سياسة لبنانية

جعجع – عون: اعلان نوايا اصبح جاهزاً وعنوانه مصالحة ومصارحة

يجري العمل على وضع اللمسات الأخيرة على ورقة إعلان النوايا المشتركة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. ويعكف النائب ابرهيم كنعان وملحم رياشي على تنقيح الورقتين اللتين تبادلاهما بغية صياغة ورقة واحدة، يفترض أنها ستكون مقسومة إلى جزأين:

– الجزء الأول عبارة عن مقاربة عامة وشاملة للوضع اللبناني، مع الأخذ بعين الاعتبار أزمات المنطقة وانعكاساتها.
– الجزء الثاني عبارة عن مقاربة داخلية تتصل بتكوين السلطة وبالانتخابات وقانونها والإصلاحات المنتظرة، وصولاً إلى الملفات الاجتماعية – الاقتصادية التي تهم اللبنانيين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص.
ويمكن القول إن المسودة الأولى لهذه الورقة التي ستكون تحت عنوان «المصالحة والمصارحة» صارت جاهزة، حيث تجري مناقشة الملاحظات التي سجلت على هامشها والتي قام بوضعها كل من «الجنرال» و«الحكيم»، حيث يفترض أن تكون هذه الورقة ثمرة اللقاء الأول بين الرجلين.
ويرى مصدر سياسي في بيروت مواكب لمجريات عملية الحوار الدائر بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية أن الطرفين يثابران على الحوار وقد اتفقا على ورقة عناوين موحدة عن الجمهورية التي يتوخيانها، وترتبط بمواضيع مختلفة تشكل مصدر الشكوى المسيحية من النظام والدولة، تتمحور في معظمها حول مواصفات: الرئيس القوي، التمثيل المسيحي في الحكم، قانون الانتخاب، المناصفة الجدية، الوظائف في الادارة، الانماء وتوزيع الانفاق، وسواها. تناولت الورقة الموحدة هذه خطوطاً عريضة دونما الخوض في تفاصيل تلك البنود،  وعلى وفرة تقدم حوار عون وجعجع، إلا أن قرار الرابية لم يتغير، وهو قاطع ونهائي حتى الآن في أحسن الأحوال. على الأقل بالنسبة الى هذا المكان: من دون قرار يحمله معه رئيس حزب القوات اللبنانية الى اجتماعه بعون مفاده تأييده انتخابه، سيبدو من المستبعد توقع لقاء وشيك بين الرجلين. وسيبقى الحوار دائرا ضمن المعادلة المثيرة حقا للجدل والاستعصاء والتي تكمن في الآتي: يريد عون إقناع جعجع بانتخابه رئيساً، فيما يريد جعجع إقناع عون بمرشح ثالث.
هذا القرار هو كل ما يعني رئيس تكتل التغيير والإصلاح من الحوار، وهو الخلاصة التي يتطلبها منه. في أحد اجتماعاتهما الأولى، قال رياشي لكنعان في معرض البحث في الاستحقاق: عليكم فيتو، وعلينا فيتو. فلنذهب الى مرشح ثالث. رد نائب المتن بعد مراجعة عون: اصرف النظر عن هذا الأمر، الجنرال مرشح دائم.
في الجولات الأخيرة من الحوار، استعجل كنعان قرار جعجع من انتخاب عون، فرد رياشي بالحاجة الى مزيد من الوقت بحجة أن ترسيخ الثقة بين الطرفين يتطلبه. كان رد عون الذي حمله كنعان الى محاوره أن الثقة هي في اتخاذ القرار. ثمة تعبير آخر في الرابية يقول انه بات على جعجع اليوم أن يقرر: يريد عون رئيساً أم لا؟
يتحدث عون باستمرار عن أنه جاهز لتقديم كل الضمانات التي يطلبها منه جعجع لقاء انضمامه الى تأييد انتخابه، حكومياً ونيابياً. وهو جاهز أيضاً لإرساء تحالف معه في العهد الجديد يجعله الزعيم المسيحي الأقوى في الشارع، ما داما التقيا على حتمية انتخاب رئيس قوي للجمهورية.
وتبدي جهات مسيحية في 14 آذار عدم تفاؤلها في حوار عون وجعجع، وتقول إن ساعة الحقيقة لم تدق في هذا الحوار، وهي الساعة التي سيحين الكلام فيها عن الانتخابات الرئاسية. لا جعجع سيؤيد عون، ولا الأخير سيتراجع عن ترشيحه، لا بل إن عون سيطلب من جعجع تأييده للرئاسة، وبعد رفضه المرجح، ستعود القصة الى نقطة الصفر. عندها لن يكون مستغرباً أبداً أن تُستعاد الحملات الإعلامية لدى الطرفين.
وتسأل هذه الجهات: لماذا لم يبدأ الحوار «القواتي» – «العوني» حول الرئاسة بعد، ولماذا يضيّعه أصحابه عمداً في متاهة وملهاة أوراق العمل وإعلان النيات؟ هذا السؤال هو الوجه الآخر للتساؤل عن سبب عدم قيام أي من الطرفين بحشر بعضهما البعض في القضية الرئيسية التي من أجلها بدأ الحوار وهي الرئاسة.
قد ينحصر الجواب الآن بوجود تلاقٍ بين جعجع وعون على كسب الوقت وانتظار نتائج الحوار السنّي ـ الشيعي، لا بل انتظار نتائج المبادرات الخارجية في الملف الرئاسي، تلافياً لأي تسوية قد تكون على حساب الطرفين.
وترى مصادر أخرى أن العماد عون يراهن على اقتناع رئيس حزب القوات السير بدعمه لرئاسة الجمهورية مقابل حصول الأخير على ضمانات ومن بينها قد يكون وعداً بدعمه للرئاسة في الولاية الثانية التي تأتي بعد ولاية عون.
أما جعجع – فتقول المصادر – إنه يراهن على أحد أمرين: إما قبول عون بالبحث عن مرشح توافقي وبالتالي التخلي عن طموحه الرئاسي وأن يواصل التفاوض مع عون للأشهر المقبلة، أي أنه إذا حصلت التسوية الإقليمية يكون جاهزاً للسير بها، أو الانقلاب على الحوار إذا استحال حصول التسوية إقليمياً.
ولذلك ترى المصادر المسيحية أن كل هذه الحوارات هي نوع من تهيئة الساحة الداخلية تحضيراً للتفاهم الخارجي، ليكون الجميع جاهزاً لتسويق المخارج عندما تحصل التسوية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق