سياسة لبنانيةلبنانيات

المجلس النيابي والحكومة يتشاركان لتوسيع التعطيل حتى يصبح عرفاً

لا انتخابات رئاسية ولا بلدية واختيارية والاحزاب ايضاً مسؤولة عن الانهيار

«الكل يسير الى الامام ونحن نمشي القهقرة». بهذه الكلمات يمكن توصيف الوضع القائم اليوم قي لبنان. المنطقة التي عانت على مدى سنين من حروب مختلفة التسميات، عسكرية وسياسية واعلامية ودبلوماسية بدأت تسير نحو السلام، فتحت لها الطريق المصالحة التاريخية التي تمت بين المملكة العربية السعودية وايران بوساطة صينية. فاليمن دخل في هدنة طويلة، تمهيداً لسلام دائم، وايران والبحرين ومصر وتركيا، وسوريا وتركيا، وسوريا والعرب، الخ… وحده لبنان يتجه نحو الحرب دون ارادته وخلافاً لارادة بنيه. حملوه عبء القضية الفلسطينية منذ البداية، وها هم يعيدون الكرة اليوم، لا لخدمة فلسطين، بل خضوعاً لارادة خارجية، تصفي حساباتها مع العدو الاسرائيلي، باسلحة غيرها وليس امامها سوى لبنان. كل ذلك ما كان ممكناً ان يحصل لو كان على سدة الحكم عندنا رجال على قدر المسؤولية، يقولون «لا» عريضة، ويدافعون عن بلدهم ويولون مصالحه الاولوية. ولكن مع الاسف غاب الرجال، فطرح لبنان في المزاد، حتى الاحزاب التي تسمي نفسها سيادية لم تحرك ساكناً ازاء ما جرى في الجنوب منذ ايام، وهذا التقاعس يؤشر الى استقواء، الغرباء اكثر على انتهاك سيادته.
اليوم يعقد المجلس النيابي جلسة دعا اليها الرئيس نبيه بري، لا لانتخاب رئيس للجمهورية، وفقاً لما ينص عليه الدستور، بل لاستكمال حلقة التعطيل. فبعد ان عطل المجلس وعلى مدى حوالي ستة اشهر ولا يزال انتخاب رئيس للبلاد، يعقد اليوم جلسة لتعطيل الانتخابات البلدية والاختيارية ايضاً، والهروب الى الامام بالتمديد لها، وما هو مستغرب ان بعض التيارات التي تنتقد صبحاً ومساء عدم انتخاب رئيس، تسارع اليوم الى المشاركة في الجلسة لتكريس الشلل داخل كل المؤسسات، بحيث يصبح التعطيل والفراغ عرفاً يسير عليه البلد.
وامعاناً في تدهور السلطة، يعقد مجلس الوزراء جلسة بعد ظهر اليوم لتكريس التمديد الذي يكون المجلس النيابي قد اقره، قبل الظهر. وهذا دليل ثابت على توافق المجلس النيابي ومجلس الوزراء على تعطيل كل المؤسسات، لخدمة من؟ ولأي هدف؟ الجواب عند الشعب اللبناني، لان اجوبة المسؤولين غير موثوقة وذرائعهم واهية ولا من يأخذ بها.
انطلاقاً من هذا الواقع المؤلم والمحزن، اصبح مؤكداً ان الحل لسلسلة الازمات التي تدمر البلد، غير وارد ان يصدر عن الداخل، بل ان الامل الوحيد هو ان تمتد يد خارجية لا مآرب خاصة لها، فتنتشل لبنان من جهنم، والا فانه سائر الى التفكك والانحلال. فبعد تصريحات رئيس حكومة تصريف الاعمال حول تمسكه باجراء الانتخابات البلدية، كان مفترضاً ان يصدر قرار بتمويل هذا الاستحقاق واجرائها، الا ان العكس كان صحيحاً، وهذا يكشف النيات المخبأة وراء تصريحات لا تمت الى الواقع بصلة، ان البلد مشلول بلا رئيس ولا مجلس نيابي ولا حكومة، والسلطة القضائية عطلها التدخل السياسي فكيف يمكن بناء وطن؟
اخر ابداعات المجلس النيابي والحكومة، مشروع قانون يجري الاعداد له لطبع ورقة المليون ليرة، او لنصف المليون، وهذا يدل على ان لا نية لاصلاح الوضع حتى تسترجع الليرة قيمتها او على الاقل جزءاً مما خسرته. فلو ان المجلس والحكومة يتشاركان في اقرار الاصلاحات المطلوبة والتي باتت معروفة، فتفتح الطريق امام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، الحل الوحيد المتيسر اليوم، فتعقبه بعد ذلك المساعدات الدولية والاستثمارات الخارجية فتنتعش الليرة، وتستعيد عافيتها، ولا نعود بحاجة لا الى ورقة النصف مليون، ولا الى المليون. ولكن مع الاسف النوايا غير متوفرة.
ان الانهيار الحاصل لا تتحمل مسؤوليته جهة دون اخرى، بل ان جميع العاملين في الحقل السياسي والحزبي والمالي والمصرفي هم مسؤولون عن الكارثة التي تحل بالبلد وبالمواطنين، وعليهم ان يراجعوا ضمائرهم ويعملوا معاً من اجل الخلاص. فكما اشتركوا في ضرب كل شيء عليهم ان يتكاتفوا اليوم لاصلاح ما هدموه وهذا هو احد المستحيلات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق