سياسة لبنانيةلبنانيات

الطبقة السياسية انقسمت حول الحوار والمواطنون يسألون ماذا حققت الحوارات السابقة؟

يبدأ رئيس الجمهورية ميشال عون سلسلة لقاءات مع رؤساء الكتل النيابية والسياسية للبحث معهم في الدعوة التي وجهها الى الجميع لاجراء حوار يتناول القضايا المصيرية للوطن. وكما هي العادة بالنسبة الى المنظومة، انقسمت الاراء وعمت الخلافات. فالتيار الوطني الحر، وحزب الله، وحركة امل والمردة ايدت الدعوة، ووافقت على المشاركة. بينما عارضها تيار المستقبل برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي ابلغ رئيس الجمهورية بان الحوار يجب ان يكون بعد الانتخابات، لان الوجوه الحاضرة على الساحة السياسية قد تتبدل، من خلال صندوق الاقتراع. وكذلك فعلت القوات اللبنانية والكتائب. اما الحزب التقدمي الاشتراكي فقال الوزير وليد جنبلاط انه سيزور بعبدا هذا الاسبوع للبحث مع الرئيس عون في الحوار. ثم عاد وارجأ الزيارة بسبب وعكة صحية. وهكذا تظهرت الخلافات والانقسامات. فالمنظومة لا يمكن ان تتفق على رأي واحد، الا عندما تواجهها قضية تمس بها او بمصالحها وبحصصها ومكاسبها. فعندها تتحد وتتفق على رأي واحد، تماماً كما فعلت مع المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، الذي رأت فيه خطراً عليها. فان التحقيق مع نواب ووزراء يفتح الباب امام التحقيق ليطاول الفاسدين واصحاب الصفقات ولن يوفر اي وسيلة قانونية، للوصول الى الحقيقة. من هنا كان هذا التضامن ضد البيطار، الذي تمسك بالقانون وهو يسعى الى تطبيقه غير عابىء بالهجوم السياسي الشرس ضده.
ولكن ماذا عن المواطنين اللبنانيين، وما هو موقفهم من الدعوة الى الحوار؟
لقد تبين من خلال المخالطات واستمزاج رأي بعض المواطنين، انهم لا يبالون بأي حوار بين المنظومة، ويعتبرون ان لا قيمة له. لقد عقدت في الماضي طاولات حوار اتفق خلالها على امور كثيرة، الا ان شيئاً واحداً لم يتحقق، وسرعان ما كان الموقعون على الاتفاقات ينسحبون منها قبل ان يجف حبر توقيعهم، تماماً كما حصل بالنسبة الى اتفاق بعبدا. فاية فائدة من الحوار، طالما ان المشاركين ولو اتفقوا ظاهرياً وآنياً، فانهم لا يلتزمون بما تعهدوا به. فالمواطن لم يعد يهمه من كل ما يجري سوى تأمين حياة عائلته التي اصبحت مهددة بالجوع والفقر والبطالة والهجرة، حتى كاد لبنان يفرغ من ابنائه. لقد هاجر الشباب ولم يعد على ارض الوطن سوى العجائز وكبار السن.
ويتساءل المواطنون ماذا فعلت هذه المنظومة لهم وللوطن طوال السنوات الماضية؟ هل امنت لهم الكهرباء؟ هل امنت لهم المياه؟ هل امنت لهم فرص العمل وشجعتهم على البقاء في ارضهم، بدل ان تستثمر طاقاتهم دول الاغتراب؟ هل امنت لهم حياة كريمة لهم ولعائلاتهم، وهم الذين امنوها على مستقبلهم ومستقبل اولادهم. ان هذه المنظومة نقلتهم من حياة مشرقة عزيزة طالما تباهوا بها امام العالم كله، فاذا بهم يتحولون الى بائسين يستجدون المساعدات من الخارج. ان هكذا منظومة اوصلتهم الى هذه الحالة البائسة، هل هي قادرة على تأمين حياة كريمة لهم، وتتخلى عن انانيتها ومصالحها؟ يقال ان صانع الحرب لا يصنع السلام، ومسبب البؤس والجوع لا يؤمن رغد العيش. فاي فائدة بعد كل ذلك من الحوار، المشاركون فيه هم هذه الطبقة السياسية التي شهد العالم كله على فسادها وتهدد بعضها بالعقوبات.
انطلاقاً مما تقدم، أَعُقدت طاولة الحوار ام لم تعقد، فان الامر سيان عند الناس، ولا نتائج يمكن ان تظهر حتى ولو ظهر المشاركون بان نواياهم سليمة. فالمواطن لن يلدغ من جحر مرتين. وما الحوار اذا عقد، الا مضيعة للوقت. فلو ان الحكومة التي عطلت قبل حوالي ثلاثة اشهر وهي لم تجتمع سوى مرتين او ثلاث مرات منذ تشكيلها تعود الى ممارسة مهامها التي شكلت من اجلها، وتهتم بالقضايا الملحة مثل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ووقف انهيار الحياة المعيشية للمواطنين، وقد بلغت حداً يفوق التصديق، لعادت على الناس بالفائدة، ولاوقفت انهيارهم وانهيار الوطن، فان كانت هناك نوايا صادقة فليسارع المعطلون الى فك اسر هذه الحكومة، والا عبثاً يحاول اي طرف تبديل الوضع.
والمشكلة الجديدة القديمة التي تواجه اللبنانيين هي العودة الى المدارس. فوزير التربية يصر على الحضور ابتداء من اليوم دون الاخذ بعين الاعتبار الكثير من الامور. هو حريص على عدم اضاعة السنة الدراسية. ونحن ايضاً اشد حرصاً منه ربما، ولكن نسأله ايهما الاهم التعلم ام البقاء على قيد الحياة؟ هناك اطفال لا يفقهون شيئاً من اجراءآت الوزير المشددة، وقد يلتقطون الفيروس بسهولة وينقلونه الى اهلهم. ووقعت حوادث عدة على هذا الشكل تهددت خلالها حياة اباء وامهات واخوة ان لم يكن اكثر. لذلك ان التخفيف من الحماس واخذ الامور بروية وتقويم الوضع، يجب اخذها بعين الاعتبار، قبل العودة الى الصفوف. فقليل من التروي يا معالي الوزير والتخفيف من هذا الحماس الذي يمكن ان يؤدي الى ضرر وربما الى موت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق