أبرز الأخبارسياسة عربية

الحشد الشعبي يدفع بآلاف المقاتلين الى الرمادي استعداداً لـ «معركة الأنبار»

واشنطن واثقة من استعادة الرمادي من الجهاديين وفرار 25 ألف شخص من المدينة

وصل آلاف من مسلحي الحشد الشعبي إلى قاعدة عسكرية قرب الرمادي استعداداً لبدء عملية عسكرية لاستعادة المدينة من قبضة تنظيم «الدولة الإسلامية» فيما وصف بـ «معركة الأنبار»، فيما اعتبرت الولايات المتحدة سقوط الرمادي «انتكاسة» في الحرب ضد التنظيم المتطرف، ولكن رغم ذلك أعرب جون كيري عن ثقته من استعادة القوات العراقية للمدينة بمساعدة التحالف الذي تقوده بلاده. في حين أعلنت الأمم المتحدة عن فرار 25 ألف شخص من المدينة لجأ أغلبهم إلى بغداد.
بدأت فصائل مسلحة عراقية شيعية إرسال تعزيزات من عناصرها إلى محافظة الأنبار في غرب العراق الاثنين، غداة سقوط مركزها مدينة الرمادي بيد تنظيم الدولة الاسلامية بعد هجوم واسع استغرق ثلاثة أيام.
ويعد سقوط الرمادي أبرز تقدم للتنظيم في العراق منذ هجومه الكاسح في حزيران (يونيو) 2014، ونكسة لحكومة حيدر العبادي الذي أعلن في نيسان (أبريل) أن «المعركة المقبلة» هي استعادة الأنبار كاملة من الجهاديين.
وباتت الرمادي (100 كلم غرب بغداد) ثاني مركز محافظة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، بعد الموصل (شمال) مركز محافظة نينوى، أولى المناطق التي سقطت في وجه الهجوم الجهادي قبل نحو عام.
وبدت الحكومة العراقية عازمة على التحرك بسرعة لاستعادة الرمادي، واستعد آلاف من قوات الحشد الشعبي الشيعية امس الاثنين لقتال متشددي تنظيم الدولة الإسلامية الذين استولوا على مدينة الرمادي العراقية في مطلع الأسبوع.
وقال شهود عيان وضابط في الجيش العراقي إن رتلاً من ثلاثة آلاف من قوات الحشد الشعبي تجمعوا في قاعدة عسكرية قرب الرمادي استعداداً لمهاجمة متشددي الدولة الإسلامية الذين تقدموا في عربات مدرعة من المدينة صوب القاعدة.
ووقع رئيس الوزراء حيدر العبادي على الأمر بنشر مقاتلي الحشد الشعبي الشيعة في محاولة لاستعادة المدينة التي يغلب على سكانها السنة وهي خطوة قد تزيد من إثارة التوتر الطائفي في أحد أكثر المناطق عنفا في العراق.

انتكاسة
لكن واشنطن التي تقود حملة من الضربات الجوية لدحر تقدم الدولة الإسلامية وتكافح من أجل إعادة بناء الجيش المنهار في بغداد هونت من أهمية انتكاسة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري امس إنه واثق من استرداد مدينة الرمادي من أيدي تنظيم الدولة الإسلامية في الأسابيع المقبلة.
وأضاف كيري في مؤتمر صحفي في سيول عاصمة كوريا الجنوبية إن الرمادي كانت هدفا يمثل فرصة للمتشددين.
وتابع «أنا على يقين من أن هذا الوضع سيتغير مع إعادة انتشار القوات وبمرور الأيام في الأسابيع المقبلة… أنا واثق تماما من أن هذا سيتغير في الأيام المقبلة».

تكثيف ضربات التحالف
وأقرت الولايات المتحدة التي تنفذ ضربات جوية على مواقع للدولة الاسلامية منذ آب (أغسطس) الماضي وأرسلت مستشارين وأسلحة لاعادة بناء الجيش العراقي بأن سقوط الرمادي يمثل «انتكاسة» لكنها قالت إنها لن تغير استراتيجيتها.
وكثف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضرباته الجوية لمتشددي الدولة الإسلامية وقال متحدث باسم التحالف إن عدد الضربات بلغ 19 قرب الرمادي خلال الاثنتين والسبعين ساعة الماضية وإن الضربات نفذت بطلب من قوات الأمن العراقية.
وقال الكولونيل ستيف وارن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) «استنتاج أكثر مما ينبغي من هذه المعركة المنفردة هو ببساطة خطأ».
وأضاف «ما يعنيه هذا بالنسبة الى استراتيجيتنا، ما يعنيه بالنسبة الى اليوم، هو ببساطة أننا – أعني التحالف وشركاءنا العراقيين – علينا الآن العودة واستعادة الرمادي».

حشد للقتال
وصدر الأمر للمقاتلين الشيعة بالتعبئة بعد أن اجتاح مقاتلو الدولة الإسلامية الرمادي عاصمة محافظة الأنبار يوم الأحد.
وتعطي قوات الحشد الشعبي الحكومة قدرة أكبر على شن هجوم مضاد لكن مشاركتها في الهجوم قد تثير العداء الطائفي في إحدى أكثر مناطق العراق عنفاً.
وقال صباح كرحوت رئيس مجلس محافظة الأنبار إن قوات الحشد الشعبي وصلت إلى قاعدة الحبانية وتقف الآن على أهبة الاستعداد. وقال المجلس إن قوات الحشد الشعبي مجهزة تجهيزاً كاملاً وعالية القدرات.
وقال شاهد عيان إنه رأى طابوراً طويلاً من العربات المدرعة والشاحنات المزودة ببنادق آلية وقذائف صاروخية وقد رفعت عليها الرايات الصفراء الخاصة بكتائب حزب الله وهي إحدى فصائل قوات الحشد الشعبي متجهة إلى القاعدة التي تبعد نحو 30 كيلومتراً عن الرمادي.

فرار 25 ألف شخص
وقالت الأمم المتحدة إن نحو 25 ألف شخص فروا من مدينة الرمادي العراقية بعد هجوم الدولة الإسلامية عليها وإن أغلبهم اتجهوا صوب بغداد.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في العراق إن المنظمة الدولية ووكالات مساعدات أخرى بدأت توزيع الغذاء والمياه والإمدادات الطبية ونصب مخيمات ومراحيض مؤقتة. واضاف إن الأموال اللازمة لمساعدتهم بدأت تنفد وإن مخزونات المساعدات انتهت تقريباً.
ومن المعتقد أن الفارين يهربون للمرة الثانية أمام هجوم للتنظيم بعدما كانوا ضمن 130 ألف شخص فروا من المدينة الواقعة في غرب العراق في نيسان (ابريل).
وذكر متحدثون بأسماء فصائل قوات الحشد الشعبي أن الاستطلاع والتخطيط جاريان لما سموها «معركة الأنبار» في إشارة إلى المحافظة الشاسعة التي تقع في وادي نهر الفرات والتي خاضت فيها القوات الأميركية أكبر المعارك خلال احتلالها للعراق الذي استمر 11 عاماً.
وقال متحدث باسم محافظ الأنبار إن 500 شخص قتلوا في معارك الرمادي في الأيام القليلة الماضية وإن ما يتراوح بين ستة آلاف وثمانية آلاف فروا من المدينة.
وقال تنظيم الدولة الإسلامية إنه استولى على دبابات وقتل عشرات «المرتدين» وهو الوصف الذي يطلقه على قوات الأمن العراقية. وقال شاهد عيان في الرمادي إن جثث رجال الشرطة والجيش ممددة في جميع الشوارع تقريباً بالقرب من العربات العسكرية المحترقة.
وقال ضابط في الجيش العراقي غادر الرمادي إن أوامر صدرت للقوات بإعادة تجميع صفوفها لكن الجنود مستنزفون ومعنوياتهم منخفضة.

نقاط ضعف الاستراتيجية الأميركية
ويمثل سقوط المدينة انتكاسة كبيرة للقوات التي تحارب تنظيم الدولة الإسلامية وهو تحالف تقوده الولايات المتحدة وقوات الأمن العراقية المدعومة من مسلحي الحشد الشعبي المدعومين من إيران.
وكان سقوطها تذكيراً قاسياً بالواقع للولايات المتحدة التي نفذت قواتها الخاصة غارة ناجحة مطلع الأسبوع في سوريا قالت إنها قتلت خلالها قيادياً في الدولة الإسلامية يتولى المسؤولية عن مبيعات النفط والغاز لحساب التنظيم في السوق السوداء وألقت القبض على زوجته.
ويرى بعض المحللين أن سقوط الرمادي يوضح نقاط ضعف الاستراتيجية الأميركية المتمثلة في الضربات الجوية وترك القتال البري للقوات الحكومية المدعومة من قوات الحشد الشعبي شبه العسكرية.
وقال حسن حسن وهو مؤلف كتاب عن الدولة الإسلامية إن الأميركيين يقولون إنهم ينفذون ضربات جوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لكن الجماعة هزمت القوات الحكومية بعد ذلك.
وأضاف أن ذلك يوضح أن الأميركيين يحتاجون حقاً إلى وضع استراتيجية جديدة كاملة وأن يقاتلوا بأنفسهم.
وقال مسؤولون أميركيون إنه لن يطرأ أي تغيير على استراتيجية الولايات المتحدة وان مسؤولية دحر الدولة الإسلامية تقع كلية على عاتق القوات العراقية.
وقال المتحدث باسم البنتاغون «سنستعيدها بالطريقة عينها التي نستعيد بها ببطء ولكن بثبات أجزاء أخرى من العراق وهذا بمساعدة القوات البرية العراقية والقوة الجوية للتحالف».
وقال قاسم الفهداوي الوزير بالحكومة العراقية إن القوات العراقية تفتقر للمهنية والتدريب والانضباط للصمود أمام عدد أصغر من مقاتلي الدولة الإسلامية المهرة.

السنة تخشى الميليشيات الشيعية
وبينما حثت الحكومة في بغداد العشائر السنية في الأنبار على قبول المساعدة من قوات الحشد الشعبي ضد الدولة الإسلامية، يرى الكثير من السنة أن المقاتلين الشيعة يمثلون تهديداً أسوأ من الدولة الإسلامية التي تقول إنها تدافع عن السنة في وجه المسلحين الشيعة.
لكن بعض عشائر الأنبار تخشى نمط الحكم القاسي الذي تطبقه الدولة الإسلامية لدرجة أنها مستعدة لقبول دور للقوات الشيعية المكروهة. وعبر عن ذلك أحد الشيوخ قائلاً إن هناك شكاً في قوات الحشد الشعبي لكنه يرحب في المرحلة الحالية بأي قوات تأتي لتحرير العشائر من الدولة الإسلامية.
وقال علي أكبر ولايتي وزير الخارجية الإيراني السابق إن بلاده مستعدة لمساعدة العراق على التصدي للدولة الإسلامية مشدداً على ثقته بأن المدينة ستحرر.

وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق