الأسبوع الثقافيرئيسي

سلطنة عمان: التخطيط الاستراتيجي للتعليم بما يواكب العصر

أكد السيد أسعد بن طارق آل سعيد ممثل السلطان قابوس أهمية تعديل استراتيجية التعليم بما يتواكب مع متغيرات العصر، مشيراً إلى أن سلطنة عمان تمكنت بفضل توجيهات السلطان من تجاوز الكثير من الصعاب للوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة، حيث أصبحت عُمان بين الدول المتقدمة في التعليم، كما أن التخطيط الاستراتيجي الذي سوف يأخذنا إلى عام 2040 وربما أبعد هي مرحلة مهمة تلزم جميع فئات المجتمع بالتعاون وبذل المزيد من الجهود.
وأضاف قائلاً: ان مرحلة التعليم تحتاج إلى دعم مادي وبنية أساسية ويجب أن ننتقي الاحسن في بلادنا كما وجهنا السلطان بانتقاء الأصلح لعمان وفقاً لما يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا ووفق ما يفيد المستقبل، للوصول إلى اعتماد ذاتي يسهم في تحقيق فائض من المتعلمين والمثقفين لإدارة كل المرافق التي قامت الدولة بتأسيسها، مؤكداً بأن المراحل التي مر بها التعليم لم تكن سهلة حيث كانت الموارد المالية للسلطنة ضئيلة ولكن بحكمة السلطان تمكنا من توزيع المخرجات والموارد إلى جهات متعددة، كما أن العمانيين آخذوا زمام هذه المرحلة وهذا أمر مهم جداً ونحن في الماضي كانت لدينا مشاركات اجنبية ولكن اليوم أصبح العماني المخلص هو المنتج الاساسي وذلك يتطلب الجد والاجتهاد وليس التقاعس ، مشيراً إلى أن السلطان شدد في خطاباته على أهمية الجد والاجتهاد وعدم التقاعس للوصول إلى الهدف المنشود.
وأعرب عن سروره برؤية ثمرة النهضة التعليمية والمشاركة المجتمعية التي يؤمل أن تكلل بالتوفيق، جاء ذلك خلال رعايته افتتاح الندوة الوطنية: «االتعليم في سلطنة عمان: الطريق إلى المستقبل» التي بدأت أعمالها بفندق قصر البستان أمس.
وأوضحت الدكتورة راوية بنت سعود البوسعيدية وزيرة التعليم العالي أن تطوير التعليم هو السبيل الموصل إلى تحقيق التنمية الشاملة بما تقتضيه من إحداث تغييرات بنيوية في الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بهدف الارتقاء بالمجتمع إلى المستوى الذي ننشده استيعاباً وإنتاجاً وإبداعاً واستخداماً؛ فالغاية من التعليم هي بناء الإنسان الذي يعد الثروة الحقيقية لأي مجتمع، فمهما توافرت مقومات الثراء المادي، فإن تنميته تتوقف على مستوى العنصر البشري المؤهل، والكفاءات الماهرة في مختلف القطاعات الخدمية والإنتاجية. وقد قطعت السلطنة شوطاً كبيراً في هذا المجال، إذ انتشرت مؤسسات التعليم بمختلف مستوياته ومجالاته في ربوع السلطنة كافة، وكانت هذه أولوية حرصت عليها الحكومة، مستلهمة رؤاها من النظرة الثاقبة  للسطان قابوس.

نقطة ارتكاز لعقول قادرة
وقالت: يعد التعليم نقطة الارتكاز لرفد البلاد بالعقول القادرة على دفع عجلة التنمية والتطور نحو الأفضل، ونوجه كلمة شكر وتقدير للمعلم والمعلمة ولجميع العاملين في الطواقم الإدارية والإشرافية والفنية والمساندة في قطاع التعليم إذ هم جميعاً القلب النابض، والمحور الرئيسي في الارتقاء بمستوى طلابنا في مؤسسات التعليم المختلفة، وبهم يتحقق النجاح بإدراكهم أن مهنة المعلم هي رسالة الأنبياء والمرسلين، مدركين سعيهم للارتقاء بمهنتهم الشريفة هذه لبناء أجيال عمان المستقبل وأن يسهموا في توجيه النشء إلى مكارم الأخلاق والقيم الفاضلة، كما نأمل منهم أن يقوموا بدورهم في بذل كل جهد مخلص لتطوير أنفسهم واكتساب الاتجاهات الإيجابية نحو هذه المهنة النبيلة، وأن يكونوا دائماً وأبداً السراج الوهاج الذي ينير طريق المستقبل للتعليم في هذا الوطن العزيز. فطوبى للمخلصين من التربويين والمعلمين الذين أخذوا على عاتقهم أمانة العلم وتربية الشبيبة العمانية، وطوبى لكل يد امتدت لمساندتهم ودعمهم في مساعيهم الخيرة سائلين الله لهم التوفيق والسداد.
وواصلت حديثها قائلة: التعليم أساس بناء الإنسان الذي هو هدف التنمية وغايتها، فقد وجّه السلطان قابوس في مناسبات كثيرة إلى الاهتمام بالتعليم، باعتباره السبيل الأمثل لإعداد القوى الوطنية القادرة على وضع خطط التنمية في شتى المجالات، وتنفيذ برامجها، وإدارة عملياتها بما يحقق الغايات المنشودة، وفق المستويات المطلوبة من الجودة والإتقان، وبما يضمن التعامل السليم المبني على التفكير المنطقي والمنهج العلمي مع المتغيرات والمستجدات العالمية بكل كفاءة واقتدار، آخذا في الاعتبار المحافظة على الهوية الحضارية العمانية المستمدة من الثقافة العربية الإسلامية.

الاستراتيجية الوطنية 2014
وطرحت الندوة في يومها الأول مشروع الاستراتيجية الوطنية للتعليم في سلطنة عمان 2040  ومشروع إعادة هيكلة منظومة التعليم، وعرض الدكتور عبدالله بن محمد الصارمي وكيل وزارة التعليم العالي مشروع الاستراتيجية، وقال: تأتي هذه الاستراتيجية استجابة للتوجيهات السلطان قابوس
في كلمته في مجلس عمان 2011، بإجراء تقويم شامل للعملية التعليمية. وترتكز الاستراتيجية على دراسات متخصصة ومعمقة قامت بها مجموعة من الخبراء المحليين والدوليين، وتأخذ في الاعتبار المستجدات التي طرأت على قطاع التعليم. وتمثلت رؤية الاستراتيجية الوطنية للتعليم في سلطنة عمان 2040 في بناء موارد بشرية تمتلك المهارات اللازمة للعمل والحياة مما يمكنها من العيش منتجة في عالم المعرفة ومؤهلة للتكيف مع متغيرات العصر ومحافظة على هويتها الوطنية وقيمها الأصيلة، وقادرة على الإسهام في رقي الحضارة الإنسانية.

إنجازات تتبعها تحديات
وأشار في حديثه إلى إنجازات السلطنة في قطاع التعليم، حيث تمثلت في التحاق (97،8%) من الأطفال في سن التعليم الأساسي بالمدارس، وارتفاع معدل الالتحاق بالتعليم ما بعد الأساسي ليصل إلى (84،3%)، وازدياد معدل التحاق الطلبة بالتعليم العالي في الفئة العمرية (18-24) إلى (28،7%) في عام 2012، مقارنة بـ (12،6%) في عام 2000، إلا أن هذه الإنجازات تركزت في نشر مظلة التعليم والجوانب الكمية له، في حين بقيت جودة نظام التعليم تشكل تحدياً ملحوظاً، وكان التركيز منصباً على مؤسسات التعليم بدلاً من منظومة التعليم.
وركز الصارمي على التحديات التي تواجه قطاع التعليم أبرزها: تعدد الجهات الإشرافية على التعليم ولا سيما التعليم العالي، والحاجة إلى تحسين جودة مخرجات نظام التعليم، وتوفير فرص العمل المناسبة لها، وندرة الكفاءات البحثية العالية إلى جانب الاعتماد بشكل كبير على الحكومة مصدراً لتمويل التعليم، مشيراً  إلى ضرورة أن تقتضي مواجهة هذه التحديات ووضع الحلول المناسبة لها بأسلوب علمي ومنهجي ووضع استراتيجية شاملة متكاملة لمنظومة التعليم.

أسس تمهد الطريق
واشار إلى أن الاستراتيجية بنيت على أربعة أسس تمهد الطريق لخمس استراتيجيات فرعية، يناقش كل منها جانباً من جوانب عملية تطوير التعليم. والأسس الأربعة هي: تبني إطار عمل جديد للتعليم، وبناء القدرات في النظام التعليمي، ونقل المسؤوليات للمؤسسات التعليمية، وتبني أسلوب مبني على المخرجات، و تضمنت الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040 خمس استراتيجيات فرعية، هي: استراتيجية إدارة التعليم، واستراتيجية التحاق الطلبة وتقدمهم عبر المراحل التعليمية وقطاعات العمل، واستراتيجية بناء الجودة في التعليم، واستراتيجية البحث العلمي والتطوير، واستراتيجية تمويل التعليم.
موضحاً أنها وضعت وفقاً للأسس العامة للاستراتيجية الكبرى، وبنيت على دراسات الفرق البحثية، وتوصيات أوراق العمل، ودراسة مجلس التعليم، ودراسة الفريق الفني، وتوجهات المجلس الأعلى للتخطيط. وتناقش هذه الاستراتيجيات التحديات التي يجب التغلب عليها لتحقيق رؤية الاستراتيجية الكبرى. وتبدأ كل استراتيجية بهدف عام، تنبثق منه التوصيات اللازمة لتحقيقه. كما أُعدت خطة تنفيذية للاستراتيجية، تضمنت تحديد أولوية تنفيذ كل توصية وفق ما تتطلبه الاستراتيجية، وتحديد الجهات المسؤولة عن تنفيذها، والنتائج المتوقعة، ومؤشرات لقياس التنفيذ، والإطار الزمني للبدء في التنفيذ والانتهاء منه، وشملت كذلك الخطوات المتسلسلة لتطبيق التوصية.

إعادة هيكلة منظومة التعليم
كما عرض الدكتور عامر بن عوض الرواس – شركة تصنيع تكنولوجيا النفط والغاز «مشروع إعادة هيكلة منظومة التعليم» في خمسة محاور رئيسية تناولتها دراسة إعادة هيكلة منظومة التعليم، وهي: إعادة هيكلة التعليم العام، وإعادة هيكلة التعليم العالي، والطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي، وتنويع التعليم العالي ومواءمته مع احتياجات المجتمع ومتطلبات سوق العمل، وأنظمة إدارة جودة التعليم.
وأوضح الرواس أنه جاءت هذه الدراسة تنفيذاً لتوجيهات السلطانقابوس، الذي أكد جلالته في خطابه أثناء الانعقاد السنوي لمجلس عمان لعام 2012 أهمية التعليم، وضمان جودة مخرجاته، وضرورة مراجعة سياساته وخططه وبرامجه، بما يواكب المتغيرات المتسارعة التي يشهدها الوطن. وسعياً لوضع هذه التوجيهات موضع التنفيذ، اتخذ مجلس التعليم قرارات عدة، منها تشكيل لجنة رئيسية للإشراف على دراسة إعادة هيكلة منظومة التعليم بمختلف مراحلها، وضبط جودته، وتنويع مخرجاته، ورفع الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي، والتعليم التقني والمهني، وقامت اللجنة في سبيل إنجاز مهامها واختصاصاتها بتشكيل عدد من اللجان الفرعية وفرق العمل اختص كل منها بمحور من تلك المحاور.
وقد وضعت اللجنة الرئيسية خطة لهذه اللجان من أجل وضع خطة تنفيذية للإشراف على المحاور اشتملت على معرفة الإطار العام لمنظومة التعليم والاطلاع على الدراسات وجمع البيانات بالإضافة إلى المقارنة والتحليل والتنسيق مع أصحاب العلاقة والاطلاع على نماذج لأفضل الممارسات العالمية وصياغة التقرير.
وتمكنت الدراسة من توصيف أبرز التحديات التي تواجه منظومة التعليم في السلطنة، من خلال تحليلها للدراسات المتوافرة، وقيامها بالزيارات الميدانية محلياً وعالمياً، وتقويمها للوضع الراهن لهذه المنظومة، وقدمت الدراسة جملة من المقترحات لمواجهة تلك التحديات، والعديد من التوصيات المتصلة بالمحاور الخمسة المستهدفة. وجاءت نتائج الدراسة في خمسة تقارير مستقلة، يغطي كل منها بشكل مفصل ودقيق محورا من محاور الدراسة، إضافة إلى ملخص تنفيذي، يستعرض أهم الجوانب المتعلقة بتطوير منظومة التعليم في السلطنة.

دراسة إعادة هيكلة التعليم
كما أقيمت جلسات متزامنة، حيث عرضت الجلسة الأولى دراسة إعادة هيكلة التعليم العالي قدمها الدكتور سالم بن سعيد التوبي – وزارة الصحة، وتنطلق هذه الدراسة من حاجة قطاع التعليم العالي في السلطنة إلى التطوير بما يتواكب واحتياجات المجتمع والتطورات العلمية والمعرفية المتسارعة، بغية تمكين مخرجات قطاع التعليم من المنافسة العلمية والتقنية إقليمياً وعالمياً. ومن هذا المنطلق؛ اشتملت الدراسة على أقسام عدة، هي إدارة التعليم العالي بمختلف مستوياته ومساراته، وإعادة هيكلة كليات العلوم التطبيقية والكليات التقنية والمعاهد الصحية ومعهد العلوم الشرعية ومراكز التدريب المهني وتبعيتها، ودراسة عدد مؤسسات التعليم العالي والتقني القائمة الحكومية منها والخاصة ونوعيتها، وإعداد التصورات المستقبلية المناسبة لهذا الشأن، إضافة إلى دراسة إمكانية وضع إطار قانوني للتعليم العالي.
وتناولت الدراسة مختلف مؤسسات التعليم العالي الحكومية باستثناء المؤسسات العسكرية، وقد اتضح وجود عدد من التحديات، وخرجت الدراسة بعدد من التوصيات التي تقترح إعادة هيكلة إدارة هذا القطاع، على أن يشمل المقترح المكونات الرئيسية الآتية: مجلس التعليم بصفته الجهة المسؤولة عن رسم السياسات العامة للتعليم بجميع مراحله وأنواعه وبشقيه الحكومي والخاص، ووزارة التربية والتعليم بصفتها جهة تنظيمية وإشرافية وتنفيذية في جانب التعليم ما قبل المدرسي والمدرسي الحكومي وجهة تنظيمية وإشرافية للتعليم المدرسي الخاص، ووزارة التعليم العالي بصفتها جهة تنظيمية وإشرافية معنية بقطاع التعليم العالي الحكومي والخاص، والهيئة العمانية للاعتماد الأكاديمي التي يتمثل دورها في منح الاعتماد لجميع مؤسسات التعليم ما قبل المدرسي والمدرسي، واعتماد مؤسسات التعليم العالي والتقني والمهني وبرامجها.
وتضمنت الدراسة كذلك مقترحا بشأن إعادة هيكلة كليات العلوم التطبيقية والكليات التقنية والمعاهد الصحية ومعهد العلوم الشرعية ومراكز التدريب المهني، وعرضت توصيات للبدائل المقدمة في هذا الجانب بناءً على أسباب اقتصادية وتعليمية. وقدم الى المؤتمر عدد من الدراسات القيمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق