سياسة لبنانيةلبنانيات

تكثيف التحرك الدبلوماسي باتجاه الطبقة السياسية اللبنانية للاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية

نجحت الوساطة المصرية – القطرية المدعومة اميركياً في التوصل الى اتفاق بين حماس واسرائيل، حول تمديد الهدنة يومين اضافيين بالشروط عينها التي حكمت الهدنة الاولى. وازداد الامل بالوصول الى تمديدات اخرى، قد تؤدي في نهاية الامر الى اتفاق على وقف للنار. فاسرائيل التي تهدد وتتوعد لا تعبر عن حقيقة نواياها، لانها باتت تدرك بعد خمسين يوماً انها عاجزة عن تحقيق اهدافها بانهاء حماس، التي لا تزال تتمتع بكامل قوتها. فضلاً عن ان الاستمرار في الحرب يدمر الاقتصاد الاسرائيلي.
والهدوء الذي يسود غزة ينعكس ايضاً على الحدود الجنوبية اللبنانية وذلك واضح من خلال توقف القصف والاشتباكات خلال الهدنة الاولى. واستغل العديد من الاطراف الداخلية والدبلوماسية صمت المدافع لتتكثف الدعوات الى تحييد الجبهة اللبنانية، وتطبيق القرار 1701، بنشر الجيش على الحدود بمعاونة قوات حفظ السلام الدولية، وسحب المسلحين الى جنوب الليطاني وتجنيب لبنان حرباً غير قادر على تحملها. فهل يقتنع المعنيون ان ما دفعه لبنان حتى الساعة ارخى بثقله على الوضع الاقتصادي والمعيشي للبنانيين، وان المساندة الدبلوماسية قد تعطي فعلها في المحافل الدولية، اكثر من القتال.
فبعد التصريح الذي ادلي به قائد اليونيفيل الجنرال لازارو والذي حذر من ان استمرار القتال على الحدود الجنوبية قد تكون له انعكاسات مدمرة، دخلت امس على الخط المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرنشيسكا، التي قابلت رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي واعلنت في نهاية الاجتماع: «اتيت لابلغ دولة الرئيس عن لقاء مجلس الامن في نيويورك، وما قلته في كلمتي بالنسبة الى القرار 1701، وضرورة التمسك به وتنفيذه على ارض الواقع، وكيفية حماية لبنان من الحرب في المنطقة، اضافة الى موضوع الاصلاحات ودور مؤسسات الدولة وانتخاب رئيس للجمهورية». واضافت «ان مجلس الامن يهتم كثيراً بموضوع لبنان لان له دوراً استراتيجياً في المنطقة، كما ان موقف مجلس الامن موحد في شأن لبنان». كذلك التقت فرنشيسكا رئيس مجلس النواب نبيه بري للغاية عينها وجرى عرض للاوضاع العامة والمستجدات السياسية والميدانية.
في هذه الاجواء تترقب الاوساط السياسية وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان – ايف لودريان وزيارته هذه المرة ذات شقين: انتخاب رئيس للجمهورية وتنفيذ القرار 1701، والعمل على منع انزلاق لبنان الى الحرب. في الشق الاول لقد كانت له صولات وجولات خلال زياراته السابقة ولم يستطع ان يحقق اي خطوة في هذا المجال، فعسى ان ينجح في الشق الثاني واعادة الهدوء الى الحدود الجنوبية، خصوصاً وان ذلك هو مطلب اوروبي واميركي وقد صرح بذلك الرئيس الاميركي جو بايدن بذلك بنفسه. وقال انه يضغط على العدو الاسرائيلي لعدم فتح الجبهة على حدوده الشمالية وعدم خوض الحرب مع لبنان.
الواقع الغريب على الارض انه ازاء كل هذه الحركة الدبلوماسية الناشطة، لانتخاب رئيس للجمهورية، يعيد البلد الى موقعه الطبيعي، يقف المجلس النيابي اللبناني المعني الاول بهذا الاستحقاق، متفرجاً، دون ان يخطو ولو خطوة صغيرة في هذا الاتجاه. وهذا الموقف ينطبق على الكتل النيابية كلها وعلى الطبقة السياسية التي تلتزم الصمت دون اتخاد اي موقف فعال. هذه الطبقة لم تلاحظ ان الوضع في المنطقة يتغير، وان هناك دعوات لعقد مؤتمر دولي للسلام. وقد سبق وعقد مؤتمر منذ اسابيع قليلة في القاهرة ولم يدع اليه لبنان، وقبله عقدت لقاءات مهمة في الاردن وغيرها وكان لبنان الغائب الاكبر. لماذا؟ لقد تردد ان الدول المهتمة بهذا البلد، ارادت ان تعاقب السياسيين المتنكرين للمصلحة الوطنية والذين يقفون متفرجين على بلدهم يغرق. فهل يريدون ان تتم التسويات والحلول على حساب وطن اعطاهم الكثير فبخلوا عليه بالقليل. لذلك كله يجب ان يتحرك المجلس النيابي باسرع وقت، فيلقي الجميع خلافاتهم الداخلية جانباً، ويتفقوا على شخصية حيادية بعيدة عن كل الاصطفافات السياسية وتتمتع بالكفاءة والقدرة، تعيد الحياة الى المؤسسات عبر حكومة فاعلة وكاملة الصلاحيات. ان الحرب الدائرة في المنطقة حالياً تمهد الطريق امام رسم خريطة جديدة. فهل يدرك السياسيون اللبنانيون انهم اذا لم يتحركوا اليوم فان لعنة التاريخ ستلحق بهم الى الابد؟
على الصعيد الداخلي يعقد مجلس الوزراء جلسة غداً على جدول اعمالها قضية النزوح السوري الذي يجب الا يغيب لحظة عن اعين المسؤولين نظراً لما يشكله من خطورة على البلد. كذلك يتوجب على الحكومة ان تدرك انه لم يعد لديها ترف الوقت وان الشغور في قيادة المؤسسة العسكرية اصبح على قاب قوسين او ادنى، فهل تسارع الى حسم هذا الموضوع الملح؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق