توقيع الاتفاق الاممي يقرب ليبيا من الحل النهائي

اعتبر الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة الاحد ان توقيع اطراف ليبية على مسودة الاتفاق الاممي في المغرب يضع البلاد على طريق الحل النهائي للصراع على السلطة الذي قتل فيه المئات وجعل دولة ما بعد الثورة دولتين.
ورغم غياب المؤتمر الوطني العام، الذراع التشريعية للسلطات الحاكمة في العاصمة طرابلس واحد الاطراف الرئيسيين للنزاع، عن التوقيع، الا ان هذه الخطوة التي تدشن طريقاً طويلاً وشاقاً تمثل اول اختراق سياسي فعلي لجدار الازمة منذ اب (اغسطس) 2014.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغريني في بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه «اتخذت اليوم خطوة مهمة نحو استعادة السلام والاستقرار في ليبيا»، مشددة على ان الاتحاد الاوروبي سيدعم حكومة الوحدة الوطنية ما ان تتشكل.
واعتبر من جهته رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي ان «اتفاق الساعات الاخيرة حول ليبيا» يمثل «مرحلة مهمة في الجهود لارساء الاستقرار في المنطقة واعادة السلام الى هذا البلد الكبير».
وفي نيويورك، قال بيان صادر عن الامم المتحدة ان الامين العام للمنظمة الدولية بان كي مون «يتطلع الى سرعة التوصل الى اتفاق كامل وتطبيقه».
ورأى ان التوقيع على الاتفاق في المغرب «قرار يدل على الارادة السياسية (…) ويقرب البلاد خطوة اضافية من ايجاد حل للازمة الامنية والمؤسساتية الحالية».
وفي ليبيا الغارقة في الفوضى منذ اطاحة نظام العقيد معمر القذافي في 2011، حكومة ومؤتمر وطني انتهت ولايته هو بمثابة برلمان ومقرهما طرابلس الخاضعة لسيطرة قوات مسلحة تحت مسمى «فجر ليبيا»، وبرلمان وحكومة يعترف بهما المجتمع الدولي ومقرهما مدينتا البيضاء وطبرق في الشرق.
ويتنازع الطرفان السلطة وتدور يومياً بين القوات الموالية لهما معارك في العديد من المدن والبلدات خلفت مئات القتلى منذ عام، بينما تسعى الامم المتحدة لانهاء النزاع عبر ادخال البلاد في مرحلة انتقالية تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وبعد اشهر من المحادثات، عقدت بعثة الأمم المتحدة مساء السبت (23،00 ت غ) حفلاً لتوقيع اتفاق السلم والمصالحة بالاحرف الاولى بهدف إنهاء النزاع الليبي في منتجع الصخيرات السياحي جنوب العاصمة الرباط.
وحضر حفل التوقيع وفد برلمان طبرق المعترف به دولياً، وممثلون للمجالس البلدية لمدن مصراتة وسبها وزليتن وطرابلس المركز ومسلاته، اضافة الى ممثلين لاحزاب سياسية، وكذلك ممثلين للمجتمع المدني ونواب مستقلين.
وقال برناردينو ليون المبعوث الأممي من أجل الدعم في ليبيا قبل التوقيع «ان اتفاق الصخيرات سيضع حداً للصراع الذي عم البلاد لشهور عديدة. هي خطوة واحدة فقط لكنها مهمة جداً على طريق السلام. سلام سعى جميع الليبيين منذ فترة طويلة لتحقيقه».
وأوضح أن «الباب يبقى مفتوحاً لأولئك الذين اختاروا الا يكونوا هنا الليلة رغم أنهم لعبوا دوراً حاسماً في تطوير هذا النص»، مضيفاً «أنا واثق بأننا سنقوم في الأسابيع المقبلة بتوضيح القضايا التي لا تزال مثاراً للجدل».
كما قال بيان رسمي صادر عن البعثة الاممية للدعم في ليبيا ان «قبول أحد الأطراف للاتفاق مع تقديم تحفظات محددة، أمر متعارف عليه ويحفظ للأطراف حقهم في الاستمرار في التفاوض حول تلك التحفظات حتى التوقيع النهائي وإقرار الاتفاق».
واعلنت البعثة ارجاء مناقشة النقاط الخلافية حول المسودة الى حين مناقشة الملاحق المرتبطة بهذا الاتفاق، وذلك في جولات جديدة بعد عيد الفطر.
وكان المؤتمر الوطني العام قد أعلن الثلاثاء رفض هذه المسودة لـ «غياب نقاط جوهرية» فيها، مؤكداً رغم ذلك استعداده للمشاركة في جلسات جديدة للحوار في المغرب.
وفي رسالة موجهة الى ليون قبيل توقيع الاتفاق السبت، اوضح رئيس المؤتمر نوري ابو سهمين ان المؤتمر مستعد لارسال وفده من جديد للمشاركة في جولات للحوار على ان يكون الهدف «تقديم التعديلات» التي يراها مناسبة، او «بحث اسس وآلية جديدة».
ويتوقع ان يعلن المؤتمر العام موقفه من حفل توقيع مسودة الاتفاق، التي يرفضها تحالف «فجر ليبيا» المسلح، في مؤتمر صحافي يعقده في مقره في طرابلس الاحد، بحسب دعوة وجهت الى الصحافيين.
في مقابل ذلك، رحبت الحكومة المعترف بها في بيان نشرته على صفحتها في موقع فايسبوك بتوقيع الاتفاق.
وكتبت «ان الحكومة الليبية المؤقتة وهي تبارك لشعبها هذا الانجاز الكبير فانها تجدد دعوتها لكل الاطراف لتغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وتناشدهم ان يكملوا السير بخطى ثابتة نحو اتفاق شامل يؤسس لولادة حكومة وفاق وطني».
ويذكر ان مسودة الاتفاق، ورغم توقيعها في الصخيرات، الا ان اقرارها رسمياً من قبل السلطات المعترف بها لا يزال يحتاج الى تصويت داخل البرلمان في طبرق.
وأشرف على حفل التوقيع بالأحرف الأولى، بحسب مراسل فرانس برس، ليون، وصلاح الدين مزوار وزير الخارجية والتعاون المغربي.
وحضر الحفل السفراء والمبعوثون الخاصون الى ليبيا، والذين يمثلون كلاً من فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا واسبانيا وايطاليا والبرتغال وتركيا ومصر وقطر والمغرب، اضافة الى ممثل الاتحاد الأوروبي في ليبيا.
وقال عثمان بن ساسي الناشط السياسي والعضو السابق في المؤتمر الوطني العام لفرانس برس «حدث امر ايجابي في المغرب. المؤتمر لم يحضر، لكن اطرافاً في الصراع اقروا بالاحرف الاولى اتفاقاً سياسياً، وهذا يعتبر بمثابة اختراق».
واضاف «البلاد تتخبط منذ عام، والدولة التي ولدت بعد الثورة اصبحت دولتين. ليبيا بحاجة الى توحيد مؤسساتها عبر حكومة وحدة وطنية لانهاء هذا الانقسام، وتوقيع الاتفاق يضع البلاد على هذا الطريق، لكنه طريق لا يزال طويلاً وشاقاً».
ا ف ب