ثقافةرئيسيسياسة عربية

المؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة… الوسطية تلقي بظلالها على دورة مسقط

يفتتح  وزراء الثقافة في العالم الإسلامي اليوم المركز الثقافي بمدينة نزوى الذي يأتي تتويجاً لاحتفالات مدينة نزوى عاصمة ثقافية إسلامية للعام الجاري. وبافتتاح المركز تكون منظومة ثقافية متكاملة قد دشنت في واحدة من أهم المدن العمانية وأكثرها عراقة.

وكان وزراء الثقافة في العالم الإسلامي قد بدأوا صباح أمس أعمال المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الثقافة الذي تستضيفه السلطنة ويختتم فعالياته غدا بتلاوة البيان الختامي والتوصيات.
ويزور الوزراء اليوم مدينة نزوى عاصمة الثقافة الإسلامية للتعرف على معالمها الحضارية والتاريخية.
وحملت دورة مسقط شعار «نحو ثقافة وسطية تنموية للنهوض بالمجتمعات الإسلامية». ويرأس وفد السلطنة في أعمال المؤتمر السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة بحضور  إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي و الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إيسيسكو»، ووزراء الثقافة بدول العالم الإسلامي رؤساء وفود بلدانهم.
وتناقش الدورة ستة محاور رئيسية تتصل بجهود منظمة «ايسيسكو» في إطار الحوار والتنوع الثقافي والرد على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والمسلمين وما يتعلق بجهود المنظمة في إطار برنامج العواصم الثقافية الإسلامية.
ويبحث المؤتمر جهود ايسيسكو في إطار تنفيذ استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي خارج العالم الإسلامي وجهودها في مجال تنفيذ استراتيجية تطوير تقانيات المعلومات والاتصال في العالم الإسلامي.
وتهدف السلطنة من استضافة المؤتمر إلى تعزيز الحوار بين الثقافات في العالم الإسلامي ومواءمتها مع المتغيرات الدولية، وكذلك متابعة تنفيذ الاستراتيجية الثقافية وتطوير تقانة المعلومات والاتصال في العالم الإسلامي، إضافة إلى النهوض بدور الوساطة الثقافية في العالم الإسلامي التي تهدف إلى فتح توجه جديد في إعداد السياسات الثقافية.
وقال السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة العماني في كلمته الافتتاحية أمام المؤتمر «إن الهدف الأسمى من الاحتفاء بالمدن الإسلامية كعواصم ثقافية إسلامية إحياء تاريخها وحضاراتها وإسهاماتها الثقافية والعلمية من أجل بناء الحاضر والمستقبل مستلهمة مبادئها من الحضارة الإسلامية التي هي إرث مشترك للإنسانية جمعاء على اختلاف شعوبها وتباين أجناسها وتنوع عناصرها الفكرية وخصوصيتها الحضارية».
وأضاف «إن الاحتفال بنزوى عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2015 يأتي لما تتمتع به هذه المدينة العريقة من مكانة تاريخية وحضارية ودينية وثقافية ومن خلال هذه الاحتفالية تم تسليط الضوء على مدينة نزوى وإبراز معالمها وعلمائها الذين كان لهم دور كبير في التاريخ والحضارة العمانية والإسلامية وإلى جانب الاحتفاء بمدينة نزوى تحتفل أيضاً جمهورية كازاخستان بمدينة «ألماأتا» وجمهورية بنين بمدينة كوتونو كعاصمتين للثقافة الإسلامية لعام 2015».
وأوضح أن المملكة العربية السعودية الشقيقة استضافت الدورة الثامنة لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي وحملت عنوان «من أجل تعزيز الحقوق الثقافية في العالم الإسلامي لخدمة الحوار الإسلامي» وهي التي أسهمت في تنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي وانتخاب المجلس الاستشاري المكلف بتنفيذ هذه الاستراتيجية وكذا تم اعتماد مشروع الإعلام الإسلامي حول الحقوق».
وحول الشعار الذي تحمله دورة مسقط «نحو ثقافة وسطية تنموية للنهوض بالمجتمعات الإسلامية» قال وزير التراث إنه «يشتمل على مضامين هامة لترسيخ الثقافة الوسطية التنموية والوسطية الثقافية التي هي مجال أرحب للتعددية والتنوع الثقافي وإحدى آليات الحوار الحضاري الذي يحقق السلم في المجتمعات وبناء ديمقراطية ثقافية مشتركة تسهم في تقريب وجهات النظر بين دول العالم الإسلامي».
وتشغل الثقافة الوسطية ونبذ التعصب المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة بعد أن سادت ثقافة التعصب والكراهية مساحات واسعة من الأمة الإسلامية.
واختير هذا الشعار ليكون في دورة مسقط متناسباً مع الدور الحضاري الكبير الذي تقوم به السلطنة في مجال نشر ثقافة التسامح والوئام بين الأمم والشعوب. وتفعيل استراتيجية العمل الثقافي الإسلامي للمراكز الثقافية خارج العالم الإسلامي، وتقريب وجهات النظر وفض النزاعات المحتملة.
وقال الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «إن انعقاد الدورة التاسعة للمؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة تحت شعار «نحو ثقافة وسطية تنموية للنهوض بالمجتمعات الإسلامية» يعبر عن اهتمام العالم الإسلامي بقضايا التنمية الشاملة المستدامة في أعقاب القمة العالمية التي عقدت مؤخراً في مقر الأمم المتحدة والتي أقرت الأهداف الجديدة للتنمية الشاملة للخمس عشرة سنة المقبلة من العام 2016 وحتى 2030».
وأكد التويجري في كلمته أن هذا الشعار يعكس اهتمام العالم الإسلامي بمحاربة التطرف والغلو على مختلف المستويات والتصدي للإرهاب بجميع أشكاله باعتباره الخطر الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين.
وقال التويجري إن الثقافة الوسطية هي نقيض للثقافة المتطرفة وإن الثقافة التنموية هي بديل عن ثقافة التخلف بجميع مظاهره الذي يبدأ من التخلف في الفكر وينتهي إلى التخلف الاجتماعي والاقتصادي مشيراً إلى حرص الدول الإسلامية على إبراز هذا المفهوم العلمي وتسليط الضوء عليه والسعي إلى العمل على بلورته وترسيخه واعتماده مقوماً من مقومات المنهج المعتمد في عالمنا الإسلامي المشترك في نطاق اختصاصات المؤتمر. لذلك كان الربط بين الثقافة والتنمية باعتبارها من أقوى الوسائل للنهوض الحضاري الشامل ومن ضروريات التقيد بهذا المنهج العلمي الذي هو السبيل نحو تفعيل العمل الثقافي العام والارتقاء به حتى يكون رافداً قوياً للتنمية الشاملة المستدامة التي تنشدها بلدان العالم الإسلامي وتوطد العزم على العمل من أجل دعمها بكل الوسائل المتاحة.
وأضاف أن المرحلة الحرجة التي يمر بها العالم الإسلامي اليوم بمشكلاتها وأزماتها تقتضي تعزيز التضامن الإسلامي وترسيخ قواعده وتوسيع نطاقه وذلك لحماية أمن الدول الأعضاء ثقافياً ودينياً وعدم التدخل في شؤونها بأي شكل من الأشكال واحترام التنوع المذهبي فيها.
وقال التويجري متحدثاً عن الثقافة الوسطية «إنها تنأى عن التطرف والتعصب في المفاهيم الثقافية، وعن الغلو والانغلاق في العمل الثقافي العام وإن من شأن تعزيز دور الخطاب الديني الوسطي المعتدل وترشيده إغناء الثقافة في مفاهيمها ومضامينها».
وتسلمت السلطنة رئاسة الدورة التاسعة للمؤتمر من المملكة العربية السعودية لتكون في عهدة السلطنة لمدة عام كامل.
وتدارس المؤتمر مساء أمس مشروع خطة عمل للنهوض بدور الوساطة الثقافية في العالم الإسلامي بهدف إعداد السياسات الثقافية في العالم الإسلامي ووضع آليات لتوسيع دائرة الوساطة لتشمل مجالات أخرى في العالم الإسلامي.
كما تدارس المؤتمر أمس الصيغة النهائية لمشروع المضامين الإعلامية حول الإسلام في ضوء القانون الدولي من خلال دراسة مظاهر الحرية الدينية في تجلياتها الراهنة وإبراز كيف أن الإساءة إلى الأديان وبالخصوص الدين الإسلامي أمر مخالف لقواعد القانون الدولي جملة وتفصيلاً.
واستعرض رؤساء الوفود التقارير الوطنية التي تكشف جهود دولهم حول الجهود المبذولة في إطار تنفيذ الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي.
وقدمت وزارة التراث والثقافة تقرير السلطنة الوطني حول جهودها في تطبيق الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي «2013-2015» والذي تضمن عشرات الفعاليات الثقافية والفنية في مجالات المسرح والسينما والفنون التشكيلية والفنون الشعبية واستعرض التقرير مشاركات السلطنة الثقافية الداخلية والخارجية في الندوات والمحاضرات وفي معارض الكتب.
من جانبه قال إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي في كلمة له أمام المؤتمر «إن اختيار مكان انعقاد المؤتمر موفق للغاية، فمدينة مسقط الرائعة شاهد على مدى إسهام هذا البلد في تعزيز الثقافة الإسلامية وتواصلها مع الثقافات الأخرى، ودار الأوبرا السلطانية والعمل القيم الذي يضطلع به مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم من خلال مسابقات تحرير المقالات والمحاضرات وجوائز الشعر وغير ذلك دليل على مركزية الثقافة الإسلامية في الراية المستنيرة والقيادة الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد.
وقال إياد مدني «هناك ممارسات ثقافية نواجهها كمجموعة من دول اتخذت لنفسها منصة للتعاون في ما بينها وهي منظمة التعاون الإسلامي التي يجمع بين أعضائها الهوية المشتركة والرموز الثقافية الواحدة والموحدة ولا مناص لنا من مواجهتها والتصدي لها. ومن هذه الممارسات ثقافة الظلم والعدوان، فاستمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين يشكل تهديداً خطيراً للمعالم والمؤسسات الثقافية الإسلامية في القدس الشريف».
كما تحدث إياد مدني عن ثقافة التهميش التي برزت خلال الأزمة الحالية للمهاجرين إلى أوروبا الذين استغلت مأساتهم لإذكاء عناصر العداء للإسلام والمسلمين.
كما تحدث مدني عن ثقافة الدمار ذاكر مثالاً على ذلك إقدام معتنقي التطرف العنيف على هدم مواقع ثقافية إسلامية مهمة في سوريا والعراق ومالي، وهي أعمال إجرامية يهدف مرتكبوها إلى تدمير إحدى الخاصيات الأساسية التي طبعت مختلف الثقافات والحضارات في المنطقة عبر التاريخ.
كما تحدث مدني عن ثقافة المذهب حيث تسيء بعض العناصر تفسير قيم ومبادىء وتعاليم الإسلام النبيلة والسمحة، مما يؤدي إلى زيادة الانقسام الطائفي داخل الأمة.
واستمرت أعمال المؤتمر في نقاشات مطولة إلى وقت متأخر من مساء أمس. وشاركت في أعمال المؤتمر إضافة إلى وفد دول العالم الإسلامي منظمة التعاون الإسلامي ومنظمة البنك الإسلامي للتنمية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألسكو» ومكتب التربية العربي لدول الخليج والأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» والمنظمة الدولية للفرنكوفونية ومركز الأبحاث للتاريخ الإسلامي والفنون والثقافة «إرسيكا» والهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ومؤسسة الويد الإنسانية واتحاد الإذاعات الإسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق