سياسة لبنانيةلبنانيات

لا ضمان ولا مستشفى… لا ادوية… اسعار ملتهبة والحكومة تتلهى بـ «الميغاسنتر»

مع اشتداد حدة القتال في الحرب التي شنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اوكرانيا. بهدف توسيع امبراطوريته، يزداد الوضع المعقد اصلاً في لبنان تعقيداً غير مسبوق. وفيما يعاني اللبنانيون ضائقة لم يعرفوا مثلها في تاريخهم، يتلهى المسؤولون في البحث بـ «الميغاسنتر» التي لا تقدم ولا تؤخر، بل انها وسيلة ربما لتطيير الانتخابات. فالحكومة التي كان عليها توقع ما يمكن ان ينتج عن الحرب، التي كان بوتين يحضر لها، وقد حشد مئات الاف الجنود لها، فتعمد الى تأمين كميات احتياطية كافية لفترة من القمح والمحروقات، ذهبت بعكس ما كان متوقعاً، فانشغلت بالميغاسنتر، وهذا يثبت مرة جديدة ان المسؤولين تخلوا عن مسؤولياتهم او انهم ليسوا على قدر المسؤولية.
يعقد مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم جلسة على جدول اعمالها 18 بنداً، في طليعتها واهمها، بالنسبة الى الحكومة، هي الميغاسنتر. وقد بات شبه مؤكد انها ستثير الانقسامات وتعمق الخلافات، فهل تؤدي في النهاية الى تطيير الانتخابات؟
كان على حكومة «معاً للانقاذ» ان تضع في اولوياتها حياة المواطنين، الذين تخلى عنهم الضمان الاجتماعي ورفضتهم المستشفيات، الا اذا اضطر المريض الى دخول المستشفى، عليه عندها حمل عشرات ملايين الدولارات معه، ليسدد بها الفروقات التي تترتب عليه من جراء تعدد الحسابات وفق تعدد اسعار صرف الدولار. لقد كان على الحكومة ان تضع على جدول اعمالها كيفية تأمين الدواء للمرضى وخصوصاً ادوية الامراض المزمنة، الا ان ذلك يبدو انه ليس من اهتمامها. فنسمع التصريحات والبيانات يومياً، انه تم تأمين هذه الادوية، والحقيقة ان المرضى بدأوا يموتون بسبب عدم وجود الدواء. ولكي ننصف هذه الحكومة نشير الى وصول بعض الادوية التي عادت تحتل مكانها على رفوف الصيدليات، غير ان اسعارها خيالية وفوق قدرة المريض للحصول عليها، خصوصاً وهو يعاني من الفقر والجوع.
هذا بالنسبة الى الدواء ولكن ماذا عن المواد الغذائىة والسلع المعيشية وقد التهبت اسعارها، فيما اخفى التجار والمحتكرون الكثير منها في دهاليزهم، طمعاً في تحقيق الربح الوفير على حساب المواطن المعدم. لقد ادى ارتفاع اسعار المشتقات النفطية الى ارتفاع قاتل في اسعار المواد الاساسية لحياة الانسان، الذي لم يعد يملك المال لشرائها، بعدما نهبت امواله في المصارف وضاعت، والحديث جار اليوم عن تبددها الى الابد، وبعدما اقفلت الشركات وعمت البطالة، حتى اصبح عدد العاطلين عن العمل اكثر من 50 بالمئة من اليد العاملة فيما هاجر القسم الاكبر ممن تبقى. هذا مع العلم ان الاسعار ستبقى في تصاعد مستمر، طالما بقيت الحرب دائرة. ويبدو انها لن تتوقف في وقت قريب، بعدما صمم الرئيس الروسي على المضي بها حتى النهاية، على امل ان يستعيد مجد الامبراطورية الروسية الغابر.
اننا نعيش في «لا دولة»، والامل مفقود في الاصلاح في ظل هذه الطبقة السياسية، التي افقرت الناس وافرغت الخزينة، وهي تتلهى اليوم في مناقشة الميغاسنتر. ان الخارج بات ينظر الى هذه المنظومة بازدراء اذ لا يمكن لانسان ان يدعي المسؤولية، ويتخلى عنها، فتعم الفوضى ويتوسع الفلتان وتنعدم المحاسبة. حتى الشعب المفترض فيه ان يحاسب، بعدما تخلى الذين اختارهم ليمثلوه في السلطة عنه، فباعوه بابخس الاثمان، ساعين وراء مصالحهم الخاصة. لقد استفحلت الازمة وتمددت ووقعت كوارث، ولم نسمع كلمة واحدة من الذين يفترض فيهم الدفاع عن الشعب وحماية مصالحه.
هل تطير الانتخابات، انقاذاً لبعض الخائفين منها؟ ربما. وهم ينشطون في كل الاتجاهات لتحقيق ذلك، فيعلن التمديد لاشهر للمجلس النيابي وهذه الاشهر تتحول الى سنوات، وفقاً لتجارب سابقة. فهل يبقى الشعب صامتاً هذه المرة ايضاً؟ ان التعويل عليه لم يعد قائماً بعد هذا التقاعس القاتل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق