سياسة لبنانية

معركة التمديد لقائد الجيش

للمرة الثانية في غضون سنتين تفتح معركة التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي… المرة الأولى صيف 2013 وكانت من مقدمات معركة رئاسة الجمهورية… والمرة الثانية اليوم وهي جزء من معركة الرئاسة ومستلزماتها…
في العام 2013 أعلن العماد ميشال عون موقفه الرافض للتمديد لقائد الجيش وكان وحده في هذا الموقف، ولم يسعفه الظرف السياسي والحكومي آنذاك: حكومة تصريف الأعمال لم يكن في وسعها تعيين قائد جديد للجيش، والحلفاء بمن فيهم حزب الله كان لهم رأي آخر… اليوم يرى عون أن هناك حكومة تجتمع وتقرر وآخر قراراتها كان تعيين لجنة الرقابة على المصارف ورئيسها المحسوب على تيار المستقبل، وأن هناك إمكانية تعيين قائد جديد للجيش ومدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي…
العماد عون عندما أشار في كلمته الى أنه ليس في وارد تكرار غلطة الدوحة كان يقصد العماد قهوجي وعدم تكرار تجربة انتخاب قائد الجيش رئيساً توافقياً. وأما رأيه في رفض التمديد لقائد الجيش فإنه يرتكز الى النقاط الآتية:
1- الأصول تقتضي تعيين ضابطين جديدين في قيادتي الجيش وقوى الأمن عند انتهاء ولاية من يشغلهما حالياً، والمسألة هنا مبدئية تماماً ولا علاقة لها بالأسماء… الخلفية المبدئية الرافضة للتمديد بشكل عام في مختلف المواقع، وخصوصاً التمديد الانتقائي لضابط دون غيره، وهناك سبب سياسي برفض منح قهوجي جوائز ترضية لحثه على القيام بواجباته، سواء عبر التمديد له في قيادة الجيش أو وعده برئاسة الجمهورية.
2- أي تمديد إضافي ينطوي على خرق فادح وفاضح للقانون، وقرار بحجم تمديد عمل قائد الجيش أو مدير عام قوى الأمن الداخلي ليس من صلاحية وزيري الدفاع والداخلية حصراً، بل هو شأن يخص الحكومة التي يعود لها وحدها الحق في أن تقرر التمديد من عدمه. وفي حال وجود ضرورة قصوى، رفع سن التقاعد لجميع الضباط عبر تشريع يُقرّ في مجلس النواب، بدل التمديد عبر قرارات وزارية لضباط دون غيرهم، وإدخال الضباط بالتالي في معمعة الاستجداء والمحسوبيات.
3- الحكومة الحالية التي تضم معظم الأطراف الداخلية قادرة، وبرغم غياب رئيس الجمهورية، على تعيين قائد للجيش ومدير عام للأمن الداخلي… وانطلاق البعض من عدم وجود اتفاق على البديل للترويج بأنه بات لزاماً علينا التمديد، وكأن هناك من أصبح يستخدم الخلاف كذريعة لتبرير التمديد، هذا سلوك شديد الخطورة وهروب الى الأمام.
وبانتظار جلاء موقف حزب الله الذي يولي المعركة المفتوحة ضد الإرهاب أولوية مطلقة، فإن موقف كل من بري والحريري يميل الى التمديد للعماد قهوجي إلا في حالة واحدة هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل الصيف المقبل… ويستند هذا الرأي المؤيد للتمديد الى الاعتبارات الآتية:
– الظروف والأوضاع التي دفعت الى التمديد الأول ما زالت قائمة، لا بل زادت «استثنائية وصعوبة». قبل سنتين لم تكن هناك حرب مفتوحة ضد الإرهاب.
– الظروف السياسية أيضاً زادت سوءاً. قبل عامين كان هناك فراغ حكومي (حكومة تصريف أعمال)، واليوم هناك فراغ رئاسي. أليس هذا وحده سبباً كافياً لصرف النظر عن تعيين قائد جديد للجيش على يد الحكومة الحالية والسلطة التنفيذية الفاقدة لأحد رأسيها وتعاني اختلالاً في التوازن؟ خصوصاً أن في نظامنا الطائفي تقضي التقاليد والأعراف أن يكون لرئيس الجمهورية الماروني الكلمة الأولى في تعيين قائد الجيش. ومن غير الطبيعي وغير المنطقي أن تعيّن «حكومة الفراغ» قائداً جديداً للجيش وتفرضه على الرئيس الجديد الذي يعود له حق اختيار فريق عهده وعمله وعلى رأسهم قائد الجيش.
– الحكومة المبنية على توازن سياسي دقيق لا تقدر أو يصعب عليها الاتفاق على قائد جديد للجيش… وعدم الاتفاق يعني خطر السقوط في الفراغ على مستوى قيادة المؤسسة العسكرية، وهذا الفراغ لا يحتمله البلد والوضع الأمني ولا يحتمله المسيحيون أيضاً، إذ يكفيهم الفراغ الرئاسي على مستوى قمة السلطة السياسية ليتجرعوا كأس الفراغ الثاني على مستوى قمة السلطة العسكرية…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق