رئيسيسياسة عربية

صنعاء: انقلاب على «حصانة صالح» والمطالبة بمحاكمته

بينما يتواصل الحوار الوطني للاطياف السياسية اليمنية، بدا واضحاً ان الاجواء العاصفة ما زالت تسيطر على المشهد العام بكل تفاصيله. فالاجواء الساخنة داخل قاعات الحوار، والمشادات التي تحدث بين الاطراف المتحاورة، والتناقضات المعروضة على طاولة البحث، كلها مؤشرات تدفع الى الاعتقاد بأن التوصل الى اتفاق قد لا يكون امراً سهلاً.

غالبية المتفاوضين يتمسكون بداية بمواقف تفاوضية ذات سقوف مرتفعة. بينما البعض يصر على ما يمكن ان يوصف بانه «مطالب تعجيزية». وهناك من جاء الى القاعة وهو غير مقتنع بالحوار اصلاً، وغير مقتنع بانه سيوصل الى اتفاق.
من هنا يخلص البعض من المحللين الى تقسيم المشاركين الى فئات عدة، من بينهم من جاء مقتنعاً بالحوار وبأنه سيوصل الى نتيجة معينة تنهي الازمة القائمة. ومن بينهم من جاء وهو غير مقتنع به اصلاً، وينتظر اعلان فشله، لكنه لا يريد ان يسجل على نفسه او حزبه موقفاً كهذا.
الا ان الصورة بشكل عام تبدو مطمئنة، ومنسوب التفاؤل مرتفعاً بامكانية الوصول الى حد ادنى يمكن من انهاء الصورة المرعبة التي يبدو عليها الواقع بالنسبة الى بعض من تعمقوا في المشهد وحللوا جزئياته وصولاً الى قناعة بان الصورة قد تكون قاتمة.
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي يتابع المشهد عن كثب، والذي يبدي حرصاً على انجاح الحوار وجه رسالة خلال الاسبوع الفائت الى المتحاورين، شدد خلالها على ان بديل الحوار هو الحرب والفوضى، وانه ليس امام المتحاورين الا التوافق على حد مقبول من الثوابت. والوصول الى صيغة توافقية لدستور يمني جديد يضمن مصالح القوى كافة، ويلغي التقاطعات الحادة في ذلك المشهد.
رسالة الرئيس اليمني الى المشاركين لم تنطلق من فراغ، فمن جهة تعترف ضمنياً بالخلافات الحادة داخل قاعات الاجتماع، والطروحات المتناقضة، والمتشددة، التي يجري تداولها بين المجتمعين. وفي الوقت نفسه ما يجري خارج القاعة، وعلى امتداد الساحة اليمنية والذي يؤشر على تفاقم الازمة وارتفاع منسوب الخلافات المتفجرة.

مواجهات
من ذلك، المواجهات التي تشهدها بعض محافظات الجنوب، خصوصاً محافظة عدن، حيث قتل اشخاص عدة وجرح آخرون عندما اطلقت قوات الامن الرصاص على محتجين في المدينة الجنوبية التي تعتبر عاصمة التمرد، ومركز المطالبة بالانفصال.
وقال شهود ان الشرطة دخلت حي كريتر واطلقت النار عندما حاولت فتح الطرقات التي وضع فيها انصار الحراك الجنوبي الحجارة والاخشاب مما ادى الى مقتل احد المارة ويدعى هشام النونو. وكان حارس سجن قتل في هجوم مسلح قبل ذلك بليلة في المدينة عينها.
ويأتي ذلك بينما يسود توتر شديد في عدن حيث اصيبت احياء عدة بينها المنصورة والشيخ عثمان ودار سعد وكريتر بشلل شبه كامل بدعوة الى «العصيان المدني» اطلقته مجموعات متشددة في الحراك الانفصالي.
كما اصيب العشرات من انصار المجموعات الانفصالية بحجارة وعوارض خشبية عند محاور الطرق المؤدية الى عدن بينما اغلقت المحلات التجارية واجهاتها واقفلت المصارف والمدارس والكليات ابوابها.
وفي ما بعد، بدأت الحركة تعود الى طبيعتها في معظم الاحياء، باستثناء كريتر حيث ادى مقتل احد المارة الى صدامات متفرقة بين المحتجين والشرطة.
وينظم الانفصاليون منذ 21 شباط (فبراير) صباح كل اربعاء وسبت «عصياناً مدنياً» في عدن احتجاجاً على مقتل عدد منهم في مواجهات مع قوات الامن. ويقود هؤلاء التيار الاكثر تشدداً في الحراك الجنوبي بزعامة نائب الرئيس اليمني السابق المقيم في المنفى علي سالم البيض.
الى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، وبعض المدن نشاطاً حراكياً ينطوي على محاولة للانقلاب على بعض ثوابت مشروع الانتقال السلمي المنبثق عن المبادرة الخليجية. فقد نظمت اللجنة التنظيمية للثورة في اليمن تظاهرات حاشدة تطالب بمحاكمة المتسببين في مقتل المتظاهرين السلميين الذين سقطوا خلال أحداث الثورة ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح التي انطلقت في شباط (فبراير) 2011.
وفي تصريحات صحافية، قال محمد الصبري، المتحدث الرسمي باسم اللجنة، إنها تسعى الى تنظيم تظاهرات كبيرة من أجل محاكمة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ورموز نظامه الذين «قتلوا الثوار ونهبوا أموال الشعب».  وطالب الصبري ممثلي قوى الثورة في مؤتمر الحوار الوطني المنعقد حالياً في البلاد بالضغط من أجل تسريع إصدار قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية المتعثر منذ أكثر من ثمانية أشهر.

اجراءات رادعة
ودعا المتحدث باسم اللجنة التنظيمية للثورة في اليمن الدول الراعية للمبادرة الخليجية إلى اتخاذ إجراءات رادعة بحق من يعرقلون تنفيذ الآلية التنفيذية للمبادرة وتجميد أرصدتهم المالية ومنعهم من السفر. ولا يزال صالح يرأس حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم سابقاً والشريك بالنصف في الحكومة الحالية، وهو ما تعده أحزاب اللقاء المشترك (الشريك الآخر بالحكومة) مناقضاً للمبادرة التي تقضي بتخلي الرئيس السابق عن العمل السياسي بما في ذلك رئاسة حزبه المؤتمر.
في مسار آخر، قام الرئيس اليمني عبد ربه منصور بزيارة رسمية إلى روسيا استغرقت أربعة أيام. وأوضح وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي في تصريحات صحافية بأن هادي اجرى خلال الزيارة مباحثات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين تتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل دعمها وتعزيزها بالإضافة إلى مناقشة سير تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقضايا محل الاهتمام المشترك. وأضاف القربي أن الرئيس هادي التقي كذلك رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف بالإضافة إلى كبار المسؤولين ورجال الأعمال والمستثمرين الروس وبحث معهم العلاقات الإقتصادية والتجارية بين البلدين.
وفي السياق الامني، جدد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اتهامه لإيران بالتدخل في شؤون بلاده وزعزعة أمنها واستقرارها. وقال هادي في تصريحات صحافية نقلت عنه: «هناك قوى إقليمية تعمل على عدم استقرار اليمن من أجل تحقيق مصالح وطموحات غير مشروعة». وأشار إلى «السفينة الإيرانية جيهان التي تم ضبطها في المياه اليمنية يوم 23 كانون الثاني (يناير) الماضي، وكانت تحمل أسلحة تدميرية متنوعة وبحجم كبير يصل إلى أربعين طناً». وتابع الرئيس اليمني أن «هناك أسلحة اخرى أرسلتها إيران بهدف زعزعه أمن اليمن وعدم خروجه من الظروف الصعبة إلى واحة الأمن والاستقرار والتطور والازدهار».

صنعاء – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق