سياسة لبنانيةلبنانيات

ازمة سياسية – قضائية تفجر حرباً كلامية عنيفة بين رئيس الحكومة والتيار الوطني الحر

انتخاب رئيس للجمهورية يضع حداً لهذا الوضع المتأزم فمتى يستفيق المجلس النيابي؟

تداعيات الشغور الرئاسي تكبر وتتمدد، والمنظومة السياسية تتفرج، والمجلس النيابي في غياب تام. لا انتخاب رئيس ولا تشريع حتى للضرورة والبلد يستكمل الانهيار التام، ولا من يسأل او يهتم. فالى متى؟ وما هو المصير؟
انفجرت امس وبعنف الازمة بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر، على خلفية الكباش السياسي – القضائي الذي تفاعل بشكل مقلق ووصل الى نقطة اللارجوع. فبعدما تابعت القاضية عون ملاحقة المصارف والادعاء على اصحابها والمسؤولين الاداريين فيها، بتهمة تبييض اموال، اقدم رئيس الحكومة على توجيه كتاب الى وزير الداخلية بسام المولوي وطلب منه الايعاز الى القوى الامنية، من قوى امن داخلي وامن عام، عدم تنفيذ اي طلب او امر للقاضية عون، فاستجاب المولوي للطلب واجرى الاتصالات اللازمة. كما طلب الرئيس ميقاتي من مدير امن الدولة الشيء عينه. فسارعت القاضية عون للرد فوجهت كتاباً الى البرلمان الاوروبي طالبة التدخل لحماية القانون، متهمة الرئيس ميقاتي بأنه يتدخل في القضاء، ويمنع التحقيق في قضايا تبييض اموال. رد عليها ميقاتي بنفي تدخله في السلطة القضائية وقال انه مارس حقه في اطار الدستور حماية للبلد، وهنا اشتعلت حرب كلامية عالية السقف، شنها التيار الوطني الحر على رئيس الحكومة، متهماً اياه بانه يأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية وسرعان ما تحولت هذه القضية الى ازمة سياسية عالية السقف.
مصادر الرئيس ميقاتي شرحت الموقف فقالت ان القاضية عون خالفت القانون ولا تزال، وهي ترفض تبلغ كل الدعوات المقامة ضدها، وماضية في هذه السياسة التي تسيء الى القضاء نفسه. وانتظر رئيس الحكومة ان يتدخل مجلس القضاء والتفتيش القضائي وكل المعنيين في السلطة القضائية، الا ان احداً لم يحرك ساكناً، فاضطر الى القيام بما قام به تجنباً للوقوع في كارثة. ذلك ان الادعاء على المصارف بتبييض الاموال يدفع المصارف المراسلة في الخارج الى وقف التعاطي مع المصارف اللبنانية المدعى عليها، فيتوقف الاستيراد بما في ذلك الدواء والمحروقات وكل ما يحتاج اليه البلد. وان التدبير المتخذ حالياً ينتظر موقف القضاء. وزير العدل القاضي هنري خوري دخل على الخط واعلن رفضه لاي تدخل سياسي في القضاء. فكان ذلك دافعاً اضافياً لان يمسك المعنيون في السلطة القضائية بهذا الملف المتفجر ويضعوا حداً للخلاف. الا ان مصادر مطلعة تقول ان الحل ليس سهلاً، باعتبار ان مجلس القضاء منقسم على نفسه وقد ظهر ذلك جلياً من خلال الازمة التي نشبت بين مدعي عام التمييز والمحقق العدلي. فكيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟
على الصعيد السياسي ظهرت ازمة جديدة امس، من خلال الحديث التلفزيوني الذي قال فيه الرئيس ميقاتي انه تلقى تقريراً يفيد بان عدد المسيحيين تدنى الى 19،4 بالمئة، بعدما هاجر عدد كبير منهم الى الخارج. وقال ان هذا التقرير منسوب الى بكركي التي لم تتأخر في الرد فنفت بشدة ان تكون اجرت مثل هذا الاحصاء او اصدرت بياناً كهذا. واستغربت اثارة موضوع العدد وفي هذا التوقيت بالذات، مع ان الدستور وضع حداً لهذه القضية ونص على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين متجاوزاً العد. فلماذا اقدم الرئيس ميقاتي على اثارة هذا الموضوع؟ الرئيس ميقاتي نفى ان يكون قد تبنى هذا الاحصاء، لا بل يقول انه شكك في صحته، وانه هو حريص على التمسك بما ورد في الدستور، وحريص على العيش المشترك وانه سيزور الفاتيكان الشهر المقبل لبحث قضية الوجود المسيحي مع البابا فرنسيس.
هذه الازمات المتلاحقة التي تسيء الى سمعة البلد، بعدما تلطخت بالفساد والانكار الرسمي للشعب وادارة الظهر للاصلاحات والسير وراء المصالح الشخصية، الا تستوجب كلها ان يستفيق المجلس النيابي من سباته ويقدم اليوم قبل الغد على انتخاب رئيس لينظم العمل المؤسساتي بشكل طبيعي؟ الى متى يبقى الرئيس بري رافضاً توجيه دعوة الى جلسة انتخاب رئيس، تتوالى على دورات عدة الى ان يتم الانتخاب. اكثر من شهر مر على توقف الدعوة الى جلسات فكأنه ممنوع على المجلس النيابي ان يقوم بواجبه وينتخب رئيساً وينهي الشغور القاتل في قصر بعبدا. فمتى تتحقق هذه الواجبات وقد اصبحت امنيات عند المواطنين، بعد هذا التقاعس القاتل. لو كانت الطبقة السياسية على قدر المسؤولية لما وقعت كل هذه الازمات ولكان المجلس النيابي قام بواجبه والسلطة القضائية لملمت خلافاتها، ولكان الاصلاح قد اخذ طريقه الى التنفيذ وتنفس البلد، فلماذا تسد المنظومة الطريق امام الانفراج؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق