سياسة لبنانيةلبنانيات

احلام سهلة التحقيق اذا صفت النيات ولكنها مع هذه المنظومة بعيدة المنال

انقاذ المواطنين واخراجهم من جهنم من اولويات اي رئيس يحلم به اللبنانيون

ودع اللبنانيون عاماً غير مأسوف عليه واستقبلوا عاماً جديداً، وايديهم على قلوبهم من ان يكون شبيهاً بالذي انقضى. فالامل باي اصلاح او تغيير، لا يوحي بالكثير، على يد منظومة دمرت البلد وقضت على احلام اللبنانيين ونقلته من البحبوحة والخير الى الفقر والجوع. فعشش الفراغ في ادارات الدولة كلها وشلت الحركة، وانعكست على المواطنين فحزموا امتعتهم، وتشتتوا في اصقاع العالم يبحثون عن حياة كريمة، فشلت المنظومة المتحكمة في تأمينها لهم. رحل العام منهياً سنوات مليئة بالكوارث والويلات، فتدمر الاقتصاد وافرغت الخزينة، وفقدت الليرة اللبنانية 95 بالمئة من قيمتها، وتوقف القضاء عن العمل، وادارات الدولة اقفلت ابوابها بوجه المواطنين، فتعطلت قضاياهم، باختصار لقد رسمت صورة شديدة السواد نقلت لبنان من النعيم الى جهنم، وقادته في دروب لا تشبهه، فتقطعت علاقاته مع الدول العربية والصديقة، ودخل في عزلة يعجز حتى الساعة عن الخروج منها.
من المفترض ان يستأنف المجلس النيابي نشاطه بعد عطلة غير مبررة، خصوصاً في هذه الظروف الكارثية، والعيون شاخصة اليه، هل يعي المسؤولية المترتبة عليه، فيسارع الى انهاء الشغور في الرئاسة الاولى، ام انه سيتسمر في عرض فصول من المسرحية الهزلية المحزنة والمعيبة، فيعمق الالم، ويوسع دائرة البؤس؟ لقد بات واضحاً ان اي مرشح من فريق 8 اذار او 14 اذار غير مقبول لا داخلياً ولا خارجياً، ولا يمكن للبنان ان ينهض معه، لان الدول المهتمة بلبنان رافضة مد يد المساعدة، بوجود رئيس من هذه الطبقة لانها متأكدة من انه سيمدد للحالة الكارثية المسيطرة. مع العلم ان البلد يغص باصحاب الكفاءات الذين يتمتعون بنظافة الكف وبثقة الداخل والخارج، وبالتالي هم قادرون على انهاضه من الحالة الكارثية التي يتخبط فيها، واعادته الى لعب دوره الذي تميز به على مر السنين.
والرئيس الجديد امامه مهمات صعبة وشاقة، وكلها تحمل طابع الاولوية والسرعة في المعالجة. ولكن المهمة الابرز والتي تتعلق بمعيشة المواطنين هي وقف تدهور الليرة ولجم ارتفاع سعر صرف الدولار، الذي وصل في نهاية السنة الى ابواب الخمسين الف ليرة، فانهار كل شيء امامه وسقطت تداعياته على حياة اللبنانيين، فانقلبت بهجة الاعياد التي اعتادوا عليها الى حرمان قاتل. وتزداد الامور سواداً وصعوبة متى علمنا ان البنك المركزي كان له دور في ارتفاع سعر صرف العملة الخضراء، وترك المافيا تعمل على هواها فكان هذا التدهور الخطير. ولذلك على اي رئيس قادم ان يولي هذه القضية الاولوية في المعالجة، فيعيد لملمة الوضع، ليتمكن المواطن من التقاط انفاسه بعدما بلغ حد الاختناق.
والرئيس، اياً كان هذا الرئيس، لا يمكنه ان ينجح الا اذا عاونته حكومة، يكون وزراؤها بعيدين كل البعد عن الطبقة السياسية الحالية، متحررين من اي ارتباطات او قيود، وعندها يصبح النجاح مضموناً وعلى الحكومة الجديدة ان تضع الخطط المالية والاقتصادية والانمائية المدروسة مستعينة بذوي الكفاءة والخبرة، لا ان تكون خططاً سطحية غير مدروسة كالتي شاهدناها مؤخراً، وقد رفضت كلياً. ويجب ان يلاقي الحكومة في نشاطها هذا، المجلس النيابي الذي يدرس مشاريع القوانين جيداً قبل اقرارها، لا ان يتم ذلك دون مناقشة وعلى طريقة صدق. فللمجلس دور كبير في اصلاح اي خلل شرط ان يكون ولاء النواب للمصلحة الوطنية لا لرؤساء الكتل الذين ساهموا في وصولهم الى ساحة النجمة.
بعد تأمين كل هذه الشروط، يتحتم على وزارة الاقتصاد ان تنشر مراقبيها في كل المناطق ليضبطوا بجدية تامة حركة الاسعار المتفلتة والتي تكاد ان تقضي على حياة من تبقى في البلد بعد هجرة شبابه، بحثاً عن مستقبل يضمن لهم حياة كريمة. والرقابة على الاسعار لا تتم بالتصريحات كما هو حاصل اليوم، لان اصحاب المحلات التجارية باتوا يدركون ان كلام المسؤولين هو للاستهلاك، وهو يحمل طابع الشعبوية. ولذلك ترى عدداً من موظفي السوبرماركت لا عمل لهم سوى التنقل بين الرفوف وتبديل الاسعار من عال الى اعلى، دون اي رادع من ضمير ودون اي مراعاة لظروف المواطنين القاتلة. فالطمع في تحقيق الارباح الفاحشة بات الهدف الاول لدى بعض هؤلاء. لقد شهدنا الاسعار في الارقام الاخيرة، وخصوصاً في فترة الاعياد، تتبدل مرتين وثلاثاً في اليوم الواحد، لتتماشى مع ارتفاع اسعار الدولار التي تحددها المافيا ويلاقيها البنك المركزي.
ومطلوب من وزارة الطاقة بعد تحريرها من ايدي القابضين عليها، والذين اوصلوا اللبنانيين الى العتمة الشاملة، بعد وعود 24/24، كانت كلها بعيدة عن الواقع وهدفها تمرير بعض السياسات، مطلوب منها وضع خطة مدروسة بعد اصلاحات فورية، تبدأ بتشكيل الهيئة الناظمة، التي بحت الاصوات المنادية بها دون جدوى، ووقف التعديات وازالتها، وتأمين الجباية الجدية والشاملة، فلا يكون هناك فريق لا يدفع ويتمتع بالتيار قبل الذي يدفع. وتأمين التيار وفي مراحل تدريجية سريعة، حتى الوصول الى 24/24 اذ لم يعد من الجائز في هذا العصر، وقد وصلت الكهرباء الى مجاهل قارات العالم ان يبقى لبنان الذي عرف بمنارة الشرق، بلا كهرباء ويعيش في العتمة.
وفي النهاية لا بد مع اطلالة العام الجديد ان نوجه كلمة ثناء وشكر الى قوات الجيش والقوى الامنية التي امنت الاستقرار والامان، ولعبت دوراً مميزاً في كشف الجرائم وملاحقة العابثين بالامن ومنعت التعديات، رغم الضائقة المعيشية التي يعيشونها. هذه بعض الافكار السهلة التنفيذ اذا صفت النيات ولكن مع هذه المنظومة هي احلام بعيدة المنال. لان الاصلاح هو من شيم اصحاب المكارم، لا من فساد طبقة شهد العالم كله على فسادها وانكارها لشعبها هي بكل وقاحة تطل بين الحين والاخر، مستخفة بعقول المواطنين وتقول انها انجزت. قد تكون على حق اذا كان افلاس البلد وتدمير حياة شعب بكامله وايصاله الى جهنم هو من الانجازات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق