مارس) الماضي بعد اشهر من المناوشات والمواجهات المتقطعة، الى جدول مفصل لتطبيع العلاقات واقامة منطقة عازلة، اضافة الى توقيع ثمانية عقود اخرى. واجازت هذه العقود تدفقاً حراً للسلع والمسافرين عبر الحدود المتنازع عليها وعودة تدفق نفط الجنوب الذي اوقفت ضخه جوبا العام الماضي متهمة الخرطوم بالاستيلاء عليه بغير حق. وحثّ البشير الشباب على الالتحاق بالجيش، والاستعدادلـ «الجهاد». ولم يحدد الرئيس السوداني «العدو» في هذا الصراع، لكن قائد قوات الدفاع الشعبي في السودان قال إن رجاله مستعدون لمواجهة جنوب السودان. وجاء الأمر بإغلاق خط أنابيب النفط بعد ثلاثة أشهر من إنهاء البلدين خلافاً عميقاً بشأن تصدير الخام. ويحمل خط الأنابيب النفط من جنوب السودان عبر السودان إلى ميناء على البحر الأحمر، وهو الطريق الوحيد لتصدير نفط الجنوب إلى الأسواق العالمية. ومن شأن تأكيد وقف ضخ النفط أن يبدد الآمال في شريان اقتصادي للبلدين الفقيرين، اللذين كانا يعتمدان في السابق على صادرات النفط والرسوم الخاصة بها، في تحصيل جزء كبير من دخل الدولة.
في هذه الاثناء، دعت حركة المعارضة الرئيسة في السودان إلى تنظيم احتجاجات حاشدة لاطاحة الرئيس عمر البشير، قائلة: إن عمليات التمرّد في البلاد والأزمة الاقتصادية جعلت الرئيس ضعيفاً ومكروهاً. وأعلنت المعارضة عن تدشين العمل الجماهيري لخطة المئة يوم لتحالف المعارضة من أجل إسقاط النظام. وكشفت المعارضة عن خطة لتنظيم ندوات جماهيرية في العاصمة وكل مدن السودان، وتوقعت انتهاء النظام قبل نهاية المئة يوم التي حددتها كمهلة لاسقاط نظام البشير وخلع الرئيس من موقعه، رغم المعلومات التي تشير الى حصوله على دعم كبير من قبل الجيش. وغيّرت المعارضة نهجها هذا العام، وأعلنت في كانون الثاني (يناير) أنها ستنسّق مع تحالف لجماعات متمرّدة تسعى إلى اطاحة بالبشير، وتتمركز في إقليم دارفور في غرب البلاد وولايتين حدوديتين في الجنوب. ومن بين أعضاء الجبهة الثورية، حركة العدل والمساواة في دارفور، التي هاجمت الخرطوم في العام 2008.
وقال تحالف قوى الإجماع الوطني، الذي يضم أحزاب المعارضة الرئيسة، إنه قرر الدعوة إلى اطلاق احتجاجات حاشدة، نظراً إلى أن الحكومة تفقد شعبيتها سريعاً. وأضاف أن البشير قد يرحل عن السلطة في غضون ثلاثة أشهر. أما فاروق أبو عيسى رئيس تحالف الصحافيين فرأى أن النظام الآن في أضعف حالاته، مشيراً الى ان هناك حرباً أهلية في معظم ولايات البلاد، وهناك أزمة اقتصادية حادة، وان المواطن يعاني لكي يوفر طعامه وخدمات، من صحة وتعليم، معتبراً ان منظومة تلك الخدمات انهارت تماماً، وهناك حالة من الغضب الشعبي ضد الحكومة، وان الفساد أصبح هو الصفة الغالبة للنظام في كل مرافقه. وخلص ابو عيسى الى ان النظام انتهى ومات، وان المعارضة ستقوم بدفنه بعد فقدان أسباب وجوده. وكشفت المعارضة عن مخططها المتمثل بتنظيم ندوات في أطراف العاصمة، وفي وسط المدن الثلاث (الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري) والجامعات وكل مدن السودان.

الخرطوم/جوبا – «الاسبوع العربي»
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق