سياسة لبنانيةلبنانيات

الانهيارات تتواصل والشغور الرئاسي يتمدد والشعب في نظر اللامسؤولين مجرد ارقام

التسعير بالدولار يظهر فشله منذ اليوم الاول وضرب القدرة الشرائية اصبح اسهل

يوماً بعد يوم يتأكد للجميع ان الحل لهذه الازمات الكارثية المتلاحقة، يستحيل ان يكون لبنانياً لاسباب عدة، اولها ان الاطراف كلها متمسكة بمواقفها المتباعدة والمتناقضة، وان الجميع باتوا يتطلعون الى الخارج، الذي اثبت انه، رغم انشغاله بقضايا عالمية ابعد بكثير من الملف اللبناني، لا يزال يهتم بلبنان ساعياً الى تقريب المواقف. والى ان تلوح بوادر فرج، يبقى الشغور الرئاسي يلقي بثقله على الاوضاع ويتمدد ويتوسع. فالمنظومة استطاعت ان تعطل المجلس النيابي الذي علقت عليه الامال، فاذا به ينصاع الى ارادتها. فهو مثلاً يريد ان يأتي برئيس للجمهورية تعارضه مختلف الكتل المسيحية. فكيف يمكنه اذا وصل ان يحكم وزعماء طائفته بعيدون عنه؟ ان المنظومة لا تفكر بهذا الامر بل كل همها وصول رئيس يخدم مصالحها، حتى ولو تناقضت مع المصلحة الوطنية. فالشعب في نظرها مجرد ارقام لا قيمة له، واحصاءات تحددها المنظومة، دون ان تستند الى اي عمل رسمي وجدي. لذلك كله فان التوصل الى اتفاق اصبح مستحيلاً.
وسط هذا الجو الشديد السواد تحول لبنان الى دولة فاشلة وغير بعيدة ان تصبح مارقة، فيما المنظومة تقف متفرجة، وكأن الامر لا يعنيها وليس من صنع يديها، بفعل سياساتها الخاطئة التي دمرت كل شيء. هناك اسمان او ثلاثة قيد التداول، فلماذا لا ينزل النواب الى المجلس، ويعقدون جلسة مفتوحة على دورات عدة، يتم خلالها الاقتراع ومرة بعد اخرى، تجرى حوارات وتطرح اراء ويتم التوصل الى اتفاق وليفز من يفوز. فالمهم ان تراعى الاصول الديمقراطية. ولكن يبدو ان النية هي الاستغناء عن الرئيس. فهم يريدون الامور فالتة وسائرة الى مزيد من الانهيار. فالرئاسة الاولى يحكها الشغور منذ اربعة اشهر ونيف، والمجلس النيابي معطل، والحكومة مستقيلة وبالكاد قادرة على تصريف الاعمال، المؤسسات الادارية الرسمية مضربة منذ شهور ومصالح المواطنين ليس من يسأل عنها، والقضاء منقسم وليس بخير، والبطالة تعم البلاد والفقر والجوع يزحفان وبسرعة ليطاولا تسعين بالمئة من اللبنانيين. وهكذا وبعدما كان لبنان منارة الشرق، تحول الى دولة منهارة متروكة وقد يئس الجميع من سياسة هذه المنظومة التي اوصلت البلد الى هذه الفوضى؟
فالدولار دق ابواب المئة الف ليرة والدولة واقفة تتفرج. لقد شعر البنك المركزي اخيراً بحراجة الموقف فاعلن عن بيع الدولار على المنصة بسعر 70 الف ليرة. هذه السياسة الترقيعية سبق له ان استخدمها وكانت نتيجتها محدودة وموقتة اذ سرعان ما يستأنف الدولار تحليقه. ماذا فعلت الدولة؟ اقدمت على التسعير بالدولار، ومنذ اليوم الاول تبين انه قرار فاشل، لا بل يضرب مصلحة المواطن. ففي جولة على عدد من السوبرماركت تبين ان السلعة الواحدة ذاتها يختلف سعرها وبالدولار بين مركز تجاري واخر. فهل تعتقد وزارة الاقتصاد صاحبة المشروع انها قادرة على ضبط الجشع والطمع اللذين دمرا الانسان اللبناني؟ ثم من هم الذين صفقوا للقرار؟ انها الشركات المستوردة، والسوبرماركت والمحلات التجارية، فهي بدل التلاعب بالاسعار بالعملة الوطنية، اصبح التلاعب بالدولار وهذا ما يزيد الاعباء على المستهلكين الذين وصلت قدرتهم الشرائية الى الحضيض. وبذلك تكون الدولة قد ساعدت على ضرب المواطنين اكثر، وزاد الطين بلة رفع سعر الدولار الجمركي من 15 الف ليرة الى 45 الف ليرة. ثلاثة اضعاف دفعة واحدة. وعلى الرغم من محاولة اللامسؤولين التقليل من تأثير هذا القرار على بعض السلع والمواد الغذائية والدواء وغيرها، فان الواقع غير ذلك. ومنذ اللحظة الاولى بدأت الاسعار ترتفع وتشمل كل السلع ودون استثناء. فاين الرقابة وهل هي مؤمنة؟
في هذه الاجواء الملبدة بالويلات والمآسي ودع مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم المؤسسة التي خدمها بكفاءة وكانت له اياد بيضاء في قضايا عدة نظراً لصداقاته الخارجية الواسعة. ولكنه لم يودع العمل في القطاع العام، بل اعلن انه سينتقل الى السياسة. ولما سئل ان كان سيترشح للانتخابات اجاب: بعد بكير. هناك ثلاث سنوات ونصف تفصلنا عن الموعد. ولكن تردد ان اللواء ابراهيم سينصرف الى تكوين تيار مستقل يكون منطلقاً لحياته السياسية الجديدة.
لبنان في مأزق حرج جداً، وهو على وشك التفكك نهائياً، فهل من يد مخلصة تمتد لتنتشله من جهنم التي اوقعوه فيها، ام يترك فيتفكك الى مجموعات كل واحدة في زاوية، وهذا ربما ما تخطط له المنظومة. ويبقى الامل الوحيد للبنانيين الاستعانة بالعزة الالهية وحدها القادرة على اعادته الى السكة الصحيحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق