دولياترئيسي

ديبلوماسية المياه الغازية بين روسيا وجورجيا

بعد سبع سنوات، من المقاطعة الصارمة، رفع فلاديمير بوتين الحظر، عن استيراد مياه جورجيا المعدنية المعروفة باسم «بوجورمي» الى روسيا، وراحت طاولات الطعام في روسيا، تحتفل بعودة المياه التي كانت تشكل احدى ايقونات الاتحاد السوفياتي.
فمياه بوجورمي المعدنية كانت على طاولات كل صناع القرار السوفياتي وفي اجتماعات المستويات العليا، في زجاجاتها الخضراء، وكانت موجودة في كل الحفلات من استقبالات الكرملين، الى حفلات الزواج القروية، وهو تواجد، لا بد منه ومطمئن، وكانوا يحتفظون بها في البرادات، يتجرعونها مباشرة من القنينة، منعشة ومنشطة وباردة.
مياه بوجورمي، المعدنية الجورجية التي اكتشفها عسكر القيصر، بعد اكتساح القوقاز في القرن التاسع عشر، واصبحت الاسم الاشهر في الاتحاد السوفياتي الى جانب ايروفلوت والكلاشينكوف، كانت منذ دائماً، في قلب السياسة وكان دوق روسيا الكبير، ميخائيل رومانوف، اول من عبأها في زجاجات، وكان ستالين ابن جورجيا، يخزنها في قصوره، وعمد فلاديمير بوتين الى منع وجود هذا الشراب المعادي، في برادات الروس.
واما اليوم، وبعد 7 سنوات من المقاطعة، فان مياه جورجيا المعدنية، عادت الى روسيا، رمزاً لعودة الوئام مع الرئيس الجورجي الجديد، بيدجيفا ايفانيشغيلي، بعد ان جعل من تمرد ميخائيل ساكاشغيلي شرب مياه بوجورمي، عملاً غير وطني.
وجاء التحول الروسي تأكيداً لما كانت تردده تبليسي، عاصمة جورجيا من ان مقاطعة مياهها المعدنية، هي تصرف سياسي صرف، وليس لانها تحوي «مواد سامة»، ولان الروس والجورجيين متفقون على ان ماء بوجورمي، لا تضر، ولكنها تساعد على علاج اضطرابات المعدة والكبد.
ومياه جورجيا هي مياه معدنية مالحة جداً، يجد السياح الغربيون صعوبة في شربها على موائد الطعام، وليس مجرد صدفة، ان تكون مياه معدنية جورجية، مزورة، غزت الاسواق بعد شبه الافلاس الذي اصيبت به شركة بوجورمي، التي كانت تعبىء قبل المقاطعة الروسية 400 مليون زجاجة في السنة، وكانت العلامة الفارقة الوحيدة بين الاصل والمزورة، شارة محفورة على عنق الزجاجة الاصلية.
وكان يكفي البعض النظر الى تلك الزجاجة المصنوعة من زجاج، لونه اخضر اطلقوا عليه اسم اخضر جورجيا، حتى يشعر من يشرب مياهه بالارتياح، حتى قبل ان تصل تلك المياه الى اعماق فمه.
ولاعطاء فكرة عن اهمية موقع تلك المياه المعدنية، في حياة الانسان الروسي، العادي وغير العادي، هناك مقولة روسية قديمة: «تكون تأخرت في تناول مياه بوجورمي، عندما يتوقف كبدك عن العمل».
وينطبق هذا المثال على الحياة العامة، وعلى العلاقات المتوترة التي كانت قائمة، حتى اشهر خلت بين موسكو وتبليسي، وكانت اقل من حرب بقليل بعد الحرب الحقيقية التي قامت في اوسيزيا في سنة 2008.
وقد تمر الديبلوماسية الجديدة عبر فقاقيع مياه بوجورمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق