سياسة لبنانيةلبنانيات

الحملات السياسية المتبادلة هي انتخابية شعبوية ولا علاقة لها بالواقع فحذار الانقياد خلفها

كلما اقترب موعد الانتخابات التشريعية، كلما زاد الجو السياسي سخونة، واشتعلت الحملات الاعلامية والسياسية وتبادل الاتهامات، ورغم ذلك ورغم تأكيدات المسؤولين الكلامية، لا يزال الجو ضبابياً، ومن غير المؤكد بعد ان هذا الاستحقاق المصيري هذه المرة، سيتجاوز كل العراقيل التي يضعها البعض في طريقه، ويجرى في موعده. هذه الحملات تحمل طابعاً انتخابياً شعبوياً، اكثر منه حقيقة واقعة. ليس لان المنظومة منزهة عن العيوب ولا يجوز توجيه التهم اليها، بل لانها متساوية في ارتكاب المعاصي. ومن يجد في نفسه النظافة والشفافية فليتفضل ويبرز على الساحة ويقول كل ما عنده. لذلك فان هذه الحملات باتت مكشوفة الاهداف ولم يعد احد من الناس يهتم بها، او يؤخذ بصدق مطلقيها.
وكأن ليس في البلاد ازمة رغيف، وازمة اسعار نارية طاولت المحروقات وتمددت تأثيراتها على كل السلع الغذائية، فان الطبقة السياسية منشغلة اليوم بـ «الميغاسنتر» ولم يعد لها من شاغل سواها، ليس لاهميتها، بل لاستخدامها ذريعة لنسف الانتخابات. فتعمد الحكومة الى تأجيلها ومن ثم الى الغائها عبر التمديد للمجلس النيابي الحالي من موعد الى اخر، وللبنانيين تجارب سابقة في هذا المجال. ان تأجيل الانتخابات سيوجه ضربة قاضية الى لبنان، اذ انه سيفقد كل الاهتمامات الدولية به، خصوصاً وان العالم منشغل اليوم بالحرب الروسية على اوكرانيا، وما لها من انعكاسات تطاول النظام العالمي ككل. ثم ان هناك مواضيع اهم من الميغاسنتر تتعلق بالانتخابات، مثل اشراك المرأة في هذا الاستحقاق، عبر اقرار الكوتا التي يتحدثون عنها في كل مكان وفي كل مناسبة، ولكنها عصية على التنفيذ. ذلك ان المنظومة لا تريد ان يشاركها احد في استغلال مكاسب هذا القطاع والتحكم بالناس وبالبلاد من خلاله. فهل تشتعل الحرب السياسية اكثر، خلال الايام المقبلة؟ وهل يقتنع الجميع انه يمكن صرف النظر عن الميغاسنتر من اجل تسهيل الوصول الى الانتخابات بسلام؟
والحكومة وهي جزء من هذه المنظومة وتمثلها، تشارك في البزار السياسي، مع ان امامها قضايا اهم واخطر يجب ان تحتل الاولوية في سلم اهتماماتها، وليس اقلها كيفية تأمين القمح والطحين، قبل ان تصطدم بالحائط المسدود. وعليها ان تهتم بمعالجة الاسعار التي فاقت كل التوقعات، ويساهم الجشعون والمحتكرون والمهربون في تأجيج نارها، حتى كفر الشعب بهذه الحكومة وبهذه الطبقة السياسية ككل، التي اوصلت البلاد الى ما هي عليه اليوم من اهتراء وتخبط وانهيار.
وتشن الوزارات المعنية الحملات الاعلامية وتتحدث عن مداهمات وكشف مخالفات قاتلة وغير ذلك، الا ان النتيجة واحدة، وهي ان الاسعار تلتهب يوماً بعد يوم على رفوف السوبرماركت، وقد اختفت بعض الاصناف التي ادخلوها في حرب روسيا على اوكرانيا. لقد يصح فينا المثل القائل: «ان الازمة تحبل في الصين وتلد في لبنان». لماذا؟ لان عندنا طبقة سياسية ليست على قدر المسؤولية. تخلت عن مسؤولياتها وانصرفت الى الاهتمام بمصالحها، بعيداً عن مصلحة الشعب. وهذا كان السبب الاساسي في وصول البلاد الى الانهيار. لذلك كان هذا الاهتمام هذه المرة بالانتخابات النيابية. فان استعاد الشعب وعيه وفكر ولو لحظة الى اين اوصلته هذه الطبقة اللامسؤولة، لاقدم باندفاع ناشداً التغيير، متجاوزاً كل المغريات والتهديدات، وعندها يحصل التغيير شرط ان يعرف المواطن كيف يختار ومن يختار. فقبل كل شيء يجب الا يكون للمرشحين اي علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالمنظومة، والا فسدت الامور وجاءت النتائج عكسية. لبنان بحاجة الى رجال او نساء ذوي او ذوات علم وثقافة، يتمتعون بنظافة الكف والنزاهة، واضعين نصب اعينهم مصلحة البلد والنهوض به. وعندها فقط تستقيم الاوضاع. فهل نحن فاعلون؟ وهل ننزع عنا عباءة التبعية والاستزلام لزعيم لا يفكر الا بمصلحته. ويتذكر ناخبيه في فترة قصيرة كل اربع سنوات على بعد ايام من الانتخابات. الامل كبير فلا تخيبوه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق