الأسبوع الثقافي

زينة قاسم وقّعت «عبور»

اقيم مساء الاثنين في قاعة بيار ابو خاطر في جامعة القديس يوسف حفل توقيع كتاب La Traversée (الصادر عن دار Tamyras) ونسخته العربية «عبور» (الصادرة عن «دار العلم للملايين»)، لرئيسة جمعية «رودز فور لايف» زينة قاسم، وتروي فيه قاسم تجربتها بعد أن قضى نجلها طلال عندما دهسته سيارة مسرعة.

ويعود ريع هذا الكتاب لدعم برامج التدريب على الانقاذ التي تنظمها «رودز فور لايف» لأطباء الطوارىء والجسم التمريضي والمسعفين، منذ أن اسستها قاسم لتعزيز فرص إنقاذ مصابي الحوادث في «الساعة الذهبية» التي تعقب إصابتهم.
وحضر حفل التوقيع  السيدة لمى سلام ممثلة رئيس مجلس الوزارء تمام سلام، ووزير التربية الياس بوصعب، ووزير الثقافة ريمون عريجي والوزراء السابقون: عدنان القصار وخالد قباني وليلى الصلح حماده وزياد بارود والسفير البابوي غابرييل كاتشيا، رئيس جمعية المقاصد الاسلامية امين الداعوق بالاضافة الى عدد من سفراء الدول لدى لبنان ووجوه سياسية واعلامية.
 
فيتوك
وقال الأب فيتوك إن غياب طلال قاسم بشكل مأسوي قبل خمس سنوات جعل منه «رمزاً يسلط الضوء على مستوى الإهمال في الخدمات العامة ولامبالاة السلطات أمام ظاهرة اجتماعية في لبنان هي الموت المأسوي لشباب تطول قائمتهم يوماً بعد يوم». واضاف: «في كثير من الحالات، يشكّل عدم احترام القانون سبباً لظاهرة مجانين الطرق، ولكن كيف تحمي الدولة المشاة وراكبي الدراجات الهوائية؟». وسأل «كم من أم لا يزال عليهن أن يبكين مقتل أولادهن بسبب غياب الوعي والضمير لدى الآخرين؟». ولاحظ أن «طلال لم يكن الأول ويا للأسف لن يكون الأخير في هذه القائمة المأسوية التي تكبر يومياً (…) فكم من طلال سيلقى المصير نفسه قبل أن تصبح طرقنا طرق حياة، بدلاً من دروب موت؟». وأضاف: «هناك الكثير يحتاج إلى الإصلاح، ولكن متى سنشهد المبادرة؟».
وتابع: «لقد غادر طلال من دون سابق إنذار، ومن دون ضجيج، وفجأة غاب عن حواسنا، وذووه  يعانون ألماً لا يوصف لا يمكن التعبير عنه، لكنّهم يجدون شيئاً من المواساةعندما يشعرون بأن الآخرين، من أصدقاء، ومعارف، يشاركونهم جزءاً من ألمهم».
واستشهد فيتوك بما لاحظته قاسم في كتابها من أن «الزوجة التي تفقد شريك حياتها تسمى أرملة، والرجل الذي يفقد زوجته يصبح أرملاً، والطفل الذي يفقد أحد والديه يسمى يتيماً، ولكن هل من اسم أو عبارة باللغة العربية، أو بأية لغة أخرى، لوصف أم فقدت طفلها؟». وقال فيتوك: «لا مرادف لهذه الخسارة في اللغة، لأنها لا يمكن أن تكون مفهومة، لا في الحروف ولا في الكلمات. وإذا فهمنا كيف حصل ذلك، فإن الجواب  عن اللماذا سيبقى غامضاً». وتابع: «لقد التحق طلال بربّه، الذي دعاه الى جواره، ولكن لماذا حصل ذلك وهو لا يزال صغير السن ومفعماً بالأمل؟ هل لأن الله وجد في حياته القصيرة ما يكفي من الحب لكي يشعّ في ما هو أبعد من دائرة الأسرة؟ هل جنّبه الله حياة مليئة بالعقبات، وخيبات الأمل؟ لن نعرف الجواب أبداً. ومع ذلك، فقد وجد فيه الله ما يكفي من الطيبة لكي يستدعيه إلى جواره».
 
الداعوق
أما رئيس جمعية المقاصد الاسلامية امين الداعوق فاستهل كلمته شعراً:
«أطلالٌ ينظر الى مدينته من علياء الجنان      أم هو ينظر الى أطلال مدنية انجبته وقتلته».
وأضاف: «نقرأ في عيون زينة وعامر قاسم ما لن يحتويه كتاب، نقرأ آلاف الكلمات تخرج من قلب أم مفجوعة لتعبّر عن ألف ألم في كل سطر، لكنها لم تستسلم الى الحزن (…) بل استسلمت الى الواجب المدني وسيّرت حزنها وحزن رفيق العمر عامر (…) الى العمل على خدمة من حتّم عليهم القدر ان يخضعوا الى هوجاء السائقين، والى كفاءة أكيدة لدى المسعفين والاطباء في طوارىء المستشفيات، والى خدمة مسار الاجراءات على طرق للحياة ، مسار إجراءات المعالجة خلال الساعة الذهبية«. وتابع: «هذه الستون دقيقة الذهبية، والتي ذهب خلالها طلال الى جنات الخلود، أدخلت في قلبَي وعقلَي الوالدين، عامر وزينة، حباً شغوفاً يؤكد (…) على مساعدة والدين قد يواجهان حالة مماثلة».
ورأى أن «عبور زينة قاسم ليس الانتقال من مكان الى آخر عبر طريق أو ما بين ضفتين، بل هو عبور الى داخل قلبِ أمٍّ فُجِعت، فسمحت لنا أن نعبرَ الى داخل تلك المَغارة المملوءة بالحنان وبالعطف وبالحب، لا لنخرج من حيث أتينا، بل لنبقى نستمع الى الحوار، بين الأنا والأنا، وكأننا نعيش الأنا خاصتنا».
ولاحظ أن مسار «رودز فور لايف» مملوء «بالجدية والتصميم والنجاح (…)، وهو مسار كريم، جادٌّ علميٌّ». وأضاف أن الجمعية «أشركت الجامعات والمستشفيات والمراكز الطبية، وعقدت الحلقات العلمية والاكاديمية والطبية، ودربت الجميع في ورشات عمل». وقال: «أثرت زينة قاسم باصرارها على نواب الامة وأهل السياسة في الوطن فأخذوا دورهم وخرج الى النور قانون السير، فتنهدت زينة الصعداء…. ووضعت وردة على قبر طلال»“.
 
بارود
ثم كانت كلمة للوزير السابق زياد بارود، اعتبر فيها أن قاسم «روت بقلبها لا بقلمها، قصة انسلاخ وألم، بحبر الوجع الذي لا يندمل وبدموع الأم التي لا تنضب». ولاحظ أن «ما بين السطور وعلى نقاط الحروف ما هو ابلغ من الكتابة واعمق من القراءة».
وتوجّه بارود إلى قاسم قائلاً: «إن حراكك في المجتمع ليس محاولة فاشلة للافلات من ذاتك (…) بل هو عمل انقاذي يجعل طلال يعيش كل يوم ويستمر باسماً عند كل نبض قلب نجا من ذاك الموت». وأضاف أن «طرق الحياة تجمع، فيما طرق الموت تفرّق».
ورأى بارود في تجربة قاسم «درساً في الامومة عندما تنسلخ عن ذاتها، وفي الايمان اليقين بان طلال وكل طلال هو جزء من مشروع الله». وتابع: «تعلمت منها ان الحياة اعظم من ان تنتهي عند طريق او في حفرة، وتعلمت ان الحبيب لا يغادر».
 
قاسم
وأخيراً تحدثت قاسم، فشكرت جامعة القديس يوسف والحاضرين والداعمين والإعلام وأعضاء «رودز فور لايف» وداري النشر وعائلتها. وقالت: «أشكر طلال الذي استمدّيت مِنه القوة والإرادة لكي أتمكن من إكمال الطريق، فتصبح طريقاً للحياة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق