بمناسبة مئوية ولادة الأديب والشاعر والمربي أنطوان أديب لحود (1915 – 2015) صدر له أخيراً، ديوان شعر بعنوان «روضة الأزهار»، نسّقه ولداه: السفير بهجت لحّود، والمؤلف والمخرج المسرحي والأستاذ الجامعي الفنان الدكتور إيلي لحود.
يعتبر هذا الديوان قصة حياة في التربية والتعليم، والمواقف الوطنية، امتدت منذ الحرب العالمية الأولى إبّان ولادة الشاعر، حتى أحداث لبنان الأخيرة، نهاية القرن الماضي.
شعر الديوان كلاسيكي، موزون ومقفّى، يستقي ينابيعه من التراث اللبناني والعربي، ويستلهم أبرز المدارس العالمية. ويبرز المؤلف أهم مراحل حياته، عبر أبواب مختلفة… كالوطنيات، والغزل، والرثاء، والمعلّم، والشجرة، ومقدمات الروايات، ورجال الدين، والملوك والرؤساء، ومتفرقات، تشهد كلها لمواقف، ومشاعر، وأفكار، صائبة ومفعمة بالحقيقة.
يقع الديوان في 277 صفحة من القطع الكبير، ويضم (ألبوم صور) يؤرخ لأهم مراحل حياة الشاعر منذ طفولته حتى كهولته.
توقيع الديوان وندوة حوله
وبهذه المناسبة، وقّع السفير بهجت لحّود، والدكتور إيلي لحود، ديوان والدهما في نطاق معرض الكتاب -34، الذي تنظمه «الحركة الثقافية – انطلياس»، وفي الوقت نفسه، تم توقيع الديوان المذكور، في بلدة عمشيت، الذي دعت اليه البلدة في مقرّ «ذاكرة عمشيت». ومن ثم، أقيمت ندوة حول الشاعر أنطوان أديب لحّود وديوانه «روضة الأزهار» التي دعا اليها «نادي عمشيت» حيث ألقيت شهادات عدة… بحضور فعاليات اجتماعية وثقافية وأدبية وعسكرية وإعلامية…
بعد النشيد الوطني وتعريف لإرنست سليمان، كلمة نائب رئيس «النادي» نهاد غطاس سليمان الذي رحّب بالحضور وبالمنتدين، وشدّد على وطنية الشاعر، وأبواب الديوان المتنوعة التي تختصر تاريخاً بأكمله. ومن ثم انتقل الكلام الى المنتدين.
وطني النزعة وعروبي الهوى…
الدكتور كرم الحلو وصفه بالقول: «عمشيتي» الدماثة، وطنيّ النزعة، عروبيّ الهوى، علمانيّ الايمان، بعيد عن التعصب والانغلاق… يستلهم في تفكيره وأشعاره، كل تاريخ عمشيت الليبرالي… مبادىء النهضويين والتوجهات الوطنية والقوميّة تتجلى في أبهى صورها في روضة أزهار أنطوان لحود حيث يعبق في قصائده وأشعاره أريجُ الوطنية، وحب والوطن، وقد جمع بين الانتماء لقريته وانتماءاته الرحبة العربية والشرقيّة.
الدكتور جوزف مطر، وصف علاقته بانطوان لحود في مدرسة صربا الرسمية حيث علّما معاً، بالممتازة والوديّة وقال بأن مجموعة «روضة الأزهار» غنية بالإبداع والاحساس والمحبة والغضب احياناً، والثورة، ومليئة بالصور الشعرية باسلوب مميّز فيه نبضات من روح انطوان لحّود، حاملة عطر جبالنا وشفافية أجوائنا وصدقنا. فالموضوع عنده لا يصنع القصيدة انما الروح الذاتية والبساطة بدون تصنّع…
عرق ورد ينشر العطر والجمال
الدكتور أنطوان داغر، اعتبر ان ديوان «روضة الأزهار» هو «تحويشة» عمر كامل، وسجل ذهبي لحياة رجل، ولمرحلة من تاريخ بلدته العريقة بأفراحها وأحزانها… قصائده تجرى على النسق المألوف عند العرب ومن سماته الروح الوطنية وجمعه للعروبة وفونيقيا، و وقوفه على مسافة من الحكّام والرؤساء والزعماء، وخفّة الظّل، وروح الدعابة… ووصفه بأنه الجرس المعلّق في عنق الذاكرة الجماعيّة، وعرق الورد الذي لا ينفكّ ينشر العطر والجمال.
نشر المعرفة في مدينة «الحرف»
الباحث طنوس نصّار رأى ان انطوان لحود كان هو نفسه حين يعمل أو حين يكتب. لم يكن يعرف الحقد بل كان رجل محبة وتسامح، وذا نزعة انسانية نظيفة، ويسعى ويعمل دائماً لاحلال السعادة والوئام ويرتاح الى العفويات الطريفة التي لا تلحق الأذى بالاخر. انطوان لحود هو رجل الشهامة والعنفوان والمودة والتسامح والفرح الدائم والخيال الخصب والبراعة الأدبية. وقد قدّم في قصائده للعلم والمعلم والمدرسة، ما يكفي من الاقرار و العرفان. لا أستطيع أن أفي الديوان حقّه في هذه الدقائق المعدودة، فما بيني وبين انطوان لحّود هو أبعد من كتاب واغنى من مكتبة… إنه حكاية مدرسة ومعلّم.
الباحثة سولنج باسيل قالت، ان هذه ندوة تكريميّة لانسان كان كريماً في عطاءاته على جميع الصعد الاجتماعية وخصوصاً التربوية. انسان لعب الدور الرئيسي في نشر المعرفة والعلم في مدينة «الحرف والعلم» جبيل. اتّسم بالعدل والحق. لا ازال اذكر تلك العظمة التي كانت تلبسه وذلك العنفوان الذي لم يفارقه لحظة. وهو على فراش الفراق ظلّت «مدرسة الفيدار» التي أسسها في صلب ضميره. وديوانه «روضة الأزهار» حوى القصائد الوطنية والتربوية والدينية والسياسية مروراً بالرثاء والغزل انتهاء بعائلته الكبيرة عمشيت، وبعائلته الخاصة ال لحّود. لقد رسم لحّود طريقاً تربويّة واجتماعيّة صحيحة وانا على خطاه مشيت حين تسلّمت منه أمانة ادارة «مدرسة الفيدار».
الباحث كميل حيدر رأى، ان الشاعر أنطوان لحّود، كان يجمع بين الجدّ واللّين، بين أصالة النسب ودمائه الخلق، بين سخاء العطاء وحكمة الأداء بين عمق الايمان ومحبّة الانسان… كان لكل كبيرة وصغيرة، إذا قال فعل، وإذا سار وصل، وللمسؤولية الصعبة حمل وما يوماً لواجباته همل. فالشاعر يغرف من بحر ويجيد الغزل والمدح والرثاء والفخر، بخيال رحب واسلوب سهل وعبارات رقيقة وجدانية، بعبقرية فذّة تنصاع لها المفردات انصياع المياه لمجاريها، تناول معظم فنون الشعر وأثراها بحكمته وخياله…
التأريخ بواسطة الشعر
أما الدكتور إيلي لحود فاعتبر ان ديوان أنطوان أديب لحود شهادة حياة، فهو الذي اختار العنوان للديوان، كان يسعى للتأريخ بواسطة الشعر، فهو ذاكرته ومذكّراته في آن. جاء الديوان ترجمة لحياة صاخبة بين حربين، وتأريخاً لحقبات متتالية من تاريخ لبنان قلّما تحدّث فيها عن نفسه. التزم بالأوزان الكلاسيكية وكان التجديد عنده في الصور والمعاني والأسلوب ضمن ايقاع فطري مشدود. ديوان بوحيّ حميميّ فهو صياغة شعرية لمفكرة ذاتّية. ثم شكر النادي، والمنتدين، والجمهور، باسمه وبإسم شقيقه السفير بهجت وعريف الإحتفال ارنست سليمان، وفي الختام انتقل الجيمع لشرب نخب المناسبة.
اسكندر داغر