أبرز الأخبارتحقيقدوليات

خطر القصف يلاحق الأوكرانيين لدى وقوفهم في طوابير الطعام

في الصباحات الحارّة التي تشهدها ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، يقف بضع عشرات من السكان في الطابور أملاً في الحصول على المساعدات الغذائية.
وبالرغم من أنهم يخاطرون بحياتهم لدى خروجهم من منازلهم في خاركيف خشية أن يستهدفهم القصف الروسي، إلّا أنّ فترات الانتظار الطويلة هي ما يزعجهم.
يقول المتطوّع الحكومي مكسيم غريداسوف (45 عاماً)، وهو يوزّع الحُزم في حي نيميشليانسكي، «لا يفكّر الناس في ما يمكن أن يحدث لأنّهم يريدون طعامهم». ويضيف «حتى عندما يكون هناك قصف قريب، لا أحد يغادر. ينتظرون طعامهم».
دائماً ما تتضمّن الإشعارات التي ينشرها الجيش في وسائل الإعلام المحلّية بشأن مواقع توزيع المساعدات، التحذير التالي «من فضلكم لا تشكلوا طوابير انتظار، فقد يكون ذلك خطيراً».
قصفت روسيا أوكرانيا بلا هوادة منذ بدء غزوها في شباط (فبراير)، ممّا أسفر عن مقتل آلاف المدنيين الذين كانوا يمارسون أعمالهم. وقدر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عدد القتلى المدنيين بنحو 5200 في آخر تحديث له الأسبوع الماضي.
بعد وقت قصير على زيارة وكالة فرانس برس، أفادت السلطات بأن نيميشليانسكي تعرّضت لقصف بما يمكن أن تكون صواريخ «اس 300» الروسية. ولسوء الحظ، تضمّنت الأهداف طابوراً واحداً للطعام على الأقل. وكان قد قُتل 14 شخصاً في آذار (مارس) على أيدي القوات الروسية أثناء انتظارهم لتسلم الخبز في مدينة تشيرنيغيف الشمالية.
تقول موسكو إنها لا تختار سوى الأهداف ذات الطبيعة العسكرية، متّهمة كييف بالوقوف وراء هذه الحوادث أو تدبيرها، وفي بعض الأحيان تزعم أنّ أوكرانيا تستخدم السكّان المحليين «كدروع بشرية».

«أريد أن أعيش»

على الرغم من المخاطرة، ينتظر حوالي 40 شخصاً حزَم الطعام من جمعية «هوب فوكزال» الخيرية في ماريفا في خاركيف.
يمسك سائق القطار فيتالي زناشينكو (38 عاماً) كيساً بلاستيكياً في داخله أرز وخبز ورافيولي وبصل وحبوب، أثناء مغادرته نقطة التوزيع ويقول «كان الأمر صعباً في البداية، عندما أغلقت المحلات أو لم تعد تحتوي على شيء بسبب الحرب. ولكن الآن، تعوّدنا على الأمر بطريقة ما».
هذه زيارته الأولى إلى المكان خلال شهرين، وهو يفضّل عدم الوقوف وسط حشد كبير والمجازفة بأن يستهدفه القصف، لكنّه يشعر أن ليس لديه خيارًا آخر.
من جهته، يؤكد حاكم المنطقة أوليغ سينيغوبوف لوكالة فرانس برس، أنّ القصف المدفعي لا يزال يشكّل خطراً مستمرّاً في البلدات التي تشهد عمليات عسكرية نشطة في الريف خارج خاركيف.
المنطقة التي تقع على الحدود مع روسيا غنية بالمحاصيل الزراعية، ولكن العديد من مصانعها دمّر في القصف أو تمّ نقله. ويجد السكّان أنفسهم ضحايا الحرب مرتين، إذ أصيبوا بصدمة جراء النزاع الأكثر تدميراً في أوروبا منذ عقود، بينما باتوا مثقلين بفقدان دخل أُسرهم الوحيد.

تحت نيران القصف

قدّمت «هاب فوكزال» 900 طن من الطعام والحفاضات ومواد البناء وغيرها من المساعدات الإنسانية لحوالي 30 ألف عائلة في منطقة خاركيف.
ويقول مؤسس الجمعية ميكولا بلاغوفيستوف لوكالة فرانس برس، إنه وجد نفسه وعمّال الإغاثة التابعين له تحت نيران القذائف أثناء توزيع الطعام مرات عدة. ويضيف «لا نزال نقوم بذلك، نذهب ونقوم بعملنا لأنّ من الأفضل القيام بالعمل والتحدث إلى الناس بدلاً من الجلوس في المنزل خائفين».
وربما تكون «وورلد فود كيتشن» من المنظمات الغذائية الأكثر شهرة العاملة في خاركيف التي استُهدفت أيضاً قطارات الشحن التابعة لها ولشركائها الزراعيين بصواريخ.
بدأت المنظمة التي أطلقها الطاهي المشهور خوسيه اندريس في تقديم أكثر من عشرة آلاف وجبة يومياً لمواطني المدينة الجياع. ودخلت في شراكة مع مطعم يسمى 4.5.0، حيث يشرف رجل الأعمال المصري أحمد حسن (45 عاماً) على كلّ الجوانب العملية المرتبطة بتقديم المعونة الغذائية.
ويقول حسن لوكالة فرانس برس خلال جولة في منشآته الواسعة، حيث يعمل في مطبخه 120 عاملاً، «أظن بأنّ الأمور باتت أكثر هدوءاً الآن، ولكن لا أعرف. الأخبار تقول إن الأوضاع باتت أكثر هدوءاً». ويضيف «أظن بأن المشكلة الآن تقع حول خاركيف وليس في خاركيف نفسها».

ا ف ب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق