اهتمام أوروبي غير اعتيادي بـ «لبنان»: مصدر الموجة المقبلة للاجئين
يسعى الاتحاد الأوروبي الى إبطاء تدفق اللاجئين الى أوروبا، الذي يشكل أسوأ أزمة هجرة منذ 1945، ويريد بالتالي تقديم مساعدات مالية للدول المجاورة لسوريا (لبنان، الأردن، تركيا) التي تعاني من صعوبات في استقبال اللاجئين وتتحمل أحياناً أكثر من طاقتها. وقال مفوض أوروبي إن «الموجة الكبرى المقبلة» من اللاجئين غير الشرعيين الى أوروبا قد تنطلق من لبنان، الدولة «الضعيفة» التي تشهد وضعاً «مأسوياً»… ولفت مسؤول شؤون التوسيع يوهانس هان (لصحيفة «دي فيلت» الألمانية المحافظة) الى أن «التطورات في لبنان تثير قلقي. الوضع هناك مأسوي الى حد ما». وتابع: «ومن هناك قد تنطلق موجة اللاجئين المقبلة»، علماً أن حوالي 1،2 مليون سوري لجأوا الى لبنان، ما يشكل ربع عدد سكانه، حيث يقيم معظمهم في ظروف سيئة. وأضاف: «لطالما كان هذا البلد الأكثر ضعفاً في المنطقة»، مشدداً على «عدم استقرار الوضع السياسي اللبناني». وتابع: «هناك أيضاً نسبة بطالة مرتفعة (نحو 20 في المئة) وديون ضخمة. هذا مزيج خطير».
بدأ المسؤولون الغربيون يدقون ناقوس الخطر محذرين من أن الأشهر المقبلة ستحوّل الشواطىء اللبنانية الى قاعدة انطلاق لهؤلاء الهاربين، وهو ما قد يشكل خطراً مضاعفاً، ذلك أن الحدود اللبنانية غير مضبوطة بالكامل، ما قد يسمح بتسلل المئات من الأشخاص الخطرين بسهولة. وتكشف التقارير أن غالبية المغادرين عبر لبنان حتى الساعة يجري تهريبهم نحو تركيا. وفي هذا الإطار، أكدت مصادر أمنية لبنانية أن نسبة مغادرة السوريين من طرابلس إلى تركيا فاليونان، حيث تستلمهم شبكات مختصة بإيصالهم الى بلغاريا ومقدونا وألبانيا ومنها الى البوسنة وكرواتيا والمجر ومن بعدها إلى ألمانيا وغيرها من البلدان، هي بارتفاع مستمر، حيث يكاد لا يمر يوم من دون أن يوقف الجيش شبكة لتهريب اللاجئين بطريقة غير شرعية، وقد بيّنت التحقيقات أن ثمن المقعد على «مراكب الموت» تلك، وصل الى 2000 دولار أميركي. والأخطر أن بعض اللبنانيين سافروا إلى اليونان بشكل شرعي وأحرقوا أوراقهم هناك، وادعوا بأنهم سوريون واتجهوا نحو المجر ومنها إلى دول أوروبية أخرى للاستقرار.
وتلفت مصادر دبلوماسية الى أن الخطة التي وضعها حلف شمال الأطلسي بناء لطلب الدول الأوروبية تشهد حالياً مراجعة من قبل القيادات العسكرية، فضلاً عن مشاورات داخل أروقة مجلس الأمن تتركز حول إمكانية مساعدة القوة البحرية التابعة للقوات الدولية المعززة في لبنان «اليونيفيل»، وما يمكن أن تقدمه من مساعدة لضبط المياه اللبنانية من جهة، كذلك من جهة أخرى ضرورة إشراك الأجهزة اللبنانية المعنية في الخطط الدولية الموضوعة لهذه الغاية، إذ يجري الحديث عن ضرورة تسريع تسليم بعض المعدات الضرورية في هذا المجال والمخصصة للرصد والمتابعة، من قوارب بحرية ورادارات وطائرات.
وتكشف مصادر مطلعة على أجواء لقاء الرئيس تمام سلام مع ممثلة الإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني في نيويورك أن موغيريني أعلمت سلام أن الاتحاد يعتزم تقديم مساعدات عسكرية للبنان، وهي سابقة لدى دوله التي تقرر في الغالب منفردة طريقة تقديم مساعدات عسكرية الى بلد من خلال محادثات ثنائية. إلا أنه مؤشر عكس قلق أوروبا على استقرار لبنان الذي هو مثار اهتمامها وتشديدها على ضرورة تعزيز قدرات الجيش على ضبط حدوده ومراقبتها.
ولاحظ وزير معني بشؤون اللاجئين أن ظاهرة تدفق المسؤولين الأوروبيين الى بيروت والبقاع، من وزراء خارجية وعمل أوروبيين، آخذة في الازدياد، ويستفسر هؤلاء عن كيفية التعامل الرسمي مع اللاجئين من مختلف وجوهه، ليس فقط ما يشكلونه من أعباء مالية وضغط ديموغرافي، بل من الناحية الأمنية أيضاً والتدقيق في ما إذا كان في عداد آلاف اللاجئين المتدفقين حالياً الى أوروبا إرهابيون سيشكلون خطراً على الأمن القومي للدول التي ستستضيفهم.