رئيسيسياسة عربية

اليمن: مواجهات دامية مع القاعدة تقتل عشرات الجنود

ما بين «ارهاب القاعدة»، وخلافات الحوار الوطني، ومشاريع تصفية الحسابات، تجد الرئاسة اليمنية المؤقتة نفسها في مأزق كبير، قد يكون من الصعب جداً التعاطي معه.

الحالة اليمنية – كما تشير معطياتها – باتت اكثر تعقيداً من اي وقت مضى. خصوصاً في ضوء ردة الفعل التي اطلقها تنظيم القاعدة، والتي لونت الارض اليمنية من جديد بلون الدم، وبعد ان نجحت في قتل العشرات من العسكريين في حادثة يجمع اليمنيون على اعتبارها من اكثر الحوادث قسوة، واشدها تأثيراً نفسياً على الدولة بحكم انها نفذت في موقع يفترض ان يكون من اكثر المناطق امناً، حيث وقعت في احد المواقع العسكرية.  فقد وجدت الدولة اليمنية نفسها – مرة اخرى – في مواجهة مع «ارهاب القاعدة». وتحدثت التقارير عن ان التنظيم الذي تلقى سلسلة من الضربات القاتلة كشر عن انيابه، ونفذ كماً من العمليات الدامية ما ادى الى مقتل عشرات الجنود اليمنيين. وبالتوازي نفذ العديد من عمليات الاغتيال ضد ضباط امن كان لهم دور بارز في المواجهات التي نفذت في مناطق الجنوب، والتي ادت الى اطاحة مشروع الامارة الاسلامية التي حاول التنظيم تأسيسها لتكون نواة دولة تطبق قناعات ومبادىء متطرفة تشكل ثوابت عمل التنظيم، الا ان تلك العمليات ادت الى كسر شوكة الدولة التي تخوض صراعاً على اكثر من جبهة ضمن مرحلتها الانتقالية.
وبدا واضحاً ان التطورات الاخيرة التي شهدتها الساحة حولت الانظار بعيداً عن مسألة الحوار الذي تعثر ثانية على وقع الخلاف بشأن عدد الاقاليم التي ستشكل النظام الفدرالي للدولة اليمنية التي ستكون نتيجة وفاقية بين مختلف الاطياف.
المتابعون للحوار، والذي تراجع قليلاً تحت تأثير العوامل الامنية، توقفوا ايضاً عند تدخلات من انصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، والاشتراطات التي وضعوها لمباركة النتائج، والتي لاقت اعتراضاً من اطياف اخرى خصوصاً الاطياف التي كانت تشكل المعارضة، والتي اسهمت في اطاحة نظامه ودفعه الى التنحي لصالح قيادات جديدة ولمرحلة انتقالية.

النشاطات الارهابية
في ما يتعلق بالنشاطات الارهابية الدامية، قتل 56 عسكرياً وشرطياً على الاقل في ثلاثة هجمات متزامنة، اثنان منها بسيارات مفخخة، نسبتها السلطات الى تنظيم القاعدة في جنوب اليمن. كذلك تم الإعلان في وقت لاحق عن احباط هجوم رابع كانت اعدته القاعدة لتفجير سيارة مفخخة في جنوب اليمن.
واشارت مصادر عسكرية واخرى محلية الى ان الهجمات الثلاث التي حصلت عند الفجر في محافظة شبوة، احد معاقل القاعدة، اوقعت ايضاً عدداً كبيراً من الجرحى في صفوف القوات الحكومية وثمانية قتلى في صفوف المهاجمين. وهي الحصيلة الكبرى منذ الهجوم الانتحاري الذي ادى في 21 أيار (مايو) الى مقتل حوالي 100 جندي كانوا يتحضرون لعرض عسكري لمناسبة ذكرى توحيد اليمن. واعلن تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب مسؤوليته عن الهجوم.
وسقط العدد الأكبر من القتلى في تلك الهجمات في محافظة شبوة في انفجار سيارة مفخخة في معسكر للجيش ادى الى سقوط 38 قتيلاً بين العسكريين المكلفين فرض الامن في الحقول النفطية بالمنطقة، على ما اوضحت المصادر.
وبالتوازي، نجحت وساطة قبلية في الافراج عن 21 شرطياً احتجزهم عناصر مفترضون في تنظيم القاعدة خلال الاسبوع الفائت في جنوب اليمن. وبحسب مسؤول امني، افرج منتمون الى تنظيم القاعدة عن هؤلاء الشرطة بعد ان كانوا اختطفوهم في وقت سابق وعلى خلفية مواجهات في منطقة جبلية بين محافظتي ابين وشبوة في جنوب اليمن.
واحتجز الشرطيون خلال هجوم نسب الى القاعدة على معسكر للوحدات الخاصة في قوات الامن في محافظة شبوة التي تشكل معقلاً للتنظيم المتطرف.

وضمن السياق عينه، قتل اكثر من اربعة ضباط امن في عمليات متفرقة استهدفتهم، ونفذها تنظيم القاعدة في مناطق جنوبية عدة.
واصيب عشرون شخصاً بجروح بينهم اربعة اصاباتهم خطيرة، في انفجار عبوتين ناسفتين في العاصمة صنعاء. وبحسب مصدر امني انفجرت احدى العبوات في كومة من القمامة في شارع الرباط غرب ساحة التغيير في صنعاء، قبل ان تنفجر عبوة ثانية بعد ان تجمع سكان في المكان.
وفيما افادت وكالة الانباء الرسمية نقلاً عن مسؤول في وزارة الداخلية ان الانفجارين اللذين نفذا عن بعد، اسفرا عن اصابة 20 شخصاً بجروح، اكد المصدر الامني ان بين الجرحى اربعة جروحهم خطيرة. وتم تطويق المنطقة من قبل قوات الامن للبحث عن اي ضالعين في التفجيرين. والهجوم المزدوج هو الاخير ضمن سلسلة من الهجمات والاغتيالات التي استهدفت خصوصاً جنوداً وضباطاً ومسؤولين امنيين في صنعاء وفي جنوب البلاد.
الى ذلك، تشير المعلومات المتسربة الى ان الحوار الوطني اليمني لا يزال عالقاً عند نقطة عدد الاقاليم في النظام الاتحادي الذي يفترض ان يتم اعتماده في اليمن، لا سيما مع انسحاب ممثلي حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح من اللجنة الخاصة بهذه القضية.

عقدة الحوار
وقال احمد عوض بن مبارك امين عام الحوار، ان «الاشكال الرئيسي هو في شكل الدولة، اقليمان او اقاليم عدة»، مشيراً الى ان الامور متوقفة على هذا الصعيد مع انسحاب ممثلي حزب صالح من لجنة 8+8 الخاصة بالقضية الجنوبية. الا ان بن مبارك توقع ان يتم انجاز الحوار في غضون اسبوعين او ثلاثة اسابيع، مشيراً الى «دور رئيسي ومحوري» للرعاة الدوليين في الضغط على الاطراف. وكان المشاركون في الحوار توافقوا على ان يكون اليمن دولة اتحادية، فيما استمر الخلاف حول عدد اقاليم الدولة اذ يتمسك الجنوبيون بصيغة من اقليمين تستعيد في الشكل دولتي اليمن الشمالي والجنوبي اللتين كانتا مستقلتين حتى 1990. ويرفض قسم من الشماليين هذه الصيغة لا سيما حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح. وقال بن مبارك ان لجنة 8+8 المشكلة بالتساوي بين الشماليين والجنوبيين والخاصة بالقضية الجنوبية «متوقفة عن العمل لان ممثلي المؤتمر الشعبي العام (حزب صالح) لديهما موقف معلن من مخرجات هذه اللجنة، وقد علقا مشاركتهما في اللجنة». وقال بن مبارك ان الخلاف في الشكل هو حول عدد الاقاليم لكن الجوهر الحقيقي للمشكلة هو صراع بين قوى من الماضي تريد ان تحفظ مصالحها، وقوى تريد ان تنشىء منظومة حكم جديدة. وان المطروح في الحوار هو محاولة ايجاد آلية لاعادة توزيع السلطة في اشارة الى انصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذين يتمسكون بممارسات من شأنها استمرار تصفية الحسابات مع الخصوم الجنوبيين.

صنعاء – «الاسبوع العربي»

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق