صحة

صورة صوتية؟ ماموغرافي؟ أو فحص ذاتي؟ هكذا تواجهون سرطان الثدي…

هي توصيات استباقية تتكرر كلما لامس الحديث جنبات «هيداك المرض»: صورة ماموغرافي وصورة صوتية وفحص ذاتي للثدي… لكن ماذا عن كل هذا؟ ماذا تعرفون عن الماموغرافي؟ ألا تكفي وحدها لتشخيص الخبيث؟ وماذا عن الصورة الصوتية؟ ماذا عن الفحص الذاتي للثدي؟ وماذا عن الإشارات التحذيرية؟
سرطان الثدي خبيث، والتعامل معه يتطلب، بلا خبث، إجراءات… فماذا في الإجراءات الإستباقية؟ وهل من إجراءٍ قادرٍ على أن يحسم مئة في المئة خلو خلايانا من حراكِ أي خبيث؟

لستِ، والحمد لله، مصابة بسرطان الثدي. ولا تشعرين بأي من علامات الإصابة. ولا تتحدرين من عائلة لديها تجارب من هذا النوع وغير متشائمة ولا قلقة ولا تحملين السلم بالعرض، ولا تضعين الأفكار السوداء عنواناً، ولا تتمترسين وراء «قلة الحظ» في الدفاع عن أخطائك…  لكنك معرضة، كلنا معرضات، وكلنا يُفترض بعد سن الخامسة والثلاثين أن نجري سنويا صورة الماموغرافي.

لماذا الماموغرافي؟

لكن لماذا الماموغرافي؟ وبماذا تختلف يا ترى الماموغرافي عن الصورة الصوتية؟ وهل معنى هذا أن الفحص الذاتي لا يفيد؟
الطبيب المتخصص في الأورام السرطانية البروفسور ناجي الصغير يُحدد ماهية التصوير الشعاعي الماموغرافي: يجري تصوير الثدي داخل أشعة إكس أو آلة ماموغرافي حديثة خاصة بالثدي، تبث كمية قليلة من الوحدات الشعاعية. وأشعة أكس تخترق الهواء ومكونات الجسم الطرية بدرجات مختلفة وتُظهرها على الفيلم بلون أسود أو قريب من الأسود، أما الأجزاء الصلبة من الجسم مثل العظام والأجزاء الصلبة فلا تستطيع أشعة أكس إختراقها فتظهر بيضاء أو مائلة الى الأبيض. والثدي، يحتوي على الغدد والدهن وعلى العضل والنسيج الطري، وكلها مكونات تستطيع الأشعة اختراقها وإن بدرجات مختلفة، ويمكن بالتالي دراسة تفاصيل الثدي على الشاشة عبر هذا الفيلم وكيفية توزع التكتلات النسيجية والورمية غير الطبيعية. وتتيح هذه الصورة أيضاً اكتشاف كميات الكالسيوم والتكلسات المتجمعة في الثدي. وتكون بعض هذه التكلسات متكومة حول بعضها في شكل غير متجانس ما يُشكل شبه دليل الى وجود خلايا خبيثة وتكتلات ما قبل سرطانية أو سرطانية، أما في حال ظهرت هذه التكتلات دائرية متجانسة فهذا يُشكل دليلا أول الى أنها من النوع الحميد.
صورة الماموغرافي تكون عادة أكثر بياضاً عند النساء اللواتي يقتربن من سن اليأس، لكن كلما ازداد عمر المرأة يقل عدد غدد الثدي وتزيد نسبة الشحوم فيه فيصبح بإمكان أشعة أكس اختراق الثدي بسهولة أكثر وتصبح الصورة أكثر وضوحاً.
لنُسلم جدلاً أن الطبيب اكتشف في الثدي كثيراً من التكلسات فهل يكفي تجانسها أو عدم تجانسها حتى يتأكد من أنها سرطانية أو حميدة؟
مهمة طبيب الأشعة، بحسب الصغير، تحديد مكان التكلسات وطبيعتها على الصورة، على أن يضع علامة عليها لإزالتها بدقة، إذا لزم الأمر، من قبل الجراح بعد التثبت من نوعيتها عبر الخزعة والفحص النسيجي. والتكلسات الصغيرة غير الطبيعية المتجمعة حول بعضها بأحجام مختلفة، نكرر، تبدو مثل نقاط بيضاء تُسمى ميكروسكوبية وتعني وجود خلايا سرطانية يجب التنبه منها. في كل حال يستغرق تصوير الثدي ماموغرافيا نحو خمس عشرة دقيقة وتأتي النتائج غالبا فورية. ويُفضل عادة إجراء هذا الفحص بعد خمسة عشر يوماً من حصول الميعاد لأن الثدي يكون أقل تضخما قبل الإباضة.

ماذا عن الصورة الصوتية للثدي؟
هي صورة صوتية، أو ما فوق الصوتية، وتجري بواسطة ماكينات حديثة تبث أمواجاً صوتية نحو الثدي وتنعكس لدى اصطدامها بمكونات الثدي وغدده، ويتم التقاطها لدى عودتها وتحويلها الى صورة. وهي تُظهر شكل الغدد والأورام والتليفات ومحتوياتها. وتعتمد هذه الصورة في شكل كبير على خبرة الطبيب المصوّر وتفسيره للتموجات وإنعكاساتها. في كل حال من أهم مميزات هذه الصورة أنها تستطيع أن تساعد على إيضاح خيالات الصورة الشعاعية الماموغرافي والتركيز على الأورام والأكياس وعلاقتها بمحيطها ومحتوياتها، فإذا كان فيها سائل نسميها أكياساً وإذا كانت صلبة نسميها أوراماً.
الصورة الصوتية تفيد أيضا في حال كان الورم صغيرا أو غير ثابت، كونها تساعد في تصويب إبرة الخزعة نحو الورم بدقة عالية كي تُسحب منه المياه أو الخلايا النسيجية، ما يُجنب وخز المريضة مرات عدة من دون فائدة.

ماذا عن الكشف المبكر عبر الفحص الذاتي للثدي؟

سرطان الثدي إذاً هو نمو وتكاثر خلايا أصبحت غير خاضعة لسيطرة الجسم ومناعته. وتنمو بعض هذه الخلايا في الثدي وتصبح ورماً لا يسبب ضرراً ولا ينتشر في الجسم ويسمى: الورم الحميد. وغالبية الأورام المكتشفة تكون غالباً حميدة. والتمييز بين ما هو حميد او خبيث يكون بتحديد الأعراض، على ان يترافق هذا مع سرعة في التشخيص المبكر والصحيح عبر الفحص السريري والماموغرافي والفحص النسيجي. رائع. نكرر السؤال: ماذا عن الفحص الذاتي؟
كل سماكة تشعر بها الأنثى ليست بالضرورة ورماً أو سرطاناً لكن يفترض، في حال شعرت بتغير ما أو بشيء ما في ثدييها أن تستشير طبيبها ليحدد لها ما إذا كانت هذه الأحاسيس هي تغيرات طبيعية تنتج عن تغيرات هورمونية أو أن هناك ورما ما يُفترض تحديد طبيعته.
في كل حال، يُنصح بإجراء الفحص الذاتي مرة كل شهر، في اليوم السابع بعد الدورة الشهرية، حين يكون الثدي أقل تحجراً. أما بالنسبة الى النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل فيُنصحن بإجراء الفحص الذاتي للثدي في اليوم الأول الذي يبدأن فيه بتناول علبة الحبوب الشهرية الجديدة. وبالنسبة الى اللواتي دخلن سن اليأس فليخترن يوماً محدداً، مثل أول الشهر أو نصفه أو حتى آخره، وليعتمدنه موعداً شهرياً لإجراء الفحص الذاتي للثدي.

ماذا عن الفحص السريري للثدي الذي يفترض أن يجريه الطبيب سنوياً؟

الفحص العيادي للثدي هو وسيلة أخرى للكشف المبكر ويفترض، بحسب البروفسور الصغير، إجراء هذا الفحص عند الطبيب مرة كل ثلاث سنوات لكل إمرأة عمرها بين العشرين والأربعين سنة. وكل سنة لكل إمرأة بلغت الأربعين. لكن، بما أن إصابات كثيرة بدأت تظهر قبل سن الأربعين، فيُنصح في بلادنا بالفحص السريري مرة كل ثلاث سنوات تحت سن الثلاثين ومرة في السنة إبتداء من عمر الثلاثين. ويهم هنا القول أن نحو عشرين في المئة من حالات السرطان يتم اكتشافها بهذه الطريقة. ويضيف الصغير: كانت تظهر، في تسعينيات القرن الماضي، نحو اربعة آلاف حالة سرطانية جديدة سنوياً لكن العدد تتضاعف في القرن الجديد الى ثمانية آلاف حالة. وهناك 1700 حالة سرطان ثدي جديدة سنوياً، اي بمعدل 69 حالة جديدة لكل مئة الف امرأة سنوياً. ونصف الحالات تحدث في سن مبكر، أي قبل عمر الخمسين، وحالات كثيرة لا يتم تشخيصها للأسف إلا في مراحل متقدمة.

سؤال أخير: ما هي أفضل طرق التشخيص: الفحص الذاتي؟ السريري؟ الصورة؟ الفحوصات؟

ثمة نساء يلجأن مباشرة الى الصورة لإكتشاف طبيعتهن وتحديد ماهية الخبيث في أجسادهن إذا وجد، وبالتالي يقصدن الطبيب في المرحلة التالية، وهذا التصرف هو غير صحيح علمياً وقد ينتج عنه أخطاء في التشخيص والعلاج. ويفترض بالتالي أن تتوجه المرأة في خطوة أولى الى طبيبها النسائي ليفحصها سريرياً بعد أن يسألها عن سيرتها المرضية أو أن يراجع وإياها هذه السيرة إذا كانت مريضته من زمان. 
وماذا لو شكّ الطبيب؟
يقوم عندها بأخذ خزعة، بعد إعطاء البنج الموضعي، ثم يُدخل الإبرة في الورم وهو يُمسك حدوده بين يديه ثم يسحب السائل ويضعه في زجاجة خاصة، وقد يحتاج سحب السائل أو الخلايا الصلبة الى وخزات عدة.
سيدة؟ سرطان الثدي قد يصيب الرجال أيضاً وإن بنسبة لا تزيد عن واحد في المئة، لهذا نتكلم دائماً في الموضوع بصيغة تاء التأنيث. نكرر إذاً: سيدة؟ يحوم حولك دائماً، خصوصاً في هذا العصر المفعم بكل التبدلات النفسية وأسباب التغيرات الهورمونية، خطر الإصابة بسرطان الثدي. إنه يتزايد. ولأنه خبيث قد يتسلل بهدوء ويفتك بكن فكن له في المرصاد…

نوال نصر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق