سينما

«يومان وليلة» في كان!

درس في التضامن الإنساني وفي جماليات البساطة والإيجاز المقدمة ضمن نهج واقعي مميز، هو ما قدمه المخرجان البلجيكيان الأخوان داردن (لوك وجان بيير) في فيلمهما الجديد «يومان وليلة» ضمن المسابقة الكبرى لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ 67.

حظي الفيلم باحتفاء نقدي كبير، جعله في مقدمة الأفلام المرشحة للفوز بسعفة المهرجان الذهبية، وإذا ما فاز الفيلم سيحقق المخرجان البلجيكيان سابقة في تاريخ المهرجان في الفوز بسعفته الذهبية لثلاث مرات.
وسبق أن حصل الأخوان على هذه الجائزة مرتين، الأولى عام 1999 عن فيلمهما «روزيتا» والثانية عام 2005 عن فيلمهما «الطفل».
وفي «يومان وليلة» يواصل الأخوان داردن نهجهما في تفكيك آليات الاستلاب في المجتمع الرأسمالي المعاصر، وتصوير أزمة الانسان البسيط المسحوق وسط ثقافة السوق والاستهلاك الطاغية.
ويُطرح في الفيلم فكرة التضامن الإنساني مقابل ثقافة التنافس الضارية وعلاقات الإنتاج في السوق التي تفرض قوانينها اللاإنسانية والمتناقضة مع الفطرة والنزوع البدهي نحو الخير والتضامن الانساني.
ويقدم المخرجان نشيداً احتفائياً بقيمة التضامن، وتبدو خلاصة فيلمهما على قدر كبير من التفاؤل والايجابية، عندما تنتصر بطلته لقيمة التضامن حتى لو انتهى الأمر بها إلى خسارة قضيتها الشخصية.

 

حكايات متداخلة
وكعادتهما، يختار المخرجان شخصية في أزمة انسانية، وهي هنا ساندرا (الممثلة ماريون كوتيار) المهددة بفقدان عملها، والمنهارة نفسيا من جراء هذه الأزمة، والخوف من المستقبل على عائلتها البسيطة المكونة من زوجها العامل في أحد المطاعم وطفليها.
لقد عمدت إدارة المعمل الذي تعمل فيه إلى وضع خيار ابعادها عن العمل كمقابل لمنح زملائها في العمل مكافأة 1000 يورو لكل واحد منهم، وطلبت منهم التصويت على ذلك، فإذا صوتوا لعودتها يخسرون هذه المكافأة.
وتهدف إدارة المعمل، في حقيقة الأمر، إلى تقليل عدد العاملين وتوزيع عبء عمل من يخرج منهم على الآخرين، وهذه المكافأة كانت الطعم الذي عليهم ابتلاعه.
وتنجح إحدى زميلاتها في إقناعها بطلب إعادة التصويت لأن الإدارة ضغطت على العاملين. وأمام هذا الخيار، بات على ساندرا أن تقضي عطلة نهاية الأسبوع في طواف على منازل زملائها في العمل لحثهم على التصويت لصالحها.
وتشكل أزمة البطلة وهذه الرحلة حكاية إطارية في سيناريو محكم تتكشف فيه حكايات وحبكات ثانوية تصور واقع الطبقة العاملة في بلجيكا.
وتبدأ ساندرا مهمة صعبة في أقناع 9 أشخاص، على الأقل، من بين 16 من زملائها في التصويت لصالحها، لكل واحد منهم حكايته وظروفه وحاجته الماسة لمال المكافأة.
وتتباين الاستجابات بين مَن يتهرب من مقابلتها ومَن يتضامن معها ويوافق على التخلي عن مكافأته لمصلحة التصويت لعودتها، وبين مَن يصارحها بحاجته إلى المال ومن ثم التصويت ضدها.

(بي بي سي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق