دوليات

من الصين الى روتردام وسط جليد القطب الشمالي

يوم الثلاثاء، 10 ايلول (سبتمبر)، تحقق انجاز تاريخي جديد، عندما رست ناقلة الحاويات الصينية، يونغ شنغ، في مرفأ روتردام، بعد رحلة بدأت في داليان، في 8 آب (اغسطس) الماضي. وكان في استقبالها على رصيف ماسفلاكه 2، جمهرة من الصحافيين والمصورين، دليلاً على اهتمام اعلامي خارج عن المعتاد. واما اكسب الحدث صفة تاريخية، هي الطريق التي سلكتها السفينة يونغ شنغ، وصولاً الى اكبر مرفأ في اوروبا، ليس الطريق التقليدي، عبر قناة السويس، وانما عبر «الممر الشمالي – الشرقي» الاسطوري، ومضيق بيرينغ وجليد القطب الشمالي، المعروف بـ «الطريق الشمالية البحرية» شمال روسيا.

ذوبان الجليد
وليست هي المرة الاولى، التي تجري فيها تجربة هذه الطريق. ولكن يونغ شنغ، هي اول ناقلة حاويات صينية (19 الف طن تملكها شركة كوسكو العملاقة)، تخرق جليد القطب، ولسنا في هذه الحالة، امام مزاج كلامي، فذوبان جليد المحيط القطبي الشمالي، التدريجي الذي وصل في السنة الماضية، الى حده الادنى، اثار مخاوف بيئية خطيرة، ولكنه رفع من قيمة هذه الطريق البحرية واهميتها. يبلغ طولها بين شانغهاي وروتردام 15 الف كلم مقابل 20 الفاً للطريق التقليدية عبر السويس. مما يعني بين 12 و15 يوم ملاحة اقل. بينما قطعت يونغ شنغ المسافة في 35 يوماً، مع ما يعني ذلك من توفير في الوقود وفي الكلفة.

حدود ومجهول
عوائق عديدة، ما تزال قائمة على الطريق البحرية الجديدة. فسلوكها يقتصر على شهرين ام ثلاثة في السنة، اشهر الصيف، وحتى في هذه الفترة تحتاج الملاحة الى مساعدة سفينة لسحق الجليد امامها. ولا بد من انتظار سنة 2030، وربما 2050، لتمديد فترة الملاحة، اضافة الى ان ميزات الرحلة تجعلها قليلة الملاءمة لحاملات الحاويات الكبيرة الحجم، مع العلم ان يونغ شنغ، سفينة متنوعة الحمولة، حاويات وحمولات اخرى مما يفرض اللجوء الى اكثر من سفينة لتأمين الحمولة، ويخفف من طبيعة العملية التجارية.
ولكن هناك مزايا اخرى لهذه الطريق، مثل عدم تعرضها – حتى الآن – لعمليات القرصنة، مثلما هو الحال على طريق قناة السويس. فكانت النتيجة زيادة اهتمام «اللاعبين» الدوليين، وارتفاع عدد اذونات الملاحة وعدد الرحلات عبر طريق الثلوج: 2 في سنة 2009، 4 في سنة 2010، 34 في سنة 2011، 46 في السنة الماضية. وبلغ عدد الرحلات التي عبرت القطب، حتى 30 آب (اغسطس)، عشرين، بينما بلغت الاذونات التي منحتها السلطات الروسية المشرفة على الطريق، حتى على مسافات قصيرة حوالي 500.
ولكن الاهتمام الذي تظهره السلطات الصينية، في هذه الطريق الجديدة، من النوع الذي يلفت النظر، فالصين تنوي تحويل حتى 15 في المئة، من ملاحتها التجارية، حتى سنة 2020، عبر الطريق البحرية الشمالية.

مرفأ روتردام
اما مرفأ روتردام الذي استقبل السفينة، فيمتد على 12 الف هكتار من الارض ويصل حجم نشاطه الى 450 مليون طن من البضائع في السنة، فهو اهم مرفأ في اوروبا والخامس في العالم.
ويتابع مرفأ روتردام، في طبيعة الحال، عن كثب، امكانات تطوير الطريق البحرية الجديدة.
ولكن اكثرية الخبراء يعتبرون في الوقت الحاضر، ان تأثير فتح طريق الشمال سيبقى خفيفاً على الحركة التجارية، في المستقبل القريب. نسبة الى الطريق التقليدية، التي مرت عبرها 17 الف سفينة في السنة الماضية.
ويختلف الحديث عن انعكاسات نشاطات استخراج النفط والغاز في القطب الشمالي الذي بدأت تتسابق عليه الدول المطلة على بحر الجليد. فلا بد من مراقبة هذا التطور عن كثب، بالنسبة الى الشركات العاملة في قطاع البتروكيميائيات ومقرها مرفأ روتردام.

جوزف صفير
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق