سياسة لبنانية

هل من علاقة بين انتخابات الرئاسة و«الاتفاق النووي»؟!

يرصد المتابعون في لبنان توقيع الاتفاق الأميركي – الإيراني في النصف الأخير من الشهر الجاري كأحد المواعيد المفصلية التي على أساسها يمكن تتبع التأثيرات الإقليمية على لبنان من الآن فصاعداً، لأن المنطقة في رأي البعض مقبلة على أنماط جديدة من المواجهات مختلفة المعايير عما كانت عليه الحال حتى اليوم. وموعد توقيع الاتفاق سيؤشر إما الى تطبيع تقاسم «النفوذ حبياً» أو الذهاب الى مواجهات أكثر دموية، في مناطق التقاطعات التي يشكل لبنان ساحة أساسية بقيت حتى الآن في الحد الأدنى الأمني مضبوطة. وفي الشأن السياسي تعوّل مراجع على أن يحمل شهر نيسان (ابريل) المقبل انفراجاً في الأزمة الرئاسية، متوقعة أن يحمل ملف المفاوضات النووية في جلسته المرتقبة نهاية الشهر الحالي نتائج تحقق اختراقاً في الملف اللبناني يؤدي الى تسهيل انتخاب الرئيس.
وفي هذا الإطار، أطلق سفير دولة كبرى معتمد لدى لبنان صفة «النووي» على رئيس الجمهورية المنتظر انتخابه، وذلك أمام رئيس كتلة نيابية وازنة ومؤثرة في العملية الانتخابية ثم شرح المقصود بهذا التشبيه، فقال إن الانتخاب سيتحقق بعد ولادة الاتفاق النووي بين الدول الخمس زائد واحد وايران، لافتاً الى أن المعلومات التي تلقاها عن نتيجة محادثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري في باريس مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس ومع وزراء بريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، مؤداها أن بلاده لن تتدخل للتعجيل في انتخاب الرئيس في لبنان قبل الأسابيع المقبلة التي يعترف بأنها ستكون «محرجة» لإنجاز الاتفاق النووي .
ويوافق النائب وليد جنبلاط على النظرية القائلة بأن حصول تفاهم نووي بين طهران وواشنطن قد يسهّل حصول توافق حول انتخاب رئيس الجمهورية، مضيفاً: ما دامت التسوية الإقليمية – الدولية غائبة، فلماذا يتخلى السيد حسن نصرالله عن دعم العماد ميشال عون؟ ليس هناك ما يدفعه الى ذلك. والى حين نضوج اللحظة الخارجية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، يدعو جنبلاط الى «التعايش مع واقع الشغور بالتي هي أحسن، وتحسين شروط إدارة الأزمة، عبر تفعيل العمل الحكومي والاهتمام بالقضايا المعيشية، وتخفيض السقوف المرتفعة، والتعامل ببراغماتية مع القضايا الخلافية الكبرى».
في المقابل، تسخر أوساط سياسية من توقعات البعض واعتقادهم بأن رئيس الجمهورية سوف ينتخب فور حصول الاتفاق النووي، وتقول إن لا علاقة للملف النووي الإيراني بانتخابات الرئاسة اللبنانية، فضلاً عن أن لبنان ليس أولوية الآن لدى العواصم الإقليمية والدولية التي تهتم به حاليا في نواح أخرى، وأن إنجاز استحقاقه الرئاسي قد يكون مرهوناً بحصول بعض التقدم في اتجاه التسويات المطروحة للأزمات الاقليمية، والتي لا تزال مرهونة بنتائج المعارك الدائرة في ميادين هذه الأزمات.
وفي رأي أصحاب هذا الرأي أن الأولوية السياسية في الحسابات الدولية واستطراداً المحلية يتركز في محورين: الاستقرار الأمني ولو في الحد الأدنى، من خلال توفير الدعم الكامل للجيش والمؤسسات الأمنية، والاستقرار في شقه السياسي عبر دعم الحكومة التي تمثل السلطة الشرعية في البلاد، حتى لو تحولت الى تصريف الأعمال كما بدا من جلستها الأخيرة، وخلافاً للأجواء التي حرص الوزراء على إشاعتها التزاماً لمناخ التهدئة والتفعيل.
وفي هذا السياق، تقول مراجع بارزة إنه لن يكون للبنان رئيس قبل أن يتبلور المشروع الإقليمي الذي سيبلور بدوره موقع لبنان فيه، مضيفة أن الأفق الخارجي لا يزال غير واضح بالنسبة الى لبنان. أما أبرز المؤشرات التي تعزز الانطباع بأن دخول البلاد مرحلة الاستحقاق لا يعني بالضرورة حصوله، بل إن الشغور قد يمتد أشهراً إضافية قبل أن تتضح ملامح التسوية الخارجية، فهو تضافر الجهود المحلية والدولية بغية إنعاش الحكومة وإخراجها من حالة الموت السريري الذي تعرضت له في الأسبوعين الأخيرين. إذ كان لافتاً أن حل الأزمة التي واجهتها الحكومة تم بسلاسة غير معهودة من الأطراف كافة، لإدراك الجميع أن «الستاتيكو» الراهن باق والى أمد غير منظور. وهنا ينقل عن مقربين من الرئيس تمام سلام سألوه أخيراً عما إذا كان عمر الحكومة «يحرز» أن يخوض معركة محاولة تغيير آلية عملها، فأجابهم «معلوماتي بأن الحكومة باقية ربما الى ما بعد سنة ونصف سنة من الآن».
وتحت عنوان الاقتناع بأن حل الملف الرئاسي ليس قريباً يندرج أيضاً حرص حزب الله وتيار المستقبل على إحاطة حوارهما بكل العناية اللازمة وعلى عزله عن كل ما يمكن أن يؤثر فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق