متفرقات

سلطنة عمان: موسم تعشيش السلاحف الخضراء يجذب السياح إلى رأس الجنز

تنشط زيارة السلاحف الخضراء إلى رأس الجنز بولاية صور في سلطنة عمان خلال هذه الفترة من العام، فهي تقوم بالتعشيش على شواطىء المنطقة بشكل ملحوظ خلال أشهر اب (أغسطس) وايلول (سبتمبر) وتشرين الالو (أكتوبر) مما تلفت انتباه الكثير من الزوار وتجعله مقصداً سياحياً فريداً من نوعة على مستوى السلطنة يرتاده محبو مشاهدة السلاحف.
وتوجد خمسة أنواع من السلاحف في السلطنة، ويكثر نوع السلحفاة الخضراء المسماة بـ(حمسة) باللهجة المحلية في محمية رأس الجنز، حيث تزور السلاحف شواطىء رأس الحد ورأس الجنز على مدار السنة للتعشيش، ويبدأ موسم كثرتها من شهر ايار (مايو) وحتى شهر تشرين الاول (أكتوبر) من كل عام.
واختارت السلاحف الخضراء بشكلها وألوانها المميزة من رأس الجنز ملاذاً آمناً للتعشيش على مستوى العالم، فهي تقطع المسافات الطويلة على مستوى شواطىء الخليج العربي والبحر الأحمر وأيضاً شواطىء جنوب أفريقيا لتأتي على رأس الجنز وتضع بيضها بأمان على شاطىء رأس الجنز التي حباها الله برمالها الذهبية وأجوائها المعتدلة طوال العام.
ويعتبر الضوء من المؤثرات الضارة لتكاثر ونمو السلاحف البحرية حـيث تبين أن الإضاءة المبهرة وغير الطبيعية على  الشواطىء تحول دون تعشيش السلاحف، وقد يؤدي التعشيش بالقرب من الشواطىء المضيئة إلى حدوث تأثيرات خطيرة على صغار السلاحف، ذلك أنها وبعد خروجها من البيض في الليل على الضوء الطبيعي للشاطئ تتحرك بطريقة طبيعية مباشرة نحو المياه، إلا أن الشواطىء التي تكثر فيها الأضواء تقوم بدفع صغار السلاحف إلى تغيير وجهتها وتكون بالتالي غير قادرة على الوصول إلى المياه مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات فقدها نتيجـة الجفـاف أو تعرضها للافـتراس، ولهذا تبقى مسألة زيادة وتنشيط السياحة في رأس الجنز والتخطيط لإقامة مرافق سياحية مرتبطة بالقدرة على التماشي مع المتطلبات البيئية.
حماية السلاحف هو هدف أساسي وله الأولوية في خطط المشروعات التنموية، وقد تم اقتراح عدد من المشروعات التنموية السياحية التي ستحقق للمجتمع فوائد كثيرة وتعزز في الوقت ذاته برامج التوعية، وقد تم تحديد عدد من المشروعات مثل إنشاء مركز الزوار في رأس الجنز.

رفع الوعي البيئي
يقول فيجاي كومار هاندا مدير عام المركز العلمي وخدمات الزوار بمحمية السلاحف برأس الجنز بشركة ضيافة التابعة لعمران: تأسس المركز العلمي وخدمات الزوار بمحمية السلاحف برأس الجنز عام 2007 وبدأ تشغيله بعد عام، حيث صمم المركز بطريقة مبتكرة يمنع انتقال إضاءة المبنى للشاطىء والتي تعمل بدورها على منع تغيير اتجاه السلاحف إليها، مشيراً إلى أن الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال ساهمت في إنشاء المركز مالياً.
وأضاف: يقوم المركز والذي تديره شركة ضيافة بتنظيم حركة الزوار والسياح بهدف تحقيق الهدف الأساسي وهو تقليل التأثير البشري على أماكن تعشيش السلاحف من خلال حجوزات مسبقة وذلك ضمن العدد الذي صرحت به وزارة البيئة والشؤون المناخية للرحلة المسائية 200 شخص والرحلة الصباحية 100 شخص.
وقال مدير عام المركز العلمي وخدمات الزوار بمحمية السلاحف برأس الجنز: نسعى جاهدين في المركز على إشراك المجتمع في الفعاليات المتنوعة وذلك لرفع الوعي البيئي وأهمية المحافظة على بيئتهم الغنية بالموارد وتعريفهم بمهام المركز والأهداف التي أنشىء من أجلها.
وأوضح فيجاي كومار بأن المركز يقوم بتوفير دورات تدريبية قصيرة للباحثين عن عمل وتوفير فرص عمل لسكان المنطقة وتدعم المشروعات الصغيرة بدون عائد مادي للمركز وذلك لتشجيع الشباب للحصول على فرص أكبر من حيث العمل ومن حيث إيجاد عائد مادي.
واستطرد فيجاي كومار حديثه: يتألف المركز من أقسام عدة ويبلغ عدد الموظفين العمانيين 54 موظفاً عمانياً بينهم 49 من الذكور وخمس موظفات و12 موظفاً أجنبياً و13 عاملاً لتوفير الخدمات بعقد مؤقت، حيث يتألف المركز من 11 قسماً تهتم بشؤون الإدارة والتسويق والإرشاد والصيانة والمالية والاستقبال ومحل الهدايا والحراسة والنقل وتدبير المركز والموارد البشرية والمتحف وخدمات الطعام.

قرى أثرية للصيادين
من جانبها تقول ليالي بنت حمد المخينية منسقة تسويق بالمركز العلمي وخدمات الزوار بمحمية السلاحف برأس الجنز: نحرص دائماً على تثقيف زوار المركز حول ماهية المحمية، وخصوصاً كمحمية طبيعية حيث يختلط المفهوم لدى البعض بمقومات المنتجع، لذا نعمل على توعيتهم قبل أن يقوموا بالحجز أو خلال عملية استفسارهم حول الحجوزات وخدمات المركز والتسهيلات المتوفرة وكيفية المساهمة في المحافظة على طبيعة المنطقة، حيث يقدم الكثير منهم بتوقعات قد تكون متعلقة بالكثير من الأنشطة الترفيهية والتي لا تتناسب وطبيعة المحمية.
وقالت منسقة تسويق بالمركز العلمي وخدمات الزوار بمحمية السلاحف برأس الجنز: تحتوي منطقة المحمية على قرى كثيرة أثرية للصيادين يمتد عمرها لأكثر من 6000 سنة، هذا بالإضافة إلى المقابر القديمة المنتشرة في تلك المنطقة موضحة بأن الحفريات الأثرية أظهرت العديد من الآثار القديمة في السلطنة منها المركب العماني الخشبي الأول والمباخر، حيث تعكس هذه الآثار القديمة بجلاء تام العلاقات التجارية التي كانت تربط صيادي الأسماك بالواحات المنتشرة في عمق الصحراء وأنشطتهم التجارية مع بلاد الرافدين والهند وأفريقيا والصين.
وحول رحلات مشاهدة السلاحف قالت ليالي المخينية: لدينا تنظيم لجولات مسائية وصباحية وبشكل يومي لمواقع السلاحف، ويتم ذلك عن طريق عمل حجوزات مسبقة من قبل الزوار ضمن برامج خاصة للعمل يقوم بها موظفو الاستقبال مع توفير البرامج الإرشادية المختلفة.
أما عن محتويات مركز الزوار في متحف السلاحف فتقول عنها: تم تجهيز المتحف بأول تقنية من نوعها في منطقة الخليج وهي فريدة، حيث يحتوي على الكثير من المعلومات القيمة المتعلقة بحياة السلاحف وبعض الحقائق التاريخية المرصودة، كما تم تخصيص مساحات خاصة بأثريات منطقة رأس الجنز.
كما يوجد بالمركز ۳١ وحدة تتألف من ١٩ غرفة متميزة ومرتبة و١٢خيمة فاخرة صديقة للبيئة منها المزدوجة والمفردة وغرف خاصة للعائلات ومجهزة بجميع الاحتياجات الأساسية، وتشتمل الإقامة على الأسِرة مع وجبة الإفطار بالإضافة إلى رحلة مشاهدة السلاحف ودخول لـمركز الزوار جميعها تشمل رسوم الخدمات والضرائب للمقيمين فقط بالغرف.
كما يوجد في المركز مطعم عمالقة البحار والذي يستوعب ٦٠ شخصاً يقدم الوجبات المتنوعة وذلك على مدى اليوم، كما يوجد لدينا محل الهدايا يحتوي على العديد من المنتجات الحرفية وبطاقات البريد والصور والكتب والمنتجات التي  تحمل شعار رأس الجنز، في حين يشتمل المركز على المكتبة وغرفة الاجتماعات وتتسع لـ ٣٠ شخصاً.

السلاحف ثروة فلنحافظ عليها
من جانبها قالت مريم بنت عبدالله الخمياسية أختصاصي موارد بشرية وإدارية بالمركز العلمي وخدمات الزوار بمحمية السلاحف برأس الجنز: تعتمد استراتيجية المسؤولية الاجتماعية للمركز على تنظيم واستضافة العديد من الأنشطة التي تسهم في رفع الوعي للتعامل مع السلاحف وأهمية المحافظة عليها وذلك من خلال المشاركة في يوم البيئة والذي نقوم من خلالها بتنظيم حملة تنظيف على الطريق المؤدي للمركز بالتعاون مع فريق رأس الجنز، كما نشارك في البرامج الإذاعية المختلفة لتشجيع السياحة، ولدينا أيضاً زيارات سنوية نقوم بها لمركز الوفاء الاجتماعي بصور ونشارك في أنشطتهم الترفيهية المختلفة.
وأضافت: كما نشارك في الاحتفالية الدولية ساعة الأرض والتي نوعي من خلالها سكان المنطقة حول أهمية التقليل من الاحتباس الحراري من خلال إطفاء الكهرباء لمدة ساعة بين 8 مساء وحتى 9 مساء، ونقوم بتوزيع شتلات لزوار المحمية ونشارك مع وزارة البيئة والشؤون المناخية في حملة لتنظيف شواطىء السلاحف بنيابة رأس الحد ودشنا شعار (السلاحف ثروة فلنحافظ عليها) خلال فعاليات يوم الأرض العالمي.
وقالت مريم الخمياسية: في يوم السلاحف نقوم بتنظيم برنامج يشتمل على محاضرات توعوية وحملة تنظيف الشواطىء وتقديم عدد من الفعاليات الترفيهية المختلفة وأنشطة ترفيهية للأطفال المشاركين، كما ننظم بالتعاون مع جميعة المرأة العمانية بصور دورة في فن الطبخ لعضوات الجمعية، وهناك أيضاً محاضرات توعوية حول الإسعافات الأولية للصيادين وذلك بالتعاون دائرة التنمية السمكية.
واستطردت مريم الخمياسية قائلة: أطلقنا شخصية السلحفاة التفاعلية للالتقاء بالزوار، كما نظمنا حملة التبرع بالدم بالتعاون مع فريق بنك الدم بمستشفى صور، ولدينا مشاركات مختلفة في أنشطة غازي والتي تعدها الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال ضمن برنامجها السنوي لشهر رمضان المبارك. وبدأت محمية السلاحف برأس الجنز تلفت انتباه شركات السفر والسياحة لإدراجها على خريطة السياحة البيئية في العالم، كما تصدرت قائمة اهتمامات السياحة البيئية المقبلة، مما يجعل رأس الجنز مقصداً للسياح ومحل اهتمامه متى وصل إلى السلطنة.
ويحرص عدد كبير من السياح والزوار على التجمع لمشاهدة وقت خروج السلاحف الوليدة من بيضها والانطلاق إلى البحر، مما يجعل الإثارة حاضرة يعيشها كل من يزور محمية السلاحف برأس الجنز خلال هذه الفترة من العام. وتولي السلطنة أهمية كبيرة لحماية الحياة الفطرية والبيئية لديها بمكوناتها المختلفة. ويُدرج المسؤولون هذا الأمر في خانة الحفاظ على الخصائص والسمات الطبيعية المتنوعة والغنية الموجودة على امتداد أراضي السلطنة والتي ستصب في صالح التوجه العام نحو تعزيز السياحة البيئية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق