قانون انتخابي على أساس «النسبية»: أول «اختراق محتمل» على طاولة الحوار
في جلسة الحوار الثالثة دعا العماد ميشال عون الى السير بالمشروع المقدم من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المبني على النسبية مع تعديل يطاول عدد الدوائر الانتخابية بما يجعلها 15 دائرة بدلاً من 13، مشيرا الى موافقة القوى المسيحية على القانون النسبي وفق 15 دائرة انتخابية (❊).
وفي مقابلته التلفزيونية الأخيرة شدد أمين عام حزب الله حسن نصرالله على أن قانون انتخابات جديداً يقوم على النسبية هو المدخل الى الحل في البلد. وفي حين أن تبني نصرالله النسبية ليس جديداً، إلا أن موقف عون كان مفاجئاً خصوصاً أنه تخلى عن «القانون الأرثوذكسي» الذي كان متمسكاً به. واستدعى هذا الموقف تنويها من الرئيس بري مقابل امتعاض لدى قوى 14 آذار من كلام عون حول موافقة القوى المسيحية على القانون النسبي وفق 15 دائرة انتخابية. وقال مصدر نيابي في هذه القوى إن «قانون الـ 15 دائرة مع النسبية كان واحداً من ثلاثة قوانين جرى بحثها في بكركي، ولم يتم الاتفاق عليه، وهذا القانون لا يؤمن تصحيح التمثيل المسيحي بالقدر نفسه الذي يؤمنه مشروع المستقبل والقوات والاشتراكي الأكثري والنسبي معاً” (أي الاقتراح المختلط الداعي لانتخاب 60 نائباً على أساس النظام النسبي و68 نائباً على أساس النظام الأكثري).
رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع موضحاً موقف القوات من طرح عون قال: «لست مع هذا القانون. نحن متفقون مع التيار الوطني الحر على أنه في النقاط التي لا نتفق عليها يستمر كل طرف في طريقه بكل مودة واحترام. كنا صريحين منذ البدء مع بعضنا. قلنا للتيار إننا ملتزمون القانون الذي له أكثرية نيابية جاهزة، أي المشترك الذي توافقنا عليه مع «المستقبل» والاشتراكي، وإذا لم يقر هذا القانون لأي سبب فنحن مستعدون للبحث في قانون آخر. وهم أجابوا بأنهم سيسيرون أيضاً بقانون يرونه مناسباً. اتفقنا على أولوية قانون الانتخاب من دون تحديد ماهيته. نحن متمسكون بالقانون الذي نراه الأفضل وهم أيضاً، علماً بأن قانوننا فيه نسبية أيضاً. حالياً نستكمل البحث معهم في قانون الانتخاب، وهم يعترفون بأن مشروعنا لا بأس به». وأضاف: «طبعاً قوى 14 آذار ترفض البحث في قانون الانتخابات على طاولة الحوار. موقفنا دستوري. نحن في حالة شغور رئاسي، وطاولة الحوار يجب أن تبحث الشغور الرئاسي».
وتشير مصادر الى أن المشكلة الحقيقية في قانون النسبية مع 15 دائرة (وهو الاقتراح الذي أعده الوزير زياد بارود وفريق عمله في أيار/مايو 2011) تكمن عند فريقي المستقبل والاشتراكي. لا مصلحة لهما بمبدأ النسبية بالدرجة الأولى ثم بتقسيم بيروت. فتقسيم بيروت الى دائرتين (الأولى تضم الأشرفية، رميل، المدور، المرفأ، الصيفي والباشورة، والثانية تضم رأس بيروت، عين المريسة، ميناء الحصن، زقاق البلاط، المزرعة والمصيطبة). لا يمكن أن يحظى بموافقة المستقبل. كما أن فصل عاليه عن الشوف هو أمر يعارضه النائب وليد جنبلاط. ومع تقدير البعض أن تعديل الدوائر يمكن أن يرضي جنبلاط ويجعله يؤيد المشروع، إلا أن العقدة الحقيقية تتركز عند «المستقبل» فهو سيجد نفسه أمام انتخابات تقطع من حصته ما قد لا يسمح له بالحفاظ على الكتلة الأكبر في المجلس.
أياً يكن الأمر، فإن طرح النسبية بدأ يفرض إيقاعه على الحياة السياسية، مقتحماً جدول أعمال الحوار الوطني، وحشر الكثير من الأطراف السياسية في الزاوية الضيقة. ويمكن القول أن الاصطفاف في الساحة الداخلية آخذ في الانتقال، وللمرة الأولى منذ زمن طويل، من الفرز على أساس طائفي ومذهبي الى الفرز على أساس من مع النسبية ومن ضدها.
وهذا التطور جعل مصادر سياسية ترى أن ثمة نواة للتسليم باعتماد مبدأ النسبية، وأن استمرار الحوار يؤدي في مكان ما الى إيجاد مساحة حول تفاهمات مشتركة قد تفضي في نهاية المطاف الى قانون للانتخاب يصبح جاهزاً متى حانت ساعة إنضاجه، وأن ارتفاع أسهم اقتراح عون سريعاً خوله تخطي العديد من الاقتراحات الانتخابية والدخول إلى التصفيات النهائية إلى جانب اقتراح «المستقبل» واقتراح بري المبني على المناصفة بين النظامين الأكثري والنسبي.
ثمة من يقول إن قانون الانتخاب هو جزء من التسوية ولا يمكن إخراجها منه، ولكن ثمة من يشير أيضاً الى أن النقاش حوله لا بد أن يأخذ وقتاً لا سيما وأن التفاهم بين التيار والقوات لا يزال في بداياته ولم يتخطَ حتى الآن مبدأين يريدانهما من قانون الانتخاب: تحسين التمثيل المسيحي، وتحديد طبيعة الشريك الآخر بما يضمن عدم وصول الصوت المتشدد. أما البقية فأمامها درب طويل.
❊ الدوائر الـ 15 هي على الشكل الاتي: عكار / طرابلس والمنية والضنية / زغرتا وبشري والبترون والكورة / بعلبك والهرمل / زحلة / راشيا والبقاع الغربي / جبيل وكسروان / المتن / بعبدا وعاليه / الشوف / صيدا وجزين والزهراني / النبطية ومرجعيون وحاصبيا / صور وبنت جبيل / بيروت 1 (الاشرفية، رميل، المدور، المرفأ، الصيفي والباشورة) وبيروت 2 (رأس بيروت، عين المريسة، ميناء الحصن، زقاق البلاط، المزرعة والمصيطبة).