سياسة لبنانيةلبنانيات

تلاقى اهل السلطة في المجلس النيابي والحكومة على التعطيل فطارت الانتخابات البلدية

في وقت تسير المنطقة كلها نحو الاستقرار، من ايران الى المملكة العربية السعودية، التي يزورها حالياً وفد ايراني تحضيراً لاعادة فتح السفارتين بينهما، وفي وقت يزور وزير خارجية سوريا الرياض، حيث سيعقد اجتماع غداً بدعوة من مجلس التعاون الخليجي تحضره مصر والاردن والعراق باستثناء لبنان، وفي وقت يزور وزير خارجية مصر انقرة، فان لبنان وحده هو خارج هذه المسيرة، اذ في كل يوم تمعن المنظومة المتحكمة به في ضربه وتدميره، وفي كل يوم تبعده عن الخط السلمي القائم. فبالامس جاء من يستغل تقاعس السلطة فيستبيح ارض الجنوب ويطلق منها الصواريخ على المستوطنات الاسرائيلية، معرضاً البلد لحرب لا قدرة له على تحملها، في ظل الازمات المتراكمة والتي بات حلها اكبر من الجالسين على كراسي الحكم، وقد فشل الشعب في ازاحتهم حتى الساعة.
والضربة الجديدة التي تلقاها لبنان جاءت من مشاركة لافتة بين المجلس النيابي والحكومة على التعطيل. فقد دعيت اللجان النيابية الى جلسة قيل انها لتمويل الانتخابات البلدية، ولم يحضر الجلسة الوزراء المعنيون لان رئيس الحكومة استدعاهم الى اجتماع قيل انه لبحث الوضع المالي، وقبل ان تنطلق النقاشات في اللجان، طارت الانتخابات البلدية ولحقت بانتخاب رئيس للجمهورية. فظهر من يقترح التمديد للبلديات، وهي اصلاً يعتريها الوهن وعدد كبير منها مفكك ومنحل، وتفاوتت الاقتراحات بين التمديد سنة، وستة اشهر، الى ان انبرى نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب وقدم في نهاية الجلسة مشروع قانون معجل بمادة وحيدة، يقضي بالتمديد للمجالس البلدية والاختيارية اربعة اشهر حتى الثلاثين من ايلول المقبل، مع العلم ان البلديات الحالية ممدد لها منذ ايار 2022. ولاقاه رئيس المجلس فدعا هيئة مكتب المجلس الى اجتماع يعقد بعد ظهر اليوم في عين التينة، لوضع جدول اعمال لجلسة نيابية تشريعية يقر خلالها التمديد للبلديات. وقد تردد انه سيكون لسنة كاملة، فهل يتأمن النصاب لهذه الجلسة؟ المعلومات تشير الى ان العدد اللازم سيكتمل، لان الجميع متفقون على تطيير الانتخابات البلدية اسوة بالانتخابات الرئاسية، ودفع لبنان الى المجهول. فالى متى ستستمر هذه السياسة المدمرة، ولماذا الهروب دائماً من المسؤوليات وتعريض البلد والمواطنين لاسوأ وضع وصلوا اليه منذ الحرب العالمية؟
في هذا الوقت عيون الخارج ترقب ما يجري وهناك حديث عن ان الاجتماع الخماسي الذي عقد في باريس من اجل لبنان، سيتكرر في الرياض قريباً وقد يعقد هذه المرة على مستوى وزراء الخارجية فهل تتوصل هذه الدول الى حل يخرج بلدنا مما يتخبط فيه بفضل المسؤولين عنه؟ البعض يتخوف خصوصاً من الموقف الفرنسي الذي لا يزال متمسكاً بالاقتراح الذي قدمه، وهو سليمان فرنجية للرئاسة ونواف سلام لرئاسة الحكومة. وهذا ما ترفضه المعارضة والاحزاب المسيحية كلها، وقد دلت التجارب على فشل مثل هذه التركيبة من خلال الرئيس عون للرئاسة وسعد الحريري للحكومة وكيف انتهى الاتفاق.
باختصار ان كل ما يجري يوحي بان الحل لا يمكن ان يكون لصالح البلد، الا اذا كان الداخل مقتنعاً بذلك. فالدول الصديقة التي طالما وقفت الى جانب لبنان وساعدته، يكون تدخلها مفيداً شرط ان يلاقيها الداخل بنوايا صافية، فيتخلى السياسيون عن انانياتهم ويضعون مصالحهم جانباً ريثما يستعيد عافيته، وهذا ما ليس ظاهراً، لان المنظومة التي عملت على افقار الناس وتجويعهم حفاظاً على صفقاتها ومكاسبها وكراسيها، من غير المعقول ان تتخلى عن هذه السياسة، ويبقى الحل في ازاحة هذه الطبقة السياسية كلياً، وهنا يكون التدخل الخارجي الذي تهمه مصلحة لبنان مفيداً للبنانيين، على ان يتماشى مع تحرك شعبي فاعل وصادق، يكون بعيداً عن المنظومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق