أبرز الأخبار

غياب التسوية يضع التبرعات في مهب الريح: وعود بتقديم 5،4 مليار دولار لاعمار غزة

في العاصمة المصرية، القاهرة، وبمشاركة ثلاثين وزير خارجية، وخمسين وفداً من دول وهيئات متخصصة، جرى البحث في سبل اعادة اعمار قطاع غزة المدمر، على خلفية حرب شنتها اسرائيل ضد القطاع.

الاجتماع كان سخياً، حيث ابدى المشاركون رغبة في جبر ما كسرته اسرائيل، وتلبية ما طلبه الفلسطينيون، سواء ما يتعلق باعادة اعمار قطاع غزة، او ما تحتاجه السلطة الفلسطينية كمتطلبات ملحة. غير ان جملة من الهواجس سيطرت على اجواء الاجتماع. وكادت ان تفرغه من مضمونه.
فقد تعهدت الدول المانحة المشاركة في مؤتمر إعادة إعمار غزة، التي اجتمعت في القاهرة الأحد، بتقديم 5،4 مليار دولار للفلسطينيين، ولكنها توقفت عند تساؤلات تتعلق بجدوى التبرع، وبالتالي جدوى اعادة الاعمار في ظل عدم التوصل الى تسوية سياسية تضمن عدم تكرار ما حدث، وعدم العودة ثانية من اجل البحث في اعادة الاعمار. وبالتالي فقد ألحّت الدول المشاركة، على ضرورة استئناف المفاوضات للتوصل إلى تسوية دائمة للنزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال وزير خارجية النرويج، بورغ بريندي، في ختام المؤتمر إن المانحين تعهدوا بتقديم مساعدات «قيمتها قرابة 5،4 مليار دولار للفلسطينيين».
وأضاف أن «نصف هذه المساعدات ستخصص لإعادة إعمار غزة»، مشدداً على أن المانحين «ألزموا أنفسهم ببدء سداد هذه المساعدات في أقرب وقت ممكن من أجل تحقيق تحسن سريع في الحياة اليومية للفلسطينيين».
وأكد أن رئاسة المؤتمر، التي تولتها النرويج بالاشتراك مع مصر، «تلح على المجتمع الدولي أن يلتزم بتعهداته وأن يقدم مساعدات سخية خلال السنوات المقبلة».

ترحيب فلسطيني
وعلى الفور، رحب نائب رئيس الوزراء الفلسطيني ورئيس لجنة إعادة إعمار غزة بنتائج المؤتمر. وقال محمد مصطفى في تصريحات صحفية، «إنها نتيجة عظيمة وتصويت جلي لصالح الشعب الفلسطيني».
ووعدت قطر، عل
ى لسان وزير خارجيتها خالد العطية، بتقديم مساعدات قدرها مليار دولار.
وتعهدت الكويت بتقديم 200 مليون دولار على 3 سنوات، وكذلك أعلنت دولة الإمارات العربية عن تقديم مساعدة قيمتها 200 مليون دولار.
وأعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي أن الدول الأعضاء فيه ستقدم في الإجمالي 450 مليون دولار خلال العام 2015 للفلسطينيين.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن بلاده ستقدم 212 مليون دولار مساعدات إضافية للفلسطينيين.
يذكر أن السعودية كانت قد أعلنت من قبل عن «مساعدات قيمتها 500 مليون دولار شهرياً»، حسب ما ذكّر حسن العطاس المدير العام لصندوق التنمية السعودي.
وأعرب المانحون بوضوح عن مخاوفهم من أن تذهب مساعداتهم سدى مرة أخرى، إذا لم يتم التوصل إلى تسوية دائمة للنزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي كلمته في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، عبر كيري عن «القناعة العميقة» بان تظل الولايات المتحدة ملتزمة كلياً وتماماً بالعودة الى المفاوضات «ليس من اجل المفاوضات ولكن لان هدف هذا المؤتمر وم
ستقبل المنطقة يتطلب ذلك».
واضاف كيري الذي كان يجلس على المنصة الى جانب الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والامين العام للامم المتحدة بان كي مون «لا اعتقد ان اي شخص في هذه القاعة يريد ان يعود بعد عامين او اقل الى المائدة عينها للحديث عن اعادة اعمار غزة» بسبب التقاعس عن «التعامل مع القضايا الاساسية» التي تؤدي الى تكرار النزاع.
وكان السيسي خاطب في كلمته الافتتاحية اسرائيل بالقول ان «الوقت حان لانهاء النزاع مع الفلسطينيين».

انهاء الاحتلال
ومن جهته دعا عباس في كلمته امام المؤتمر الى «مقاربة دولية جديدة» لتسوية النزاع وانهاء الاحتلال. وقال «لقد كشف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، هشاشة وخطورة الوضع في منطقتنا في ظل غياب سلام عادل، وجهود دولية تراوح مكانها، ووعود لم تتحقق، ورغم كل ما نشعر به من ألم ومرارة، فإننا نؤكد للجميع، بأننا لا زلنا متمسكين بالسلام، وبالتزاماتنا كافة، وفق الشرعية الدولية ومواثيقها وقراراتها، والاتفاقات المبرمة». وتابع «لا بد هنا من إيجاد مقاربة دولية جديدة لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، تنهي الاحتلال الإسرائيلي، وتفضي إلى إقامة دولة فلسطينية والقدس الشرقية عاصمتها على حدود العام 1967، لتعيش إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وحسن جوار، تطبيقاً لرؤية حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية».
وشدد الرئيس الفلسطيني على ان «الشعب الفلسطيني والمنطقة بأسرها لا يحتملون المزيد، وان الوضع في المنطقة على حافة الهاوية».
واكد ان «المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى، بدعم سعينا لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، يضع سقفاً زمنياً لإنهاء الاحتلال، والذهاب من ثمّ إلى مفاوضات جادة لحل قضايا الوضع النهائي كافة بدءاً بترسيم الحدود في إطار جدول زمني محدد».
وحذر بان كي مون  من ان الوضع في قطاع غزة لا يزال قابلاً للاشتعال في اي لحظة. وقال ان «غزة لا تزال برميل بارود، والناس بحاجة ماسة الى رؤية نتائج تشكل تحسناً في حياتهم اليومية».

خسائر الحرب
ولم تقتصر خسائر الحرب بين اسرائيل من جهة وحركة حماس والفصائل الفلسطينية من جهة ثانية على مقتل اكثر من 2100 فلسطيني معظمهم من المدنيين و73 اسرائيلياً معظمهم عسكريون. فقد اصبح حوالي مئة الف فلسطيني بلا مأوى في القطاع الصغير والمكتظ بالسكان. وقبل الحرب، كان 45% من القوة العاملة و63% من الشباب يعانون من البطالة. وتقول منظمة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ان المعارك ادت الى تدمير 80 الف منزل كلياً او جزئياً والكثير من مرافق البنى التح
ية وشبكات توزيع الماء والكهرباء ويتوقع ان ينخفض اجمالي الناتج المحلي بنسبة 20% خلال الاشهر التسعة الاولى من 2014 مقارنة مع 2013 في حين لا تزال غزة تخضع لحصار اسرائيلي محكم. ويعاني قسم كبير من سكان القطاع من الفقر.
ووضعت حكومة التوافق الوطني الفلسطينية خطة تفصيلية لاعادة الاعمار بقيمة اربعة مليارات دولار، وان كان الخبراء يرون ان القطاع بحاجة الى مبالغ اكبر من ذلك وان العملية ستستمر سنوات عدة.

ازدواجية
في سياق آخر، سربت تقارير عن جدل ساد اروقة المؤتمر، وسبقت انعقاد جلساته تتحدث عن خلافات حول ازدواجية بعض الدول في التعامل مع الارهاب. واشارت معلومات متداولة الى الموقف من دولة قطر، حيث اشارت الى ضرورة التعامل بصرامة أكبر مع قطر التي اتهمتها دول اخرى بانها تقوم بدور مزدوج بمحاربتها داعش علناً، وتمويلها المتطرفين سراً.
وبحسب تقارير صحفية وغيرها، أشار مسؤولون أميركيون وعرب إلى أن تحالف إدارة أوباما مع قطر يشكل ضغطاً حقيقياً على التحالف الدولي القائم ضد تنظيم الدولة الإسلامية، موضحين أن علاقات قطر بالجماعات الإسلامية المتشددة الموجودة بمنطقة الشرق الأوسط تمثل مشكلة.
وأشارت بهذا الخصوص صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إلى أن دبلوماسيين من دول عربية حليفة للولايات المتحدة، منها السعودية، الإمارات والأردن، حذروا البيت الأبيض من أن قطر تقوم بدور مزدوج في المنطقة، حيث تدعم في العلن سياسات الولايات المتحدة، وفي الوقت عينه تقدم المساعدة لخصومها. وأضافت الصحيفة أن تلك الدول تضغط على واشنطن لكي توبخ الدوحة بقوة أكبر بسبب تلك السياسة ذات المعايير المزدوجة التي تنتهجها في المنطقة بشكل مريب للغاية.
وتشير التقارير الى ان وزارة الخزانة الأميركية تبدي تخوفها من التدفق المزعوم للأموال القطرية إلى تنظيمات الشرق الأوسط المسلحة، بما في ذلك الدولة الإسلامية، جبهة النصرة والقاعدة.

عواصم – «الاسبوع العربي»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق