رئيسي

القنوات الاميركية مع حزب الله: اللوبي الاسرائيلي يستنفر!

حفّز ما سُرّب عن ملاحق سرية للاتفاق النووي الايراني – الاميركي – الغربي، وخصوصاً الحديث عن قنوات اتصال محتملة او مزعومة بين الادارة الاميركية و«حزب الله» (كشفت عنه هذه الزاوية قبل اسبوعين)، مجموعات الضغط الاسرائيلية العاملة تحديداً في واشنطن، على تشديد حملتها ضد الحزب، من خلال استعادة محطات تاريخية تنسبها اليه هذه المجموعات، بدءاً من اولى عملياته ضد سفارة الولايات المتحدة الاميركية في 23 تشرين الأول (أكتوبر) 1983، وهو الحادث الذي تعتبره واشنطن «أعنف هجوم إرهابي» ضد الأميركيين في ذلك الوقت.

 يعتبر ماثيو ليفيت احد ابرز المتخصصين في مجال مراقبة انشطة حزب الله. هو زميل أقدم ومدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لسياسة الشرق الاوسط، ومؤلف كتاب «حزب الله: البصمة العالمية الواضحة لحزب الله اللبناني».
يستعيد ليفيت في احد ابحاثه، العملية ضد السفارة الاميركية في بيروت. فيقول: «قبل ثلاثين عاماً، اصطدمت شاحنة توصيل بضائع مملوءة بـ 18000 رطل من المتفجرات بثكنات مشاة البحرية الأميركية في بيروت. وبعدها بثوانٍ، اصطدمت سيارة مفخخة أخرى بمبنى عسكري فرنسي على بعد أربعة أميال. وقد فقد 241 جندياً أميركياً و58 جندياً فرنسياً أرواحهم جراء هذين الحادثين، وجميعهم أفراد «القوات المتعددة الجنسيات في لبنان. ولم يكن الهجوم على ثكنات قوات المارينز أكبر انفجار أحادي غير نووي منذ الحرب العالمية الثانية فحسب، بل أيضاً أعنف هجوم إرهابي ضد الأميركيين حتى ذلك الحين. ولا تزال آثار تلك اللحظة تطاردنا حتى اليوم. وقد أعلنت تلك الهجمات، التي نفذها حزب الله بموجب أوامر من إيران، عن ظهور الجماعة الشيعية اللبنانية كقوة مناهضة للغرب بدعم وتوجيه من طهران. واليوم، ورغم العلاقات الدافئة بين الولايات المتحدة وإيران، لا يزال حزب الله سلاحاً في ترسانة إيران، ووسيلة لتحقيق أجندة الثورة الإسلامية في سوريا والعمليات الإرهابية في كل أنحاء العالم. ورغم حملة التملق الحالية للرئيس الايراني حسن روحاني واقتراحات البعض بأن الجمهورية الإسلامية تعمل على التخفيف من حدة موقفها وإضفاء طابع الاعتدال عليه، إلا أنه من غير المرجح إلى حد بعيد أن تلقي إيران بالاً لكبح جماح «حزب الله».

التأسيس
يضيف: «تأسس حزب الله على يد «فيلق الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني بعد وقت قصير من اندلاع الثورة الإسلامية العام 1979، وكانت تربطه دائماً علاقة وثيقة مع إيران قائمة على مبادىء أيديولوجية مشتركة. ووصف ذلك مدير «المركز القومي لمكافحة الإرهاب» ماثيو أولسن بقوله أن حزب الله لم يعد اليوم مجرد وكيل لإيران، بل دخل في «شراكة استراتيجية” مع الجمهورية الإسلامية. أو على حد قول مدير «الاستخبارات الوطنية» الأميركية جيمس كلابر، «تربط حزب الله وإيران علاقة شراكة، والإيرانيون هم الشريك الأكبر. وثبت أن هذه علاقة متبادلة المنفعة على مدى السنوات الـ 30 الماضية. فحزب الله يحصل على عشرات الآلاف من الصواريخ ومئات الملايين من الدولارات سنوياً من إيران، فضلاً عن الدعم التدريبي والعملياتي الذي تقدمه الجمهورية الإسلامية. بينما تتمثل استفادة إيران من حزب الله في حصولها على نافذة ممتدة على البحر الأبيض المتوسط وما وراءه – ووسيلة لاستهداف أعدائها عن بعد مع قدرة معقولة على الإنكار. واليوم، يستهدف حزب الله السياح الإسرائيليين في جميع أنحاء العالم – في بلغاريا، قبرص، تايلاند، نيجيريا – ليس من أجل أي مصلحة لبنانية بل وفقاً لأوامر إيران. وخلص «التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية حول الإرهاب في العالم» بأن عام 2012 شهد «تجدداً ملحوظاً في رعاية الجمهورية الإسلامية للإرهاب» حيث «بلغ النشاط الإرهابي لإيران و«حزب الله» مستوى لم يشهده منذ تسعينيات القرن الماضي».

 ايران
ويستبعد أن يمثل انتخاب روحاني بداية النهاية «لشراكة من العنف دامت 30 عاماً بين طهران وحزب الله. لقد كان الرئيس الإيراني «المعتدل» الأخير، محمد خاتمي، الذي انتخب عام 1997، يعتبر من أنصار حزب الله وفقاً لـ «وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية. ومثله مثل جميع الرؤساء الإيرانيين الآخرين قبله وبعده، لم يمتلك خاتمي الصلاحية لنقض القرارات الإيرانية المتشددة للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي يمارس السلطة النهائية على حزب الله وكل القرارات الإيرانية المهمة الأخرى. وفي الوقت نفسه، بينما يُنفذ حزب الله عمليات في كل أنحاء العالم بإيعاز من إيران، يتورط عملاء إيران في عملياتهم السرية الأخرى أيضاً. وبينما يحاول المفاوضون إيجاد حل دبلوماسي للأزمة بشأن برنامج إيران النووي، تمثل الذكرى السنوية لتفجيرات بيروت رسالة تذكير جاءت في الوقت المناسب ومفادها أن التوترات مع إيران يجب ألا تقتصر على سعي طهران لامتلاك سلاح نووي. وفي الوقت ذاته، ومن خلال وكيلها الإرهابي، ترعى هذه الحكومة بلهفة قتل الأبرياء في أنحاء العالم».

الاثر العالمي
وفي دراسة اخرى، يتحدث ليفيت عن «الأثر العالمي الحقيقي لحزب الله، والذي يمتد ليس فقط في الشرق الأوسط بل ايضاً في أفريقيا وآسيا وأوروبا واميركا الجنوبية وحتى في اميركا الشمالية. ففي يوم الجمعة الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) بالذات، أوقعت  «إدارة مكافحة المخدرات الأميركية» مسؤولاً لمكافحة الإرهاب في سورينام (نجل الرئيس) في قضية مرتبطة بـ «حزب الله». وحتى 11 أيلول (سبتمبر)، كان حزب الله مسؤولاً عن قتل عدد من الأميركيين فاق عدد الذين قتلوا على أيدي أي منظمة إرهابية أخرى، كما أن تاريخ التنظيم في استهداف المصالح الغربية، بما في ذلك المصالح الأميركية، يعود إلى ما قبل 30 عاماً. فقبل ثلاثين عاماً، قام حزب الله بتفجير ثكنات مشاة البحرية الأميركية وثكنات الجيش الفرنسي في بيروت، وكان كلاهما جزءاً من قوة متعددة الجنسيات لحفظ السلام. أما اليوم فتصف الاستخبارات الأميركية العلاقة بين إيران و حزب الله بأنها شراكة استراتيجية، حيث تشكل إيران الشريك الأساسي، وهو ما يفسر جزئياً سبب ضلوع حزب الله في الإرهاب الدولي أكثر مما كان عليه الحال في أي وقت منذ أواخر ثمانينيات القرن الفائت».

التمويل
يضيف: «يحصل حزب الله على ملايين الدولارات سنوياً من إيران. فهو يتلقى ما يصل إلى 200 مليون دولار كل عام. كما أنه متورط في إساءة استغلال الأموال الخيرية وابتزاز الأموال من المانحين الكبار، لكن الشيء الأكثر أهمية هو أنه متورط في نشاط جنائي بصورة أكبر من أي منظمة إرهابية أخرى. وتتراوح هذه المخططات من عمليات الاحتيال الصغيرة التي يرتكبها الأفراد المناصرون لـ «حزب الله» مثل الاحتيال على بطاقات الائتمان وتزوير الشيكات والغش في منتجات حليب الأطفال الصناعي المجفف وتهريب السجائر وعمليات الاحتيال في الرهن العقاري واحتيالات تأشيرات الدخول وأكثر من ذلك، وحتى النشاط الجنائي الأكثر تنظيماً مثل مخططات شراء الأسلحة المعقدة التي تتضمن شركات الاستيراد والتصدير التي تعمل كواجهة. واخيراً، أصبح الأمر لا يقتصر فقط على إنتاج المخدرات، لا سيما الكوكايين من غرب أفريقيا، بل يشمل ايضاً نقل وغسيل عوائد هذه المخدرات».
ويتحدث عن مبيعات السيارات المستعملة في الولايات المتحدة التي «ترتبط بقيام حزب الله بغسل عوائد المخدرات. وعندما كشفت وزارة الخزانة الأميركية اختراق حزب الله لـ «البنك اللبناني – الكندي»، وجدت كذلك أنه قام في بعض الحالات بنقل المخدرات من أميركا الجنوبية عبر «خط العرض 10» إلى غرب أفريقيا، ذلك الخط الذي تطلق عليه قوات إنفاذ القانون «الطريق السريع 10».
وفي بعض الحالات، تم غسل العوائد من خلال شراء السيارات المستعملة في الولايات المتحدة والتي كان يجري شحنها بعد ذلك إلى غرب أفريقيا وبيعها هناك. وفي بعض هذه الحالات على الأقل، ساد اعتقاد بأن الأشخاص الذين يبيعون تلك السيارات في الولايات المتحدة يعرفون الطبيعة الإجرامية لهذا النشاط ومتورطون فيه، وربما يعلمون روابط حزب الله وتورطه في هذا النشاط أيضاً».
ويرى ان حزب الله «يستخدم النظام المالي الرسمي مثلما هو الحال مع أي كيان آخر. فهو يحتفظ بحسابات مصرفية باسم أفراد، كما أن لديه مؤسسات تعمل في إدارة الأموال وشركات بناء وغير ذلك الكثير. يجب أن نتَذَكّر، أن حزب الله ليس كياناً محظوراً في لبنان. كما أنه يمارس أنشطة سرية وأخرى علنية. ومن الصعب على المصارف أن تعرف بالضرورة متى تكون الأموال سرية لأنها دائماً ما تكون مسجلة باسم شخص ما».

واشنطن
وعن الاجراءات التي تتخذها الادارة الاميركية لوقف حركة التمويل، يشير الى ان «الأمر كله يعتمد على المناطق ذات الاختصاص القضائي. ففي الأماكن التي يحظر فيها حزب الله، كلياً أو جزئياً، هناك عتبات قانونية لاستهداف أموال الحزب التي تنتقل عبر تلك النظم المالية. وفي الأماكن التي لا تُحظَر فيها الجماعة، لا تزال هناك معايير صناعية تلزم البنوك القيام بإجراءات العناية الواجبة ومعالجة المسؤولية الائتمانية تجاه مساهميهم وموازنة المخاطر. وحتى لو كانت الأموال في بلدان لم تُحظر فيها الجماعة، فهناك طرق للتعامل مع المؤسسات المالية وتبادل المعلومات التي تفسر طبيعة المخاطر التي ربما يعرضون لها أنفسهم من خلال إجراء معاملات مالية تتضمن أموال حزب الله إذا فعلوا ذلك عن علم ومعرفة».
ويخلص الى ان حزب الله «يعني أشياءً كثيرة. فهو حزب سياسي، وميليشيا، (…)، وهو متورط في الجريمة الدولية. لقد أصبح النشاط الجنائي الدولي وعلى نحو متزايد المصدر الأكثر أهمية لتحقيق الإيرادات لهذا التنظيم وتلك هي نقطة الضعف لأنها تجعل الجماعة عرضة للمزيد من التدقيق من قبل قوات إنفاذ القانون. وحتى قبل الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على جناحيه العسكري والإرهابي، أبدت دول جنوب أوروبا، التي كان حزب الله ينقل المخدرات في ما بينها، قدراً من التعاون في الغالب. فلم يكن لتلك البلدان مصلحة في قيام أي كيان، سواء كان حزب الله أو أي شخص آخر، بنقل المخدرات في بلادهم. كما أن حزب الله يفضل تزوير العملات فئة الـ 100 دولار و200 يورو. وبعيداً عن كل تعريفات الإرهاب، يتعيّن على السلطات التي تحمي النظم المالية المحلية والدولية أن تأخذ الأمر على محمل الجد».

طلال عساف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق